مصر ترفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم... ومحللون يشككون

رفع الفائدة المصرية يوجه ضغوطاً إضافية على الاستثمارات والقروض

22 مايو 2017
رفع أسعار الفائدة في مصر (فرانس برس)
+ الخط -

في الوقت الذي تستعد فيه مصر  للحصول على الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي، رفعت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري، في ساعة متأخرة من مساء أمس الأحد، أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض 2 بالمائة، إلى 16.75 بالمائة و17.75 بالمائة على التوالي.

وكان صندوق النقد قد طالب مصر، بضرورة التدخل لمواجهة التضخم، الذي بلغ أعلى مستوياته في الفترة الماضية، فقد سجل التضخم نحو 32.9% في إبريل/نيسان 2017 على أساس سنوي. 

ودفعت نسب التضخم المرتفعة في البلاد، إلى تآكل القيمه الشرائية للنقود، وانخفاض القوة الشرائيه للمواطنين، وقفزات في الأسعار، خاصة في ظل نقص السيولة بالأسواق وليس زيادتها. 

وقال جهاد أزعور، المدير الإقليمي لصندوق النقد الدولي بمنطقة الشرق الأوسط، في وقت سابق، إن "سعر الفائدة هي الأداة الصحيحة" للجم التضخم، لكنه اعتبر فيما بعد أن سعر الفائدة هو خيار من ضمن مجموعة من الأدوات التي يمكن استخدامها.

تعليقات أزعور زادت توقعات بأن صندوق النقد سيوصي بضرورة رفع أسعار الفائدة مجدداً بعدما تجاوز التضخم مستوى 32% في أعقاب قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه نهاية العام الماضي.

مواجهة التضخم

أكد المركزي المصري في بيانه أمس أن الدافع وراء رفع أسعار الفائدة هو مواجهة التضخم، إلا أن محللين، يرون أن التضخم الحالي والمرتقب ليس سببه زيادة المعروض النقدي، ولكن تعويم الجنيه، إلى جانب طرح حلول بعيدة عن تحريك سعر الفائدة.

وقال المحلل الاقتصادي عز الدين حسنين، إن قرار المركزي المصري برفع الفائدة 2 بالمائة يعد بمثابة محاولة استباقية لامتصاص الآثار المتوقعة عن موجة ارتفاع الأسعار القادمة، خلال الأشهر المقبلة، مدفوعة بارتفاعات جديدة في أسعار بعض الخدمات الحكومية مثل الكهرباء والمياه.

واعتبر حسنين، في حديثه لـ"الأناضول"، أن رفع الفائدة غير مناسب في الفترة الحالية، لافتاً إلى أن التضخم الحالي والقادم غير مرتبط بزيادة المعروض النقدي، بل يعود سببه إلى التعويم، وقرارات الحكومة المتمثلة في رفع أسعار الطاقة، وضريبة القيمة المضافة، وتحكم التجار في الأسعار".

وزاد الخبير الاقتصادي المصري: "تأثير رفع الفائدة إيجابي لأصحاب ودائع القطاع العائلي، وحماية المدخرات المحلية من تآكلها بسبب التضخم، ولكن له تأثير سلبي على الاستثمار والاقتراض من البنوك".

وتابع: "المستثمرون سيتأثرون سلباً برفع فائدة الاقتراض، التي تعتبر تكلفة ثابتة ستزيد من تكلفة الإنتاج وستساهم في زيادة جديدة في أسعار المنتجات المحلية وستنتقل العدوى إلى جميع أسعار السلع والخدمات".

وقدرت بحوث شركة "مباشر إنترناشيونال" أن زيادة 1 بالمائة في سعر الفائدة داخل مصر تؤدي إلى زيادة 13 مليار جنيه (722 مليون دولار) على أعباء الموازنة.

ولمواجهة التضخم بعيداً عن رفع الفائدة، اقترح المحلل الاقتصادي أحمد يوسف استخدام أداة زيادة الاحتياطي الإلزامي، المفروض على الودائع المحلية بنسبة 10 بالمائة إلى نحو 14 بالمائة.

وأشار يوسف إلى أن الاحتياطي الإلزامي يعد آلية مهمة أمام البنك المركزي المصري، لسحب معدلات السيولة من الجهاز المصرفي، أو زيادتها وفقاً لمتطلبات السوق.

ويلزم البنك المركزي المصري، البنوك العاملة في السوق وعددها 39 بنكاً، بتجنيب جزء من ودائعها في صورة احتياطي قانوني يودع لدى المركزي، لتفادي أي أخطار تتعلق بالودائع المحلية والمضمونة بالكامل من قبل المركزي.

وقلص المركزي المصري في 2015 نسبة الاحتياطي القانوني بالبنوك على دفعتين، بهدف زيادة حجم السيولة في القطاع المصرفي، من 14 بالمائة إلى 12 بالمائة ثم إلى 10 بالمائة حالياً.

التضخم في مصر 

ارتفاع تكلفة الإنتاج

من جانبه، أكد المحلل الاقتصادي مصطفى نمرة أن التضخم الذي تشهده مصر مدفوع بزيادة تكلفة الإنتاج لا بالطلب، فقد ارتفعت تكلفة الإنتاج على إثر ارتفاع تكلفة المواد الخام المستوردة، والتي تشكل نسبة كبيرة من تكلفة الإنتاج على إثر قرار التعويم.

وارتفع النقد المصدر المطبوع في مصر إلى 405.4 مليارات جنيه (22.5 مليار دولار) في نهاية يناير/كانون الثاني 2017، مقابل نحو 369.3 مليار جنيه (22 مليار دولار) في يونيو/حزيران 2016، وفقا لبيانات البنك المركزي المصري.

اقترح نمرةـ في تصريح للأناضول، الحد من الاقتراض الحكومي المصري محلياً، لمواجهة التضخم، خاصة الذي يتم توجيهه للإنفاق الجاري وليس الاستثماري، وذلك الخيار بحاجة إلى تضافر جهود الحكومـة، خاصة وزارة المالية مع المركزي.

وتوسعت الحكومة المصرية في إصدار السندات والأذون على الخزانة، لتصل إلى 2.922 تريليون جنيه (162 مليار دولار) في نهاية 2016، مقابل 1.893 تريليون جنيه (105 مليارات دولار) في نهاية 2015، حسب بيانات البنك المركزي المصري.

وفي نهاية 2016، أي بعد حوالي 30 شهراً على حكم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ارتفع الدين العام المحلي إلى نحو 3.052 تريليونات جنيه (169.5 مليار دولار)، ما يعادل 94.1% من الناتج المحلي الإجمالي.

وتبلغ قيمة الفوائد المقدرة في العام المالي الجاري 2016-2017، نحو 292 مليار جنيه (16.2 مليار دولار)، ونحو 380 مليار جنيه (21.1 مليار دولار) في العام المالي المقبل 2017/2018.

وأقدمت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري إلى رفع أسعار الفائدة على الودائع والقروض، مرات عديدة، وذلك من أجل السيطرة على التضخم، وفق البيانات السابقة للبنك المركزي. ففي عام 2016، رفعت الفائدة لتبلغ أعلى مستوى لها خلال السنوات العشر الأخيرة. حيث رفعت اللجنة سعر فائدة الإيداع من 10.75% إلى 11.75% في شهر يونيو 2016، ما يعد أعلى مستوى لها منذ عشر سنوات، بينما زادت فائدة الإقراض من 11.75% إلى 12.75%، والذي يعد بدوره أعلى مستوى لها منذ ثماني سنوات.
ونشرت اللجنة بيانا على موقع البنك المركزي، أفادت بأنها ترى أن رفع المعدلات الحالية للعائد لدى البنك المركزي من شأنه الحد من توقعات التضخم.

كما رفعت اللجنة أيضاً سعر الفائدة في مارس 2016 بنسبة 2.5%، معللة هذا القرار أيضا بمحاولة السيطرة على التضخم.


(الأناضول، العربي الجديد)



المساهمون