ليبيا تدرس فرض رسوم على العمالة الأجنبية

ضرائب ورسوم تنتظر العمالة الأجنبية في ليبيا.. والوافدون يخشون تزايد الأعباء

28 مايو 2017
الصراعات تجبر عمالة مصرية على المغادرة (Getty)
+ الخط -
لم تعد المخاطر الأمنية وحدها ما يؤرق العمالة الأجنبية في ليبيا، وإنما يسود قلق من فرض رسوم على هذه العمالة، التي اضطرت إلى البحث عن الرزق في بلد يشهد صراعاً مسلحاً. 
ولا يزال مئات الآلاف يتدفقون على سوق العمل في ليبيا، خاصة من مصر وتونس والعديد من الدول الأفريقية، فيما يعمل أغلبهم وفق مصادر رسمية بنظام الأجر اليومي دون عقود رسمية.
وكشف ربيعة عمار، مدير الإعلام في وزارة العمل الليبية في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن الوزارة قدمت مقترحاً للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بشأن فرض رسوم مالية على العمالة الأجنبية، مشيراً إلى أن بعض المجالس المحلية شرعت في فرض رسوم مالية على العمالة الأجنبية لديها.
وتشير تقديرات غير رسمية صادرة عن مركز "أويا للدراسات والبحوث" إلى وجود نحو مليوني عامل وموظف وافد في ليبيا، يعملون في العديد من القطاعات الخدمية كالزراعة خارج المدن، والبناء والنظافة والورش والمطاعم، غير أن وزارة العمل تشير إلى أن العمالة الأجنبية المسجلة لديها لا تتعدى 37 ألف عامل.
وقال عمار: "هناك عمالة مسجلة لدى وزارة العمل وتشتغل في القطاع العام والخاص، وهناك آخرون دخلوا البلاد بطريقة غير قانونية، خاصة في ظل الفوضى الأمنية".
وفي هذه الأثناء، شكلت الحكومة الموقتة شرق ليبيا، لجنة لبحث فرض ضرائب ورسوم على العمالة الوافدة، يترأسها مندوب عن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وعضوية مندوبين عن ديوان مجلس الوزراء ومصلحة الجوازات والجنسية.
ومنحت الحكومة المؤقتة وفق منشور على موقعها الإلكتروني اللجنة حق اتخاذ كافة التدابير، التي من شأنها تحصيل هذه الضرائب وضمان عدم تهرب العمالة الوافدة من سدادها لخزينة الدولة.
وتتصارع حالياً ثلاث حكومات على الحكم والشرعية في ليبيا، اثنتان منها في العاصمة طرابلس (غرب)، وهما "الوفاق" (المعترف بها دولياً)، و"الإنقاذ"، إضافة إلى الحكومة المؤقتة في مدينة البيضاء (شرق)، المنبثقة عن مجلس طبرق.
ورغم الصراع والتناحر في القرارات بين هذه الحكومات، إلا أن تحصيل رسوم من العمالة الأجنبية يلقى قبولاً لدى الأطراف المتصارعة التي تسعى إلى تحصيل موارد مالية في ظل تردي الظروف الاقتصادية، وفق مدير إحدى شركات إلحاق العمالة الأجنبية.
يقول العامل التونسي مروان المنجي، الذي يعمل طباخا في أحد المطاعم بمنطقة غوط الشعال بالقرب من وسط العاصمة طرابلس إنه يعمل في ليبيا منذ ما يقرب من خمس سنوات براتب 1500 دينار شهرياً (1074 دولارا)، مشيرا إلى أنه رغم انخفاض قيمة الدينار الليبي، إلا أنه يفضل البقاء طلباً للرزق.
ويعمل أغلب الوافدين بدون عقد بنظام اليومية، فيما يبدى بعضهم ارتياحه إلى هذا النظام في ظل وضع السوق المضطربة، التي تجعل من فرص العمل مؤقتة، فضلا عن رغبتهم في عدم اقتطاع رسوم مالية من جانب السلطات.
وأمام جزيرة النوفليين في طرابلس، يقول العامل المصري علي بدر، إنه غادر ليبيا في 2015 لكنه عاد قبل ستة أشهر بحثا عن الرزق في مهنة البناء التي يحترفها، مشيرا إلى أن أجرته تصل إلى 50 دينارا (35.8 دولارا) يومياً وأحيانا لا يحصل على عمل لعدة أيام، وأنه يشتغل في ليبيا بصورة متقطعة مند عام 2007.
ولا يتطلب العمل في المهن الحرة التي يشتغل بها أغلب العمالة الوافدة، عقود عمل، بينما العمالة المسجلة لدى وزارة العمل تحتاج إلى عقد قانوني وشهادة صحية وراتب شهري في حدود 500 دينار شهرياً (358 دولارا).
لكن عبدالباري الزني، المحلل الاقتصادي، يرى ضرورة اتخاذ إجراءات بشأن العمالة غير الشرعية لتنظيم سوق العمل، من خلال وضع سياسات محكمة.
ويقول الزني لـ"العربي الجديد"، إن ليبيا تعاني من العمالة غير المنظمة، بسبب الفوضى الأمنية، مشيرا إلى ضرورة دخول العمالة بشكل عام الليبية والأجنبية في الاقتصاد الرسمي، بما يضمن جباية إيرادات الدولة والضمان الاجتماعي.
وتعتمد ليبيا عضو منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، بشكل كبير، على مبيعات النفط، لكن انخفاض الإنتاج وهبوط الأسعار خفضا الإيرادات بشدة.
وتعتمد الميزانية العامة بنحو 95% من مواردها على الإيرادات النفطية، ويخصص أكثر من نصف الميزانية لرواتب موظفي القطاع العام والدعم الحكومي لعدد من المنتجات، من بينها الخبز والوقود وخدمات مثل العلاج في المستشفيات بالمجان، وكذلك العلاج في الخارج.
ووفق تقرير صادر عن ديوان المحاسبة مؤخراً، فإن ليبيا خسرت نحو 1.5 مليار برميل نفط، جراء توقف موانئ التصدير خلال الفترة من منتصف 2013 حتى نهاية العام الماضي 2016.

المساهمون