تجار الأردن يخشون الابتزاز والمستهلك ينتظر الحماية

تجار الأردن يخشون الابتزاز والمستهلك ينتظر الحماية

29 ابريل 2017
القانون الجديد يحد من الغش التجاري (Getty)
+ الخط -




"السبب سوء الاستخدام"، ظلت هذه العبارة رداً كافياً لضياع حقوق المستهلكين في الأردن على مدار سنوات طويلة، من دون أن تكون هناك قوانين حقيقية تحمي مصالحهم من استغلال التجار، لكن ربما تشهد الأسابيع المقبلة تغيراً مع دخول أول قانون لحماية المستهلك في البلاد حيز التنفيذ.

ويترقب الأردنيون باهتمام تطبيق قانون حماية المستهلك في السابع عشر من يونيو/حزيران المقبل، للحد من حالات الغش التجاري، ومساعدة المستهلكين في استعادة حقوقهم المادية، بينما يخشى التجار استغلال القانون في "ابتزازهم" من جانب بعض المستهلكين وجمعيات حماية المستهلك.

ويقول المواطن حسني فياض، لـ"العربي الجديد"، إن المشتري لا يستطيع على الأغلب العودة إلى التاجر عندما يتبين وجود خلل في السلعة، التي يشتريها مثل عدم صلاحيتها أو حاجتها لقطع الغيار، وبالتالي يفقد حقه لعدم وجود قانون يحميه. ويضيف أن قانون المستهلك الذي ينتظر تطبيقه سيسد الفراغ القانوني في المسائل التي تتعلق بصلاحية السلعة وإمكانية المشتري العودة إلى البائع وتحصيل حقوقه.

وتقول المواطنة هالة من سكان العاصمة عمّان، إنها واجهت معاناة كبيرة مع أحد المراكز التجارية، لعدم التزامه بالكفالة (الضمان) الخاص بجهاز منزلي، حيث تبين وجود خلل كبير فيه منذ لحظة تشغيله، واضطرت لمراجعة وزارة الصناعة للضغط على البائع لأجل استبداله، لكن ما تم القيام به الوعد بإصلاحه.

ويجمع المواطنون على أن المحلات التجارية تتهرب من معالجة أي خلل في السلع بعد البيع، أو توفير قطع الغيار حتى وإن تم إصلاح السلعة، فإن ذلك يأخذ وقتاً طويلاً من المتابعة. كما يعاني المواطنون من أن المحلات التجارية لا تلتزم أيضاً بمواعيد تسليم السلع وقد تتأخر لعدة أسابيع.

ويقول يوسف الشمالي، الأمين العام لوزارة الصناعة والتجارة والتموين، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن قانون المستهلك جاء لمعالجة القصور في حماية المستهلك، مشيراً إلى أنه سيتم إنشاء مجلس استشاري لحماية المستهلك برئاسة وزير الصناعة والتجارة والتموين تناط به مهام اقتراح السياسات العامة للحماية.


ويحدد القانون حقوق المستهلك بحسب الشمالي في الحصول على السلع والخدمات دون إلحاق الضرر به، والحصول على المعلومات الكاملة، خاصة ما يتعلق بفاتورة الشراء، واللجوء إلى القضاء والحصول على التعويض العادل في حال إلحاق الضرر به.

ويضيف "لقد اشترط القانون على مزودي السلع الالتزام بالجودة ومطابقة الخصائص المعلن عنها، وبمواعيد التسليم وبحقوق الملكية الفكرية وبالقيم والعادات والتقاليد وكرامة المستهلك".
كما يشترط القانون الالتزام بتأمين خدمات ما بعد البيع، وبصورة خاصة خدمات الصيانة وقطع الغيار خلال المدة الزمنية المحددة والالتزام برد ثمن السلعة أو الخدمة أو تصويب الخلل، في حال كان هنالك عيب، سواء كان ذلك بناء على طلب المستهلك أو أي شخص آخر انتقلت إليه السلعة.

ويلزم التشريع الجديد التجار بعدم نشر أي إعلان مضلل أو الإعلان لسلعة أو خدمة تضر بالمستهلك، كما يحدد المسؤولية بين المزودين في حال حدوث عيب في الخدمة أو السلعة بأنها تكافلية وتضامنية.

ويفرض التشريع عقوبات في حال مخالفة الأحكام، بما لا يقل عن 353 دولاراً ولا يزيد عن 14 ألف دولار، أو الحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر أو كلا العقوبتين معاً.

ويقول سهم العبادي المتحدث الرسمي لجمعية حماية المستهلك، لـ"العربي الجديد"، إن للجمعية بعض التحفظات على القانون من أهمها عدم إنشاء مجلس أعلى للمستهلك وليس مجرد مجلس استشاري وذلك لتوفير الحماية اللازمة للمستهلكين.

وسيتولى المجلس الاستشاري للمستهلك، اقتراح السياسة العامة لحماية المستهلك، وتنسيق العمل بين الجهات التي تمارس المهام ذات الصلة، والمساهمة مع الجهات الرسمية في تطوير مستوى الإعلام، بهدف توعية المستهلك وتثقيفه بحقوقه، كما سيتولى إبداء الرأي في مشروعات القوانين المرتبطة بحماية المستهلك.

ويرى حسام عايش الخبير الاقتصادي، أن قانون حماية المستهلك يعد إنجازاً ويتضمن بنوداً واضحة لحماية المستهلك من الممارسات المخلة بالسوق، ويضمن حق المواطن في سلعة آمنة وذات مواصفات جودة عالية.

ويقول عايش: "المستهلك في السابق لم يكن يحظى بقانون يحمي حقوقه ويلزم البائع بتبديل أو إعادة السلع غير الصالحة، وكذلك الحصول على الفواتير وخدمات ما بعد البيع، بينما هذا القانون سيعزز أطر الحماية اللازمة".

ويرى عوني الداوود، المحلل الاقتصادي، أن القانون بحاجة إلى حملة تعريفية من قبل الجهات المختصة، وذلك لتوعية المستهلكين بحقوقهم وإطلاعهم على الآليات اللازمة لمقاضاة التجار في حال بيعهم سلعاً غير صالحة والتهرب من الكفالات (الضمانات) وتقديم الخدمات اللازمة، مضيفاً أنه "كان يفترض تغليظ العقوبات بشكل أكبر بحق المخالفين".
لكن خليل الحاج توفيق، عضو غرفة تجارة الأردن يقول في المقابل إن "القانون يتقاطع مع قوانين أخرى مثل قانون الغذاء والدواء وتشريعات أخرى ما يربك القطاع التجاري، إضافة إلى أن قانون حماية المستهلك لم يشتمل على أطر حماية للتاجر في حال كانت السلع غير صالحة من مصنعها ويتوجب أن يتحمل المصنع المسؤولية وليس التاجر".

ويضيف توفيق لـ"العربي الجديد": "لا بد أيضاً من حماية التجار من حالات الابتزاز، التي قد يتعرضون لها من قبل بعض المواطنين وجمعيات حماية المستهلك التي ستنشأ لاحقاً".

المساهمون