ماكرون ومأزق الاقتصاد الفرنسي

ماكرون ومأزق الاقتصاد الفرنسي

08 مايو 2017
ماكرون هل يصبح نسخة من هولاند؟ (Getty)
+ الخط -

هو بارع في عقد الصفقات المالية والاستثمارية، إذ أبرم صفقات عدة تجاوزت قيمتها 10 مليارات دولار لصالح مجموعة مصرفية فرنسية، ولدية خبرة كبيرة في إدارة الأموال والثروات حيث عمل لسنوات في قطاع الاستثمار لدى أحد المصارف الفرنسية.

فهل تؤهله هذه البراعة لعقد صفقات سياسية واقتصادية يستطيع من خلالها تخطي المشاكل العنيفة التي يعاني منها الاقتصاد الفرنسي، وفي مقدمتها أزمات البطالة وتفاقم مشكلة الدين العام ومعدل النمو الاقتصادي الضعيف والمتباطئ الذي يدور حول 1.1%، وفشل الحكومات المتعاقبة في خفض نسبة عجز الموازنة إلى أقل من 3%، والتعامل مع معدل التضخم الذي يهدد مؤشر ثقة المستهلك، وهل تؤهله هذه البراعة لتخفيف حدة الأزمات التي تعيشها منطقة اليورو، باعتبار فرنسا واحدة من أبرز أعضاء المجموعة التي تضم 27 دولة.

إنه إيمانويل ماكرون الفائر برئاسة فرنسا، خلفيته المصرفية والاقتصادية ربما تكون أحد الأسباب التي دفعت ملايين الفرنسيين لانتخابه، فهو بالنسبة لهم قد يكون طوق نجاة للتصدي لأزمات عدة، أبرزها الأزمات المالية وإصلاح سوق العمل ودمج اللاجئين، خاصة أنه وزير اقتصاد سابق ومصرفي متخصص في قطاع الاستثمار.

وبحكم موقعه السابق قد تكون لديه دراية بمشاكل الاقتصاد، خاصة البطالة بين الشباب التي تعد أزمة كبيرة في البلاد، إذ يبلغ معدلها 25%، فمن بين كل 4 شباب تحت سن الـ 25 عاما، يوجد عاطل واحد عن العمل.

ولأنه خريج المدرسة الفرنسية للإدارة في 2004، ومتخصص في المالية والاقتصاد، وشارك بعد ذلك في لجنة مهمتها إيجاد سياسة مالية تدعم الاقتصاد الفرنسي، قبل أن يعمل مصرفيا في بنك روتشيلد، فإن هناك رهانا عليه في إصلاح القطاع المالي والمصرفي الفرنسي الذي يواجه مصاعب جمة منذ نشوب الأزمة المالية العالمية في عام 2008 والتي اندلعت في أسواق أميركا المالية ثم انتقلت بعد ذلك لبنوك وبورصات أوروبا.

وخارجيا تواجه ماكرون ملفات اقتصادية عدة منها الأزمة المالية التي تهدد دولاً أعضاء في الاتحاد الأوربي ومنها فرنسا نفسها، إضافة لدول اليونان وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا، وملف تعزيز السوق الأوروبية الموحدة التي تواجه متاعب جمة أدخلت أعضاء بها لدائرة الإفلاس، والحمائية التجارية التي يمارسها ترامب.

ماكرون القادم من خارج "السيستم" استقبلته الأسواق الأوروبية اليوم بحفاوة ممتدة منذ ظهور نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات الفرنسية، فهو الذي أنقذ البلاد من شبح الخروج من الاتحاد الأوروبي على غرار سيناريو بريطانيا، وهو الذي حمى العملة الأوروبية اليورو من الانهيار، حينما أجهض خطة المرشحة المتطرفة مارين لوبان للانسحاب من اليورو وإحلال الفرنك الفرنسي محله، وهو الذي حمى العديد من المؤسسات المالية الدولية من عدم حصولها على أموالها في حال فوز لوبان التي هددت بعدم سداد المديونيات الخارجية. 

ماكرون يواجه عدة تحديات لأنه يسعى لتطبيق عدد من السياسات والخطط التي قد تبدو متضاربة، فهو يعلن عن وضع خطة لخفض معدلات البطالة، وفي نفس الوقت يخطط لإلغاء 120 ألف وظيفة في القطاع العام على مدى خمس سنوات من خلال قانون التقاعد المبكر، كما أعلن عن تبنيه خطة لإنعاش سوق العمل الفرنسي باستخدام اللاجئين.

وهو الذي يجمع في برنامجه بين إجراء تخفيضات في الموازنة العامة، وتخفيض معدلات الضرائب على الشركات من 33% إلى 25%، وخفض الضرائب على الإسكان، وخفض الإنفاق العام بقيمة 60 مليار يورو خلال 5 سنوات وإحداث مزيد من المرونة في سوق العمل، وتعزيز الاستثمارات العامة ودولة الرفاهية.

الوقت لا يزال مبكرا جدا للحكم على ماكرون، فالبرامج الانتخابية لا يمكن التعامل معها بجيدة، وقد يكون المصرفي الشاب مفاجأة فرنسا الاقتصادية خاصة إذا ما حظي ببرلمان مساند، وقد يكون صورة طبق الأصل من الرئيس المنتهية ولايته فرانسوا هولاند.