المصريون لصندوق النقد الدولي.. ارحل يا فاشل

المصريون لصندوق النقد الدولي.. ارحل يا فاشل

09 مايو 2017
سياسات صندوق النقد رفعت الأسعار في مصر لمستويات قياسية(الاناضول)
+ الخط -



بدأت بعثة من صندوق النقد الدولي زيارة للقاهرة من يوم الأحد 1 مايو، ومن المقرر أن تغادر البعثة العاصمة المصرية مساء بعد غد الخميس، وربما يتم مد موعد الزيارة بضعة أيام بناء على طلب الحكومة المصرية.

ويبقى السؤال المستمر: وماذا بعد، هل نشهد مثلاً تحسناً في مؤشرات الاقتصاد المصري عقب انتهاء الزيارة، التي استمرت ما يقرب من 12 يوما؟ هل ستتراجع الأسعار أو على الأقل تثبت ولا تواصل ماراثون الصعود المتواصل؟ هل سيتراجع معدل التضخم ليكون أقل من أسعار الفائدة الممنوحة على الودائع بالبنوك، وبالتالي تتوقف ظاهرة تآكل المدخرات الوطنية؟ هل سيجد ملايين الشباب فرصة عمل مناسبة أو حتى غير مناسبة، وهل سيجد فقراء مصر من يحنو عليهم ويقيهم حرارة الأسعار والديون والصيف المقبل؟

حتى الآن، كل التوقعات تشير إلى أن البعثة الحالية لصندوق النقد ستوافق على منح مصر الشريحة الثانية من القرض البالغة قيمته 1.25 مليار دولار وهو الهدف الرئيسي للزيارة، والتوقعات تشير أيضا إلى موافقة الحكومة على كل الشروط المطلوبة من الصندوق مقابل الإفراج عن الشريحة الثانية ومنها زيادة أسعار الكهرباء والبنزين والسولار والغاز والمياه وضريبة القيمة المضافة وأسعار الفائدة بالبنوك وإقرار قانون الاستثمار الجديد الذي منح مزايا ضخمة للمستثمرين الأجانب.

 لكن ماذا عن الخطوة القادمة، هل ينتظر المصريون مثلا حتى شهر نوفمبر المقبل ليتابعوا مجدداً أخبار وصول بعثة فنية جديدة من صندوق النقد الدولي لمراجعة برنامج الإصلاح الاقتصادي والنظر في طلب مصر الإفراج عن الشريحة الثالثة البالغة قيمتها 2.75 مليار دولار، وماذا عن أسعار السلع والخدمات التي سيتم رفعها نهاية العام بعد مغادرة البعثة المقبلة القاهرة؟ هل ستقتصر زيادة الأسعار المقبلة على الكهرباء ومشتقات البترول والمياه كما حدث مع البعثة الحالية، أم تمتد للسلع التموينية الرئيسية ومترو الأنفاق والمواصلات العامة ورسوم الخدمات الحكومية والضرائب والجمارك.



وهكذا تمر الأيام، جولة بعد أخرى من المفاوضات، وبعثة فنية تلاحق الأخرى، وقطار زيادة الأسعار يسير بلا توقف، وخفض الدعم مستمر ولا يرحم الطبقات الفقيرة وحتى المتوسطة، ومعاناة ملايين المصريين مع الأسعار تتواصل، ولا يوجد في الأفق بوادر على تحقق ما وعدت به الحكومة والصندوق معا عندما طرحا برنامج الإصلاح الاقتصادي في العام الماضي 2016. 

قبيل دخول الحكومة في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، حاولت إقناع المصريين بأن الدخول في هذه المفاوضات مكسب كبير للاقتصاد، وبأن الحصول على قرض الـ 12 مليار دولار هو شهادة ثقة أمام المجتمع الدولي ومؤسساته المالية سيعقبها مباشرة تدفق السياح الأجانب والاستثمارات الخارجية على البلاد، واستقرار سوق الصرف وتحسن قيمة الجنيه مقابل الدولار، وبالتالي تحسن مستوى الأفراد.

وراح الصندوق يجمل الصورة أكثر حينما أكد أن دعمه لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المطروح من قبل الحكومة سيوفر حماية اجتماعية وشبكة أمان لملايين المصريين، وسيحد كذلك من الفقر، وسيوفر فرص عمل للمصريين، إضافة لتحويل عجز الموازنة إلى فائض، والحد من الدين العام المتفاقم والذي تجاوز 4 تريليونات جنيه مقابل 1.7 تريليون في عام 2013.

ببساطة الصندوق فشل فشلا ذريعا، والحكومة خدعت المصريين، الصندوق فشل في التنبؤ بتأثيرات قرار التعويم الخطيرة، والتي أدت لحدوث قفزات قياسية ومعدلات غير مسبوقة في التضخم تجاوزت 32%، وفشل حينما توقع أن التضخم لن يتجاوز 18% وبعدها سيتراجع، وفشل قرضه في رفع قيمة الجنيه المصري أو على الأقل ثباته عند 13 إلى 14 جنيهاً، فإذا بالدولار يتجاوز 18 جنيها، فشل حينما ترك الفقراء نهباً لأسعار مرتفعة، وفشل حينما تسببت سياساته وبرامجه في تدمير الطبقة المتوسطة في مصر والتي تمثل حصن أمان لأي مجتمع.

ببساطة فشل صندوق النقد في تحقيق الأهداف التي رفعها هو بنفسه وفي مقدمتها " تصحيح الاختلالات الخارجية للاقتصاد المصري واستعادة التنافسية، ووضع عجز الموازنة والدين العام على مسار تنازلي، وإعطاء دفعة للنمو وخلق فرص العمل مع توفير الحماية لمحدودي الدخل" حسب نص البيان الصادر عنه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عقب موافقته على منح مصر قرضاً بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات.

كما فشلت سياساته في تحقيق الهدف الأساسي من قرار تحرير سوق الصرف وتعويم الجنيه المصري، وهو زيادة الصادرات المصرية وإعادة التعافي لقطاع السياحة وعودة الاستثمارات الأجنبية الهاربة وزيادة معدل النمو الاقتصادي.

ببساطة، صندوق النقد أغرق مصر في الديون الخارجية والمحلية، وعمق أزمات الاقتصاد المصري، وتسببت سياساته في ضم الملايين من المنتمين من الطبقة المتوسطة للفقراء، واختصار وجبات الملايين إلى وجبتين يوميا بدلا من ثلاث، وبالتالي من حق المصريين أن يقولوا له: ارحل يا فاشل، كفاك كوارث.

المساهمون