أسواق الرحمة... ملاذ الجزائريين في رمضان

أسواق الرحمة... ملاذ الجزائريين في رمضان

15 يونيو 2017
مطالب باستمرار أسواق الرحمة طيلة السنة (فاروق باطيش/فرانس برس)
+ الخط -

تعرف أسواق الغلابة أو ما يعرف في الجزائر بـ "أسواق الرحمة" إقبالاً كبيراً من طرف الجزائريين، الذين دفعتهم نيران الغلاء إلى هذه المساحات بحثا عن المواد الغذائية واسعة الاستهلاك التي تعرض فيها بأسعار منخفضة مقارنة بالأسواق الحرة، فيما يرى ممثلو التجار وحتى المستهلكون أن هذه المبادرات تبقى استثناء رمضانيا ينتهي مفعوله بنهاية الشهر الكريم. 

وتعد أسواق الرحمة من بين الإجراءات التي تتخذها وزارة التجارة الجزائرية عشية حلول رمضان من كل سنة، والتي تهدف من خلالها إلى توفير مختلف المواد الاستهلاكية المنتجة محليا بكمية كبيرة، وبأسعار تنافسية، لمواجهة ارتفاع الأسعار وعمليات المضاربة التي تشهدها مختلف الأسواق في هذا الشهر من كل عام.

وتتميز هذه الأسواق بميزتين أساسيتين حسب خوجة تواتي، مسؤول تنظيم الأسواق التجارية والنشاطات المرخصة بوزارة التجارة، الميزة الأولى هي غياب الوسطاء، أي أن السلع يعرضها المنتِج أو المُصنع أو المزارع مباشرة على المستهلك وبالتالي يختزل السلسلة في حلقتين فقط ما يساعد على التحكم في الأسعار، أما الميزة الثانية فهي تسقيف هوامش الربح التي لا تتعدى في أقصى الأحوال 10%، وذلك بمراقبة الفواتير قبل وبعد البيع.

ويتم احتساب هامش الربح على أساس السعر الذي يخرج به المنتج من المصنع أو المزرعة دون احتساب الرسم على القيمة المضافة الذي يدفعه المستهلك.

وأضاف تواتي، لـ "العربي الجديد"، أن وزارة التجارة رخصت لفتح 70 سوق رحمة في الدولة، يستفيد من العرض فيها كل شركة محلية أو أجنبية ناشطة في الجزائر، كما يمكن للحرفيين والتجار الأحرار عرض سلعهم شرط أن يكون عليها وسم "صنع في الجزائر". ولا يدفع العارضون أي مصاريف أثناء إقامة الأسواق التي تغلق أبوابها في اليوم الأخير من شهر رمضان.

وخلال زيارة ميدانية قادت "العربي الجديد" لأكبر "سوق رحمة" في البلاد، وهي السوق الكائنة بمقر الاتحاد العام للعمال الجزائريين بساحة "أول مايو" وسط العاصمة، التي تعرف إقبالا كبيرا من طرف سكان العاصمة، بدا العملاء منقسمون بين مؤيد للسوق وبين منتقدٍ للخيارات المحدودة التي يلقاها المستهلك.

وحسب الأسعار المعلن عنها، فإن الفارق بينها وبين الأسعار خارج أسواق الرحمة يبلغ بين 10 دنانير و50 دينارا، كما هو الحال بالنسبة لزيت المائدة الذي بلغ سعر الوحدة الواحدة ذات سعة 5 لترات 500 دينار (4.54 دولارات) مقابل 550 دينارا (5 دولارات) في الأسواق التجارية الأخرى.

ويقول بدر الدين لطرش -متقاعد- لـ "العربي الجديد" إنه اعتاد القدوم إلى سوق الرحمة في ساحة أول مايو منذ بداية رمضان، بفضل الأسعار المنخفضة نوعا ما مقارنة بأسعار الأسواق الأخرى، حيث يوفر من 10 إلى 50 وأحيانا حتى 60 دينارا في المنتج الواحد.

وبالرغم من الأسعار المنخفضة والتي يصعب نكرانها حسب ربيع بوشعير، وهو مساعد أمن في شركة خاصة، إلا أن النقطة السوداء التي يشتكي منها هو وغيره من مرتادي السوق هي محدودية الخيارات.

ويقول ربيع لـ "العربي الجديد": "تعدد الخيارات ليس مطروحا بالنسبة للخضر والفواكه واللحوم، لكن بالنسبة للمواد الغذائية نجد أن الخيارات محدودة كما هو شأن الأجبان حيث نجد نوعين فقط، ونوعين أيضا للعصائر والمشروبات الغازية ونوعا واحدا لطماطم المصبرة (صلصة الطماطم) ربما لا تفضلها كل العائلات الجزائرية".

وحول هذه النقطة، يقول رئيس الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، صالح صويلح، إن محدودية العرض من حيث النوع وليس الكم تتحملها الحكومة التي لم تروج كما يجب لأسواق الرحمة، إذ اشتكى كثير من المصنعين وحتى المزارعين من أن المديريات الجهوية للتجارة لم تتصل بهم من أجل الترويج للأسواق.

وأضاف صويلح أن "أسواق الزوالية (الغلابة باللهجة الجزائرية) وإن كانت من حيث المبدأ شيئا إيجابيا، إلا أننا نطالب بتعميم هذا الإجراء ليشمل كل أيام السنة حتى نكبح المضاربة".

وتابع قائلا: "يجب فتح أسواق أخرى، فإذا تكلمنا عن 70 سوقا لتغطية أكثر من مليوني كيلومتر مربع (مساحة الجزائر) بمعدل سوق وربع لكل محافظة من محافظات الجزائر الـ 48، فهذا رقم ضئيل للغاية يجب مضاعفته على الأقل كمرحلة أولى، حتى نحقق مبدأ تكافؤ الفرص أمام العارضين والمستهلكين".

وعلى نفس الطريق سارت الفدرالية الجزائرية لحماية المستهلك التي رحبت بأسواق الرحمة بالرغم من إيمانها بأن كبح المضاربة وغلاء الأسعار ليست قضية مؤقتة مرتبطة الزمان والمكان.

وقال رئيس الفدرالية حريز زكي لـ "العربي الجديد" إن حماية القدرة الاستهلاكية للمواطن ليست غاية محددة بالزمان، أي خلال الشهر الفضيل، بل هي الغاية الأولى لأي حكومة في العالم على مدار أيام السنة وعلى طول سنين.

المساهمون