كوريا الشمالية... دعوات للحرب لا يتحملها اقتصاد متردٍ

كوريا الشمالية... دعوات للحرب لا يتحملها اقتصاد متردٍ

16 ابريل 2017
+ الخط -
تصاعدت صيحات الحرب المتبادلة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، منذ إعلان بيونغ يانغ عن عزمها إجراء تجربة جديدة لإطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات، أكدت الأخبار، اليوم، فشله وسقوطه عقب إطلاقه مباشرة.

وعلى الرغم من القوة العسكرية التي تمتلكها بيونغ يانغ إلا أن هذه القوة لا يقابلها قوة اقتصادية مماثلة، فالدولة التي تملك جيشاً قوامه يزيد عن المليون جندي ونجحت في إجراء عدد من التجارب النووية وتمتلك صواريخ باليستية تقول، إن مداها سيصل للأراضي الأميركية، هي ذاتها التي لا يزيد حجم تجارتها الخارجية "صادرات وواردات" في العام عن 11 مليار دولار يتركز ثلثاها تقريباً مع الصين وربعها مع جارتها كوريا الجنوبية والنسبة الباقية موزعة على دول العالم.

وتعيش كوريا الشمالية تحت ضغط عقوبات دولية أقرها مجلس الأمن الدولي وأحادية من بعض الدول على رأسها الولايات المتحدة منذ العام 2006.

كما فرضت وزارة الخزانة في الإدارة الأميركية الجديدة مارس/آذار الماضي عدداً من العقوبات الإضافية التي طاولت أشخاصاً وشركات من الصين وروسيا وكوريا الشمالية بدعوى العمل لحساب شركات تمول صناعة الدفاع في كوريا الشمالية وتزودها بالمعدات والتكنولوجيا اللازمة.

ومع تصاعد دعوات الحرب والتهديد المتبادل، أعلنت بكين وقف الرحلات الجوية من إلى بيونغ يانغ ابتداء من الغد الإثنين 17 أكتوبر دون تبرير، ليضيف الإعلان حصاراً جديداً على كوريا الشمالية التي تمثل الصين أحد أهم منافذها على العالم الخارجي.

ووصلت آخر طائرة تابعة للخطوط الصينية بين العاصمتين الى بكين الساعة السادسة مساء الجمعة، بحسب التلفزيون الصيني.

وسبق ذلك استجابة صينية للضغوط الأميركية بوقف استيراد الفحم من كوريا الشمالية، حيث أعلنت وزارة التجارة الصينية، فبراير الماضي، تعليق جميع أنشطة استيراد الفحم من كوريا الشمالية لما تبقى من العام الحالي".

وتمثل صادرات الفحم مورداً اقتصادياً هاماً لكوريا الشمالية يدر عليها مليار دولار سنوياً تقريباً.

لم تكن العقوبات وحدها التي أضعفت اقتصاد كوريا الشمالية، التي يعيش فيها 25 مليون مواطن ربعهم تقريباً لا يجد ثمن الطعام و41% منهم يعانون من سوء التغذية وفقاً للأمم المتحدة، بل أيضاً ساهمت سياسات النظام الحاكم في ذلك بفرض الانغلاق الشديد على المجتمع وعدم الانفتاح على الاقتصاد العالمي أو المؤسسات الدولية، والتشبث بإشراف الدولة الكامل على الاقتصاد وتوجيه قوتها العاملة نحو الصناعات العسكرية، حيث يمثل أعضاء القوات المسلحة الكورية 8.5% تقريباً من إجمالي القوة المؤهلة للعمل وهو رقم ضخم يؤثر على باقي قطاعات الاقتصاد.

ويسعى الرئيس الكوري الشمالي، كيم جونغ اون، لأن تبدو الأمور طبيعية في بلاده وأنها لا تتأثر بالتهديدات الأميركية والتي تجد صدى لدى بعض الدول القريبة فضلاً عن حلفاء الولايات المتحدة.

وقام جونغ-اون، الخميس الماضي، بالظهور إعلامياً في افتتاح مجمع "ريوميونغ ستريت" المؤلف من 5000 شقة، وعدد من العمارات الشاهقة، حيث أكد أن المشروع "انتصار على العقوبات الإمبريالية".


كما سعت بيونغ يانغ التي تستقطب عدداً قليلاً من السياح سنوياً (5 آلاف تقريباً) إلى تنظيم ماراثون، يوم الأحد 9 أبريل الجاري، حضره ربع هذا العدد من السياح الأجانب إضافة إلى عدد من المواطنين لإكمال الصورة بأن الأمور طبيعية.


وضع صعب

يعاني مواطنو كوريا الشمالية من أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة وفقاً لتقرير صادر عن الأمم المتحدة في مارس الماضي، ووجه مسؤول أممي نداء لتقديم مساعدات إنسانية إلى كوريا الشمالية، حيث ينتشر النقص الحاد المزمن في الغذاء على نطاق واسع ويعاني نحو 41% من السكان نقص التغذية.

وأفاد تقرير "الاحتياجات والأولويات" الذي أعده الفريق الإنساني على المستوى الوطني ويضم هيئات أممية ومنظمات غير حكومية، أن سكان كوريا الشمالية لديهم "احتياجات ملحة".

وأفاد التقرير وفقاً لوكالة "فرانس برس" أن نحو 10.5 ملايين كوري شمالي لا يحصلون على ما يكفي من الغذاء استناداً الى أرقام "مؤشر الجوع في العالم" الذي يستخدمه المعهد الدولي لأبحاث السياسات الغذائية ويصنف كوريا الشمالية في المرتبة 98 على سلم الجوع الذي يضم 118 بلداً.

وقال تبان ميشرا، المسؤول الأممي في كوريا الشمالية، إن هذا البلد يعيش "وضعاً إنسانياً مزمناً ومتجذراً ومنسياً إلى حد كبير أو يتجاهله سائر العالم".

وأضاف، أن توفير الأموال لبرامج إنسانية في كوريا الشمالية الخاضعة لعقوبات أممية جراء برامجها النووية والبالستية المحظورة، "شكل على الدوام تحدياً".

ويعتمد نحو 18 مليون كوري شمالي أي 70% من السكان وبينهم 1.3 مليون طفل تحت سن الخامسة على تسلم حصص من الحبوب والبطاطس توزعها المؤسسات الحكومية.

وتراجعت الحصص الحكومية بين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول 2016 إلى 300 غرام للشخص في اليوم، وهذا أقل بكثير من الهدف الرسمي للنظام وهو 573 غراماً للشخص يومياً، وفق التقرير.

وشهدت البلاد مجاعة في النصف الثاني من تسعينيات القرن العشرين قضى فيها مئات الآلاف، وفق منظمات غير حكومية.


(العربي الجديد)

المساهمون