الحظر السوداني يهدّد صادرات مصر الزراعية... ومساعٍ لاحتواء الأزمة

الحظر السوداني يهدّد صادرات مصر الزراعية... ومساعٍ لاحتواء الأزمة

02 يونيو 2017
ضربات عديدة تلقتها صادرات مصر (Getty)
+ الخط -
تفاقمت أزمة الصادرات المصرية بعد قرار الحكومة السودانية حظر استيراد السلع الزراعية والحيوانية من مصر، مما يهدّد بتداعيات سلبية على اقتصاد البلاد المتأزم. ويعدّ السودان من أكبر المستوردين للسلع الزراعية من مصر، كما أن منتجات عدد من البلاد العربية تمر عبر الأراضي المصرية إلى السودان.
وأعلنت السلطات السودانية، الثلاثاء الماضي، حظر دخول السلع المصرية الزراعية والحيوانية إلى بلادها، وفرضت على أصحاب العمل استيراد السلع مباشرة من المنشأ، دون عبورها بمصر.
وأكد مصدرون مصريون، لـ "العربي الجديد"، أن قرار الحظر السوداني سيؤدي إلى خفض صادرات السلع الزراعية المصرية، كما أنه سينعكس سلباً على إيرادات الصادرات بشكل عام، مما يتسبب في تقليص موارد النقد الأجنبي للبلاد. وأوضح بعضهم أن الأمر لا يخلو من تأثيرات التوترات السياسية على العلاقات التجارية بين البلدين.
وتصاعدت الخلافات بين مصر والسودان في الأشهر القليلة الماضية بشأن عدة قضايا بدءاً من أراض متنازع عليها في جنوب مصر (حلايب وشلاتين)، وانتهاء بقيود تجارية وشروط خاصة بتأشيرات السفر مما أدى إلى توترات بالعلاقات بين البلدين.

سمعة الصادرات
أشار مصدرون إلى أن انتشار ظاهرة ري المحاصيل الزراعية بمياه الصرف الصحي، وغياب الرقابة على استخدام المبيدات، ونقص معامل متبقيات المبيدات في مصر، أثرت سلباً على صادرات المنتجات الزراعية للأسواق العربية بصفة عامة والسودانية تحديداً.
وفي هذا السياق، قال رئيس المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، عبد الحميد الدمرداش، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إن قرار السودان بشأن حظر استيراد السلع الزراعية المصرية والحيوانية، يؤثر سلباً على سمعة الصادرات المصرية في الأسواق الخارجية، لافتا إلى أن القرار قد يدفع بعض الدول الأجنبية عموماً والعربية خصوصاً لاتخاذ إجراءات متشددة إزاء المنتجات المصدرة من جانب الشركات المصرية مما يؤثر سلبا على صادرات السلع الغذائية.
وتوقع الدمرداش تراجع إجمالي الصادرات الزراعية المصرية بنسبة من 2% إلى 4% تأثراً بالحظر السوداني، لافتا إلى أن الدول العربية تستحوذ على النصيب الأكبر من صادرات المنتجات الزراعية، وهذه الدول بدأت في تطبيق معايير سلامة الغذاء وفقا للمواصفات الأوروبية بعد أن كانت لا تهتم بهذا المجال.
وتابع: "باتت الأسواق العربية أكثر تحفظاً إزاء السلع الزراعية المصرية متأثرة بالتقارير المحلية، التي تم تداولها مؤخرا وكشفت عن استخدام مياه الصرف الصحي في عمليات الري للمحاصيل الزراعية بصفة عامة، والخضروات والفاكهة بصفة خاصة".


منظومة جديدة
وأعلنت مصر، أخيراً، عن منظومة جديدة خاصة بفحص ومتابعة الصادرات المصرية من الخضر والفاكهة الطازجة تتضمن تحديد المبيدات المسموح بها ونسبتها، والفترة بين رش المبيد وحصاد المحصول، وفحص المنتجات قبل تصديرها.

ومن جانبه قال مصدر مسؤول بإدارة الحجر الزراعي المصري، لـ "العربي الجديد"، إن كافة التقارير المعملية أكدت خلو الصادرات المصرية الزراعية من مسببات الكوليرا بعكس ما جاء في تقارير دولة السودان.
وأشار المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، إلى أن هناك اتصالات تتم منذ صدور هذا القرار لمعرفة دواعي اتخاذه مجددا، خاصة وأن كافة تلك التقارير والتحاليل المختبرية تم عرضها على الجانب السوداني خلال الفترة الماضية.
وتابع المسؤول: نأمل في إنهاء تلك الأزمة، خاصة أن السوق السودانية تعد من أكبر مستوردي الحاصلات الزراعية من مصر.

جهود احتواء الأزمة
وتسعى الحكومة المصرية إلى احتواء الأزمة عبر العديد من الإجراءات، منها تشكيل لجان مشتركة مع السودان. وفي هذا السياق، قال رئيس المجلس التصديري للحاصلات الزراعية إن المجلس عمل على احتواء الأزمات التي انطلقت الشهر الماضي، بحظر عدد من الدول العربية صادراتها لمصر من خلال صدور قرارات تنظيمية من قبل وزارة التجارة والصناعة المصرية، ووجود رقابة صارمة على صادرات مصر من السلع الغذائية لتلك الدول.
وكانت الإمارات والسعودية والكويت والأردن قد حظرت، في أوقات سابقة، دخول سلع زراعية لوجود متبقيات مبيدات بها وأسباب أخرى. وقال رئيس المجلس التصديري: بالفعل نأمل في احتواء تلك المشاكل، خاصة أن صادرات مصر الزراعية تكاد تقترب من ملياري دولار سنويا، الأمر الذي يسهم في توفير مصادر دخل أجنبية.
وأكد أن المجلس سيعد وفدا رفيع المستوى للسفر إلى السودان لاستكمال المفاوضات الخاصة بإنهاء الحظر واستئناف الصادرات.

توترات سياسية
من ناحيته، قال عضو في مجلس إدارة غرفة القاهرة التجارية، سامح زكي، لـ "العربي الجديد" إن توسيع السودان لدائرة الحظر المفروض على المنتجات الزراعية المصرية ليشمل المنتجات من أصل حيواني وأهمها الجبن، أمر مثير للدهشة في ظل عدم ضبط أي منتجات مصرية غير صالحة للاستهلاك الآدمي، موضحا أن القرار الأخير سيؤثر سلبا على صادرات الحاصلات الزراعية والصناعات الغذائية المصرية.
وفي المقابل ربط مصدر مسؤول بالمجلس التصديري للحاصلات الزراعية، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، بين القرار السوداني وبين تدهور العلاقات بين مصر والسودان، والذي وصل قمته في الاتهامات التي وجهها الرئيس السوداني عمر البشير إلى القاهرة، بتزويد المتمردين بمدرعات مصرية خلال هجوم على مناطق مختلفة في دارفور.
وأكد المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن القرار السوداني "سياسي" لافتاً إلى أنه شمل كافة السلع الزراعية والمنتجات الحيوانية ذات المنشأ المصري، مع العلم بأن نفس المنتجات يتم تصديرها للعديد من دول العالم ولا توجد شكاوى منها، مشيرا إلى أن قراراً مماثلاً بحظر سلع غذائية مصرية صدر من الخرطوم منذ عدة أشهر.
وأصدر المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، في مارس/ آذار الماضي، تقريراً عن إجمالي الصادرات الزراعية المصرية، مؤكدًا أنها بلغت 3.5 ملايين طن بقيمة 2.1 مليار دولار خلال الموسم التصديري الأخير، وإذا تمت إضافة التصنيع الزراعي تصل الصادرات إلى نحو 4.8 مليارات دولار.
وقال التقرير إن قرار الحظر المفروض من السودان "غامض"، وليس له أي أساس فني سليم، موضحا أنه تمت مخاطبة الخرطوم عن طريق وزارة التجارة لموافاتها بأي شحنات زراعية مصرية مخالفة للاشتراطات السودانية، ولم يتم الرد.
وأضاف التقرير: "تمت إثارة هذا الموضوع من جانب الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الرئيس السوداني عمر البشير خلال زيارته لمصر، ولم تتم الاستجابة للطلب المصري برفع الحظر".

المساهمون