التهريب يطفئ بريق ذهب السودان

التهريب يطفئ بريق ذهب السودان الحاصل على المرتبة الثالثة أفريقيا في إنتاجه

31 مايو 2017
إقبال على التنقيب عن الذهب في السودان (فرانس برس)
+ الخط -
يشكّل التهريب أكبر عقبة أمام استفادة السودان من ثروته الضخمة من الذهب الذي احتل المركز الثالث في إنتاجه أفريقياً بحسب تقرير حديث أصدره البنك الدولي قدّر إنتاج السودان من الذهب في عام 2016 بنحو 82 طنا. 
وذكرت مدير التقويم والمتابعة بوزارة المالية السودانية أمال كبير، لـ "العربي الجديد" أن السودان يتمتع بثروات ضخمة من الذهب، مشيرة إلى أن إنتاج البلاد عام 2015 بلغ حوالي 81 طنا، حسب وزارة المعادن السودانية. وأكدت أن الحكومة تسعى للاستفادة بشكل أكبر من إنتاج الذهب وتصديره.
وفي المقابل، يرى خبراء اقتصاد أن التهريب يحرم السودان من عائدات الذهب، وأكدوا أن عمليات التهريب تدعمها قوى نافذة في ظل غياب الرقابة الكافية وسوء إدارة هذا القطاع، ما يؤثر سلباً على اقتصاد البلاد. وينتج الذهب في ثلاث مناطق رئيسية بالسودان وهي شمال البلاد بين وادي حلفا وعطبرة، وعلى طول جبال البحر الأحمر في مناطق أرياب وأبو ساري، إضافة إلى منطقة النيل الأزرق.
وأكدت وزارة المعادن، أخيراً، تحقيق الذهب عائدات 1.4 مليار دولار العام الماضي، في حين قدّر الخبراء الذهب المهرّب بنحو 3 مليارات دولار. ويعزو المحلل الاقتصادي أحمد مالك، تدني الإنتاجية في الذهب وتنامي ظاهرة تهريبه إلى عدم وجود إدارة جيدة ورؤية واضحة لهذا القطاع، إضافة إلى فقدان العمل المؤسسي في عمليات الإنتاج والتصدير. وطالب مالك في حديثه لـ "العربي الجديد" بعمل بورصة عالمية محلية للذهب بهدف خفض نسبة التضخم ودعم العملة المحلية.
وشدّد مالك على أهمية تكوين مجلس أعلى للذهب إسوة ببقية السلع مثل القطن والصمغ العربي. وأشار إلى وجود تحديات قانونية منها منح الدستور صلاحيات للولايات في التصدير وإصدار القوانين، مما يعني أن الدولة لا تعمل في منظومة موحدة وفق استراتيجية قومية.
وعدّل بنك السودان بالتنسيق مع وزارة المعادن، سياسة بيع وتصدير الذهب وسمح للقطاع الخاص السوداني الدخول في هذا المجال، في خطوة تستهدف الحد من التهريب.
الخبير الاقتصادي عبد العظيم المهل قال لـ "العربي الجديد" إن أي تحفيز لقطاع الذهب يصب في صالح الجهاز المصرفي وصالح الاقتصاد ويمكن أن يساهم في تغطية عجز المدفوعات. وأضاف المهل أن المطلوب هو ضمان مرور الصادر عبر القنوات الرسمية لكي يستفيد منه السودان.
ودعا المهل إلى الاهتمام بقطاع التعدين الأهلي لأن عملية الإنتاج فيه أعلى من الشركات لهذا لا بد من تقنينه وترشيده ومساعدته فنياً. وأوضح أن توسيع الاستثمار الخاص في القطاع يقلّل من الفاقد الذي كان يتسرب عن طريق التهريب والتخزين وطرق أخرى. وأكدت وزارة المعادن، أخيراً، أنها تشجع على استقدام شركات جديدة للدخول في مجال شراء وتصدير الذهب.
واعتبر الخبير الاقتصادي شريف التهامي خلال حديثه لـ "العربي الجديد" أن خطوة السماح للقطاع الخاص بتصدير الذهب من شأنها أن تدفع إلى ضبط الأسواق كما أنها تفتح آفاقاً جيدة للتعامل مع منتجات الذهب في السودان والأسواق العالمية.
وقال إن زيادة عائدات الذهب ستمنح الدولة مزيداً من الاستقرار الاقتصادي بتوفير النقد الأجنبي وبالتالي مواجهة عجز الموازنة.
ويأتي الاهتمام بمعدن الذهب في السودان عقب انفصال دولة جنوب السودان في عام 2011 إذ فقدت البلاد 75 % من إيراداتها النفطية التي كانت تقدر بحوالي 600 ألف برميل يومياً وتراجعت إلى 120 ألف برميل عقب الانفصال.
وأشارت تقارير رسمية إلى أن أكثر من 80 % من الذهب ينتج بالقطاع التقليدي في 221 موقعا تعدينيا في أكثر من 43 ألف بئر منتجة للذهب بينما دخلت حوالي 16 شركة تعدين كبيرة حيز الإنتاج الفعلي للذهب من بين 149 شركة.
وحسب هيئة (Brest ton Woods) حقق السودان المرتبة الثالثة على مستوى القارة السمراء بعد جنوب أفريقيا وغانا عقب انخفاض إنتاج مالي من الذهب بسبب الأزمة التي عاشتها في عام 2012 مما تسبب بخسائر كبيرة لشركات إنتاج الذهب هناك.
وحسب تقرير سابق لوزارة المعادن، أنتج السودان منذ عام 2008 أكثر من 500 طن من الذهب بقيمة أربعة مليارات دولار. وتؤكد وزارة المعادن أن احتياطات الذهب تحت التقييم وتقدّر بنحو ألف و117 طناً. كما توجد احتياطات غير مؤكدة ما زالت تحت الدراسة.
ويوفر قطاع التعدين فرص عمل هائلة للسودانيين، وكانت الوزارة أعدت تقريراً عن كيفية الاستفادة من احتياطات المعادن كضمان للتمويل ودفع الأداء الاقتصادي، في حين تبين التقارير الرسمية أن أكثر من مليوني شخص يعملون في مجال التعدين الأهلي التقليدي.

المساهمون