81 شركة ليبية متورطة بتهريب 570 مليون دولار

81 شركة ليبية متورطة بتهريب 570 مليون دولار

07 مايو 2017
أزمة نفطية تضاف إلى مشكلة النقد الأجنبي(محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
كشف تقرير حديث لديوان المحاسبة الليبي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه أن إجمالي المبالغ المهربة عبر الاعتمادات المستندية المتعلقة بصفقات الاستيراد، وصل إلى 570 مليون دولار حتى نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي 2016.

وشرح التقرير أن هذه المستندات تعود إلى 81 شركة محلية قامت بـ 3711 تحويلاً. وذلك، بعدما قام مصرف ليبيا المركزي بتغذية المصارف التجارية بـ 7.2 مليارات دولار خلال العام الماضي.

وأوضح التقرير أن 86% من الاعتمادات المستندية برسم التحصيل خلال العام الماضي تم تهريبها للخارج و14% فقط تم استخدامها لتوريد السلع. وتمت عمليات التحويل، وفق التقرير، إلى أربع جهات عربية دبي وعجمان والشارقة وتونس بالإضافة إلى تركيا وسويسرا ومالطا وهونغ كونغ.

والاعتماد المستندي هو تعهد مكتوب صادر من بنك بناء على طلب المشتري (مقدم الطلب) لصالح البائع (المستفيد). ويلتزم البنك بموجبه بالوفاء بمبلغ محدد خلال فترة معينة متى قدم البائع مستندات السلعة على أن تكون مطابقة لتعليمات شروط الاعتماد.

وأعلن ديوان المحاسبة أنه أوقف خلال العام الماضي 69 شركة تلاعبت بالاعتمادات المستندية عبر رسوم التحصيل، ويمثل 128 شخصاً إدارات هذه الشركات. كما صدرت قرارات إيقاف عن العمل في حق متورطين بتهريب نحو 307.6 ملايين دولار.

كذلك أشار التقرير إلى أن هناك 50 شركة محلية متورطة في توريد حاويات فارغة والتلاعب في الكميات والأسعار، بقيمة اعتمادات وصلت إلى 264.253 مليون دولار خلال عام 2015.

وتابع أن إجمالي التحويلات الخارجية التي تمت من خلال البنك المركزي أو منحها كتغطية بالعملة الأجنبية خلال الفترة ما بين 2012 – 2016 كانت بما قيمته 146 مليار دولار (190 مليار دينار ليبي).

ما تسبب في انخفاض الاحتياطي في الخارج بما قيمته 72 مليار دينار. ليصبح حجم الاحتياطي نهاية 2016 ما قيمته 43 مليار دينار ليبي فقط، بعدما كان 115 ملياراً في عام 2012، ليوشك البنك بذلك على فقدان السيطرة على أسعار الصرف.

وقالت مصادر من مكتب محافظ مصرف ليبيا المركزي لـ "العربي الجديد" إن الشركات التجارية التي تقوم بتهريب العملة عبر الاعتمادات المستندية أحيلت إلى مكتب النائب العام.

وأشارت المصادر إلى أن تلك الشركات استغلت الفوضى الأمنية في البلاد فقامت بالحصول على عملة صعبة لغرض توريد سلع للسوق الليبية، ومن ثم تبين بأنها شركات تهريب عملة.

أما رئيس قسم التحقيقات في مكتب النائب العام الصديق الصور، اختصر كلامه في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" قائلاً إن "معظم الشركات ما زالت قيد التحقيق"، من دون إعطاء تفاصيل حفاظاً على سرية التحقيقات.

في المُقابل أشار رئيس الغرفة التجارية في ليبيا محمد الرعيض إلى أنه هناك آلاف الموردين يعملون في ليبيا. وهؤلاء يقومون باستيراد السلع بعضها عبر السوق الرسمية وبعضها الآخر عبر السوق الموازية.

ورجح بأن أحد أسباب تنامي الاقتصاد غير الرسمي، يعود إلى تضييق بنك ليبيا المركزي الخناق على توريدات السلع من الخارج، واقتصارها في نطاق ضيق على الدواء والغداء. وأكد أن 70% من القطاع الخاص يعتمد على الاقتصاد غير الرسمي.

ولفت الرعيض إلى أن توريد مواد البناء والأثاث ومواد التنظيف يتم حالياً عبر القطاع غير الرسمي نظراً لغياب الدولة والفوضى الأمنية. كما أضاف أن هناك اعتمادات مستندية حصلت خلال العام الماضي دون التنسيق مع الغرفة التجارية وحدثت فيها تجاوزات في عمليات التوريد.

وعلق مدير معهد التخطيط التابع لوزارة التخطيط في حكومة الوفاق الوطني عمر أبو صبيع، أن أغلب الأنشطة الاقتصادية في ليبيا تقوم على اقتصاد غير رسمي لضعف التجارة الخارجية خارج القنوات الرسمية، ونظراً لغياب الدولة. وشرح أن شركات القطاع الخاص لا تدفع الضرائب ولا تسدد الرسوم الجمركية مند عام 2011.

وبيّن من خلال حديثه، أن هناك قيوداً فرضها بنك ليبيا المركزي بشأن فتح الاعتمادات المستندية، بسبب تراجع الإيرادات من النقد الأجنبي، مما تسبب في ارتفاع الفجوة بين الطلب والعرض، فنشط الاقتصاد غير الرسمي.

وأشار أبو صبيع إلى أن هناك عدة طرق للاحتيال عبر الاعتمادات المستندية، وغرضها يتمثل في تهريب العملة الصعبة. فمثلاً يتم فتح اعتمادات بقيمة سبعة ملايين دينار لتوريد حليب أطفال، ليتم توريد 40 حاوية مياه. وقال إنه من الصعب إيجاد أرقام دقيقة لحجم عمليات التهريب.

وأضاف أن الشركات تمارس الفساد عبر قيمة الفواتير والكمية المستوردة، لا بل إن بعضها لا يستورد البضائع أساساً. ورجح سبب ذلك إلى الفوضى الأمنية والانقسام السياسي "إذ لا يمكن معالجة التهريب في ظل غياب الأمن".

بينما أكد المستشار الاقتصادي لديوان المحاسبة على المحجوبي، في تصريحات إلى "العربي الجديد" أن هناك اقتراحاً جديداً لمنظومة التوريد، بحيث تكون مرتبطة بمنظومة الرقم الوطني للأفراد، وتتم متابعة نشاط الشركات من ناحية الاعتمادات المستندية وإجراءاتها بالإضافة إلى سدادها الضرائب.

وعبر هذه المنظومة تمنح نقاط لكل شركة سليمة الإجراءات وتكون لديها أولوية في أغلب الأنشطة الاقتصادية.

إلا أن رجل الأعمال، علي الرابطي، أكد أنه لم يحصل على أي اعتماد مستندي لجلب سلع غذائية من الخارج، بسبب وجود "مافيات" مسيطرة بشكل كامل على هذه العمليات، موزعة بين رجال الأعمال ومسؤولين في المصارف التجارية.

وقال إن هناك عمليات رشى تحدث في الخفاء للحصول على عملة صعبة، وبعضهم يقوم ببيعها في السوق للاستفادة من فرق السعر.

وأظهر تقرير حديث لديوان المحاسبة أن هناك تنامياً لجرائم غسل الأموال وتهريبها من خلال التلاعب بالاعتمادات والتحويلات الخارجية وإتمام التوريدات الوهمية. بالإضافة إلى الإيداعات الوهمية من خلال التحاليل على نظام المقاصة بتدوير الصكوك والتلاعب في تصديق الصكوك.

وقال إنه لم يتم اتخاذ إجراءات عملية فاعلة من قبل المركزي حيال تلك المصارف لردعها. كما أشار تمرير المصارف التجارية لمستندات توريد تحوي مؤشرات واضحة بوجود شبهة التزوير، بمجرد الاطلاع على الأسعار غير المنطقية والكميات التي لا تتناسب مع أحجام الحاويات.

وأوضح ديوان المحاسبة أن البنك المركزي لا يهتم بطلب تراخيص هذه الشركات أو التحقق من استيفائها شروط فتح الاعتمادات، الأمر الذي أدى إلى تحويل عملة صعبة إلى الخارج دون دخول ما يقابلها من السلع والبضائع.

وعرج إلى أن السياسة المفتوحة التي انتهجها المصرف المركزي من خلال مسايرة الحكومات والقطاع الخاص وتوفيره لتغطيات بالنقد الأجنبي دون قيد أو شرط تسببت في تضاؤل الاحتياطات حد النفاد.

وأضاف تقرير الديوان أن المركزي أصبح شبه عاجز عن التصدي لمضاربات تجار السوق السوداء، الذين استغلوا ضعفه، فاضطر الديوان للتدخل عبر دراسة عينات من تحويلات الاعتمادات المستندية.

وقد تبين أن أغلبها يشوبه شبهات تهريب العملة وغسل الأموال. وبلغت نسبة التلاعب في بعضها 100% بسبب عدم قيام البنك المركزي بمسؤولياته الرقابية على المصارف وإدارة احتياطاته بقدرة وكفاءة وفاعلية.

دلالات

المساهمون