قطر تطمئن الأسواق: الاقتصاد قادر على المواجهة

قطر تطمئن الأسواق: الاقتصاد قادر على المواجهة

13 يونيو 2017
استقرار المعاملات المصرفية (Getty)
+ الخط -

جاءت تصريحات وزير المالية القطري، علي شريف العمادي أمس، حول قدرة بلاده على مواجهة الأزمة والحصار والدفاع عن الاقتصاد والعملة لتطمئن الأسواق والمستثمرين في قطر.

إذ أكد رجال أعمال ومحللون ماليون قطريون لـ"العربي الجديد" أن تماسك وقوة المؤسسات الاقتصادية ومرونة الخطط الحكومية والبدائل التي اتجهت لها الدولة ساهمت في استقرار الأسواق المالية والتجارية وتوفير السلع الضرورية بنفس الأسعار، كما حافظت على قوة الريال رغم الضغوط التي تعرض لها. 

وقال وزير المالية القطري، في مقابلة مع محطة (سي.إن.بي.سي) التلفزيونية، أمس الإثنين، إن بإمكان بلاده الدفاع بسهولة عن اقتصادها وعملتها في مواجهة العقوبات التي فرضتها عليها دول عربية أخرى. وأضاف أن الدول التي فرضت عقوبات ستخسر أموالا أيضا بسبب الأضرار التي ستلحق بقطاع الأعمال في المنطقة.

وتابع: "كثيرون يعتقدون أننا الوحيدون الذين سنخسر في هذا، إذا خسرنا دولاراً سيخسرون هم أيضا دولاراً". وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات الدبلوماسية وسبل النقل مع قطر قبل أسبوع.

وأضاف العمادي أن قطاع الطاقة واقتصاد أكبر بلد مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم يعملان في الأساس على نحو طبيعي، وأنه لا يوجد أثر بالغ على إمدادات الغذاء أو أي سلع أخرى.

وتابع أن قطر بإمكانها استيراد سلع من تركيا والشرق الأقصى أو أوروبا، وإنها ستتفاعل مع الأزمة عبر تنويع اقتصادها أكثر.

وفي هذا السياق، قال نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر السابق، ورجل الأعمال القطري، عبد العزيز العمادي، لـ "العربي الجديد": إن قيام الحكومة بتنويع الاقتصاد ومصادر الدخل جعل البلاد قادرة على مواجهة أية أزمات، مشدّداً على أن علاقات قطر الاقتصادية قوية بمختلف دول العالم، وحان وقت جني ثمار الجهود التي بذلت في هذا الاتجاه.

وأضاف رجل الأعمال القطري، أن الأسواق التجارية شهدت استقراراً الأسبوع الذي أعقب الحصار السعودي الإماراتي، حيث توفرت السلع الضرورية للمواطنين والمقيمين بنفس الأسعار تقريباً وبجودة أعلى، من خلال التوسع في طرح المنتجات المحلية والبدائل المستوردة من تركيا والهند وغيرهما.

وأكد أنه لا توجد تداعيات كبيرة على مختلف القطاعات، حيث استطاع الاقتصاد امتصاص الأزمة، في ظل تحركات واعية من مختلف الوزارات والجهات المختصة والمستثمرين والتجّار.

وتعرض الريال القطري لضغوط في السوقين الفورية والآجلة للصرف الأجنبي، لكن العمادي قال إن هذا ليس أمرًا مثيرًا للقلق، وكذلك الانخفاض البالغ عشرة في المائة في سوق الأسهم المحلية.

وقال وزير المالية القطري، في تصريحاته أمس، "ما لدينا من احتياطيات وصناديق استثمار يمثل أكثر من 250 % من الناتج المحلي الإجمالي، لذا لا أعتقد أن هناك أي سبب يجعل الناس قلقين إزاء ما يحدث أو أي مضاربات على الريال القطري".

وردًا على سؤال عما إذا كانت قطر قد تحتاج إلى جمع أموال عبر بيع حصص في شركات غربية كبيرة يملكها صندوق الثروة السيادي، قال العمادي إن هذا ليس مطروحا في الوقت الحالي. وقال "نحن مرتاحون للغاية إزاء مراكزنا واستثماراتنا والسيولة في أنظمتنا".

وفي هذا الشأن، قال المحلل المالي أحمد ماهر، لـ"العربي الجديد"، إن قطر تعمل من خلال رؤية واضحة وخطط استراتيجية استثمرت من خلالها الإيرادات الضخمة التي جمعتها خلال سنوات ارتفاع أسعار النفط لأعلى مستوياته منذ عام 2008، قبل أن تنخفض أسعاره خلال العامين الماضيين، حيث تم إنشاء الصندوق السيادي الذي ضخ استثماراته في مختلف المجالات محلياً وإقليمياً ودولياً.

وأشار ماهر إلى حديث الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي أكد فيه أن قطر تستثمر وتحافظ على ثروات البلاد للأجيال المقبلة، موضحاً أن هذا يعكس الرؤية التي يعمل من خلالها الاقتصاد القطري، والتي تواصلت في عهد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

وتملك قطر أصولاً مالية تقدر بنحو 335 مليار دولار مجمعة في صندوق الثروة السيادي، الذي أنشأته الدوحة في 2005، إضافة إلى احتياطي من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي يبلغ 43.6 مليار دولار، وهي بذلك قادرة على تفادي أزمة اقتصادية لتوافر سيولة نقدية ضخمة لديها.

ويعد الاحتياطي النقدي كبيراً، بالنظر إلى عدد سكان الدولة البالغ مليونين و700 ألف، وفق وزارة التخطيط التنموي والإحصاء القطرية، في نهاية إبريل/نيسان.

وأكد ماهر أن الدولة ضخت استثمارات كبيرة في مجالات حيوية، ومنها الزراعة والتعدين والإنشاءات والفنادق والسيارات، ما جعل الاقتصاد أكثر قدرة على المقاومة في مثل هذه الأزمات.

وحول وضع البورصة القطرية، أكد ماهر أنه رغم تأثرها بالأزمة الخليجية، إلا أنها قادرة على تعويض الخسائر سريعاً في حالة الحصول على طمأنة من المسؤولين حول الأحداث، لأن أساسيات السوق قوية والشركات أداؤها جيد.

وأشار إلى أن في جلسة الخميس الماضي تحسن المؤشر بنحو 4% عقب زيارة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى الدوحة.

وأوضح أن المؤسسات القطرية شهدت إقبالاً على الشراء في ظل أسعار الأسهم المغرية والتي وصل بعضها إلى أقل سعر منذ عام 2014، مشيراً إلى أن الشركات القطرية اشترت أسهما بنحو 675 مليون ريال (الدولار = 3.65 ريالات) خلال الأسبوع الماضي، في حين اشترى الأفراد القطريون بنحو 135 مليون ريال خلال نفس الأسبوع.

وحسب المحلل المالي فإن المؤسسات الخليجية تأثرت بشكل أكبر بالأزمة، حيث تم بيع أسهم بنحو 536 مليون ريال الأسبوع الماضي، أما المؤسسات الأجنبية التي تمثل 4% من إجمالي سوق الدوحة للأوراق المالية فباعت بنحو 117 مليون ريال في الأسبوع الماضي.

وقال ماهر إن المستثمرين سيحصلون على عوائد جيدة في الاستثمار طويل الأجل، مشدّداً على أن نسبة من المستثمرين الذين تأثروا بالأزمة قليلة، في حين يواصل باقي المستثمرين ضخ أموالهم بشكل طبيعي، في ظل احتفاظ الاقتصاد القطري بقوته.

وتوقع البنك الدولي أن يتسارع نمو اقتصاد قطر إلى 3.3% في 2017، مقارنة بنسبة 2.9% في 2016، بدعم من تنفيذ مشاريع بقيمة 200 مليار دولار، لتحديث مرافق البنية التحتية، قبل استضافة كأس العالم لكرة القدم، وأيضاً بدء إنتاج مشروع برزان للغاز بطاقة 1.4 مليار قدم مكعبة يومياً في العام الحالي.

وقال البنك الدولي، في تقرير صادر في شهر إبريل/نيسان الماضي: "مع بداية استقرار الاستثمارات المتعلقة باستضافة بطولة كأس العالم، يتوقع أن يستقر معدل النمو تدريجياً عند نحو 2.5% في عام 2019".