مكاسب مادية في تونس تبددها الأسعار في عيد العمال

مكاسب مادية في تونس تبددها الأسعار في عيد العمال

30 ابريل 2017
ارتفاع الأسعار يقلص القدرة الشرائية للتونسيين (Getty)
+ الخط -
لا يتوقع عبد اللطيف النابلي، الذي يعمل حارسا في إحدى المدارس الابتدائية بالعاصمة تونس، أن يحمل عيد العمال هذا العام جديداً بالنسبة له وللكثير من عمال بلده.

فاليوم هو العيد السادس للعمال بعد الثورة التونسية في يناير/ كانون الثاني 2011، بينما لم يتم تحصيل سوى بعض المكاسب المادية، التي تتبدد سريعاً أمام زيادات الأسعار وارتفاع كلفة المعيشة.
يعمل عبد اللطيف كغيره من آلاف التونسيين تحت ما يسمى بنظام "الحضائر" حيث تم انتدابهم تحت الضغط الشعبي في السنوات الأولى من الثورة مقابل أجر لا يتعدى 332 دينارا (138 دولارا).

يصف عبد اللطيف أجرته بالمخجلة، مشيرا إلى أن راتبه يتبخر بمجرد سداد إيجار البيت، الذي يأويه هو وأبناءه، داعيا النقابات العمالية إلى التحرك من أجل اتخاذ إجراءات "ثورية" لصالح عمال "الحضائر"، وغيرها ممن يعملون بمقتضى آليات العمل الهشة التي خلقتها الحكومة دون التفكير في مصير آلاف العاملين، ضمن هذه الآليات.

وفي فبراير/شباط الماضي، أعلن رئيس الحكومة يوسف الشاهد، عن زيادة بنسبة 4.3% في الأجر الأدنى المضمون، مؤكدا حرص حكومته على رعاية الطبقات الضعيفة وتحسين مستوى عيشهم.

وتعود آخر زيادة للأجر الأدنى لمختلف المهن إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2015 ليرتفع من 319.9 دينارا إلى 338 ديناراً (140.8 دولارا).

وينتفع بهذه الزيادة نحو 250 ألف عامل، وحوالي 670 ألف متقاعد، فيما تشير أخر إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء (حكومي) إلى أن عدد العاملين في تونس يفوق 3.4 ملايين شخص حالياً.

وتطالب العديد من الأحزاب والمنظمات المدنية بتعزيز السياسة الحمائية للطبقات الضعيفة، بعد تدهور القدرة الشرائية لضعاف الحال ومحدودي الدخل، فيما تصف منظمة الدفاع عن المستهلكين الأجر الأدنى في تونس من بين الأضعف في العالم، معتبرة أن الزيادة لن تخفف من معاناة الطبقات الضعيفة.

ويقول نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، إن الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمال، لا سيما العاملين بعقود هشة والذين يتقاضون أجوراً ضعيفة، يعد الشاغل الأول لمنظمته.

ويشير الطبوبي في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن الاتحاد متمسك بتطبيق الاتفاقات المبرمة مع الحكومة بشأن زيادة الأجور والمنح والحوافز، فضلا عن رفع الأجر الأدنى المضمون، بما يتماشى مع ارتفاع كلفة المعيشة ونسب التضخم.

وتقول الحكومة إنها تعمل بجانب زيادة الحد الدنى للأجور، على تخفيف الأعباء الجبائية (الضريبية) المفروضة عليهم، حيث شرعت منذ يناير/كانون الثاني الماضي في اعتماد جدول ضريبي جديد مكن عدداً كبيراً من الأجراء (العمال) من التمتع بزيادة في الأجور بلغت أقصاها 40 ديناراً، لكن هذه الإجراءات تبدو غير كافية بالنسبة للنقابات العمالية.

ويقول إسماعيل السحباني، الأمين العام لاتحاد عمال تونس (نقابة تم استحداثها بعد الثورة) إنه لا بد من تشجيع المستثمرين المحليين والأجانب لتحفيزهم على العمل وخلق المشاريع، خاصة في المناطق الداخلية، لدفع عجلة الاقتصاد، ضماناً لاستقرار البلاد وسلامة النسيج الاجتماعي.

ويحذر السحباني في تصريح لـ"العربي الجديد" من ارتفاع مستوى الاحتجاجات المتأججة في المحافظات الداخلية، بسبب تهرؤ القدرة الشرائية للعمال وتآكل الطبقة الوسطى، وتواصل موجة الغلاء والارتفاع غير المسبوق في أسعار المواد الاستهلاكية.

وينتقد المختصون في الشأن الاقتصادي ضعف الإجراءات الاجتماعية، التي أعلنت عنها الدولة على مدار السنوات الستة الماضية، معتبرين أن الإصلاحات الاقتصادية لم ينجم عنها تطور في مستويات الدخول.

وبقول عبد الرحمان اللاحقة، الخبير الاقتصادي، في تصريح خاص، إن تدهور القدرة الشرائية للتونسيين يصل إلى أكثر من 40%، مشيرا إلى أن الأجر الأدنى لا يوفر حتى المقومات الأساسية للعيش، وهو ما يفرض مراجعة جذرية وسريعة لقوانين العمل ومستويات الأجور، لمنع مزيد انزلاق الطبقة الوسطى نحو خانة الفقر.

وعادت الاحتجاجات إلى محافظات تونس الجنوبية خلال الأيام الماضية، لاسيما في المناطق التي تنشط فيها شركات النفط، وسط تصاعد المطالب بتوزيع الثروات على المناطق التونسية وتنميتها.

المساهمون