طوارئ مصر تشل التجارة والإنتاج ... ولا مكان للسياحة

طوارئ مصر تشل التجارة والإنتاج ... ولا مكان للسياحة

11 ابريل 2017
قلق من تنامي الضغوط المعيشية وتعطل الاقتصاد (فرانس برس)
+ الخط -
أصاب إقرار مجلس الوزراء المصري أمس، حالة الطوارئ في مختلف أنحاء البلاد، القطاع الاقتصادي بالارتباك، وسط قلق متنام من تسبب الإجراءات المصاحبة لحالة الطوارئ في تكبيل الإنتاج والتجارة الداخلية، فضلاً عن تبدد آمال عودة السياحة والاستثمارات الأجنبية خلال الأشهر المقبلة.
وجاء إعلان حالة الطوارئ مدة ثلاثة أشهر، بناء على إعلان للرئيس عبد الفتاح السيسي، بينما كانت مصر تواصل تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي، يشرف عليه صندوق النقد الدولي بالتعاون مع الحكومة ومؤسسات الدولة.
كما تزامن مع عودة تدريجية للسياحة وتدفق النقد الأجنبي في القنوات الرسمية، وفي الوقت الذي تتحضر فيه مصر لاستلام الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 1.25 مليار دولار من إجمالي قرض متفق عليه نهاية العام الماضي بقيمة 12 مليار دولار يصرف على ثلاث سنوات.
ورغم تباين ردود الأفعال في الشارع المصري، من قرار إعلان الطوارئ، فإن المستثمرين بدوا أكثر تخوفا من تداعيات القرار، منتقدين عدم وضوح الإجراءات المنتظر اتخاذها، من أجل اتخاذ الاحتياطات اللازمة، لعدم تأثر أعمالهم وحركة نقل البضائع والعمال.

قيود على الإنتاج

وقال علاء السقطي، رئيس جمعية مستثمري مدينة بدر (شرق القاهرة)، إن التأثير سيكون كبيراً على مصانع المناطق الصناعية، لا سيما التي تعمل على مدار الساعة، فضلا عن حركة نقل البضائع التي تتم ليلاً.
وأضاف السقطي لـ"العربي الجديد"، أنه يتم حالياً التواصل مع الأجهزة الأمنية للتعرف على التعليمات الخاصة بفرض حالة الطوارئ سواء تحديد ساعات للعمل أو حظر التجوال بعد ساعة معينة.
وتابع: "الاستثمارات الأجنبية الجديدة ستكون الأكثر تأثراً، حيث ستتعطل لفترة وسيرجئ أي مستثمر قراراته لحين استقرار الأمور، التي نرى أنها ستكون مؤقتة".
وتقول الحكومة المصرية، إنها تعمل على تهيئة المناخ الجاذب للاستثمار المحلي والأجنبي على حد سواء، وأنها تضع حل مشاكل المستثمرين وإزالة المعوقات التي تقف في طريقهم في رأس الأولويات.
وتسعى الحكومة المصرية، من خلال برنامجها الذي عرضته أمام مجلس النواب قبل نحو عام، إلى زيادة معدل الاستثمار إلى 19% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2017/ 2018، مقابل 14.4% في العام المالي 2014/ 2015.
وقال حسين صبور، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين السابق لـ"العربي الجديد"، إن "حالة الطوارئ تؤثر بالضرورة على مناخ الاستثمار سواء الحالي أو المستقبلي، إلا أن عدم اقتلاع جذور الإرهاب له آثار أشد على الاقتصاد المصري".
وأضاف: "نعاني منذ سنوات من ركود الاستثمارات، فلن يضير الاقتصاد فرض حالة طوارئ لمدة 3 أشهر، لتحقيق معيار الأمن الأهم في المرحلة الحالية".
ويعد السيسي الذي تولى الرئاسة منتصف 2014، بعد إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز 2013، بتحقيق الأمن والرخاء الاقتصادي للبلاد، إلا أن الأعمال الإرهابية باتت متكررة، ووسع تنظيم الدولة الإسلامية هجماته خارج النطاق الجغرافي لشبه جزيرة سيناء (شمال شرق)، لتشمل مناطق متفرقة من أنحاء مصر، وامتدت إلى العاصمة القاهرة.
كما زادت معدلات الاقتراض المحلي والخارجي، ووصل الدين العام إلى مستويات غير مسبوقة، مسجلا 4.2 تريلونات جنيه (233.8 مليار دولار)، وهو ما يزيد على ضعف مستوياته قبل نحو عامين، وأطبقت موجات الغلاء على معيشة المصريين والخدمات الأساسية.
وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية، مسؤوليته عن التفجيرين اللذين استهدفا كنيستين في مدينتي الإسكندرية وطنطا (شمال)، ما أدى إلى مقتل 44 شخصاً على الأقل، بينهم سبعة من رجال الشرطة، وإصابة 126 آخرين، وفق بيانات وزارة الصحة.

السياحة أتعس حظاً

ويبدو أن قطاع السياحة يعد الأتعس حظاً، بعد أن بددت العمليات الإرهابية الأخيرة، آمال رواج موسم الصيف الذي يحل خلال أسابيع مقبلة.
وقال مسؤول كبير في وزارة السياحة، إن الحكومة البريطانية أصدرت صباح أمس، تحذيرات لمواطنيها بعدم السفر إلى كل المناطق السياحية فى سيناء (شمال شرق) باستثناء منتجع شرم الشيخ، والأقصر وأسوان (جنوب)، مضيفا أن التحذيرات شملت مناطق غرب الدلتا (شمال القاهرة).
وتعتمد مصر بشكل أساسي على إيرادات السياحة، لتوفير النقد الأجنبي، إلا أن سلسلة انتكاسات أبرزها سقوط طائرة روسية بالقرب من جزيرة سيناء، في أكتوبر/تشرين الأول 2015، راح ضحيته 224 شخصاً، دفع باتجاه مصاعب أخرى لصناعة السياحة المصرية، لا سيما أن تنظيم الدولة الإسلامية هو من أعلن مسؤوليته عن إسقاط الطائرة.
وكان محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر، قد أعلن في وقت سابق من العام الجاري، أن إيرادات بلاده من النقد الأجنبي في قطاع السياحة انخفضت إلى 3.4 مليارات دولار في عام 2016، وهو ما يقل 44.3% مقارنة عن مستواها في 2015.
وأشار عاطف عبد اللطيف، عضو جمعيتي مستثمري مرسى علم وجنوب سيناء، إلى ضرورة تحرك الحكومة ممثلة في وزارتي الخارجية والسياحة مع الهيئة العامة للاستعلامات، لتوضيح الصورة عن مصر، لا سيما أن قرار فرض حالة الطوارئ يعطي صور سلبية عن الأوضاع في البلاد.
وقال عبد اللطيف إن "فرض الطوارئ رغم ضروريته لمحاربة الإرهاب سيكون له تداعيات سلبية على السياحة الوافدة لمصر لو لم يتم توضيح أسباب ذلك للخارج".

ارتفاع متوقع للدولار

ويشير خبراء الاقتصاد إلى أن سوق الصرف والبورصة ستتأثر كذلك بحالة الطوارئ. وهبطت بورصة مصر خلال التداولات الصباحية أمس الإثنين، بعد ان أغلقت مؤشرها الرئيسي "إي جي إكس 30" يوم الأحد على تراجع بنسبة 1.55%، ليخسر رأس المال السوقي للأسهم المقيدة 7 مليارات جنيه (389 مليون دولار).
وقال هشام إبراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار في جامعة القاهرة: "سيكون هناك تأثير بالضرورة على مؤشرات الاقتصاد وعلى أسعار الصرف ولو لفترة، حيث يتوقع ارتفاع الدولار، خاصة أن هناك عدم استقرار لمؤشرات الاقتصاد".
وتباطأ معدل نمو الاقتصاد إلى 3.8% خلال الربع الثاني (أكتوبر/ تشرين الأول ــ ديسمبر/ كانون الأول 2016) من العام المالي الجاري، مقابل 4% في الفترة المقابلة من العام المالي الماضي 2015/2016.
ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو/ تموز حتى نهاية يونيو/ حزيران من العام التالي وفقاً لقانون الموازنة المصرية.
وفي نهاية يناير/ كانون الثاني 2016، خفضت مصر توقعاتها لمعدل النمو الاقتصادي إلى 4% خلال العام المالي الجاري 2016/2017.
وقال فخري الفقي، مستشار صندوق النقد الدولي السابق والخبير الاقتصادي: "استثمارات الأجانب سواء في البورصة أو المشروعات وأدوات الدين العام ستتراجع خلال الأيام المقبلة، وستعود مرة أخرى مع وجود استقرار.. الأمن لا يمكن أن ينفصل عن الاقتصاد، وإنما يعد أهم معيار لتواجد رأس المال الأجنبي".
وفي هذه الأثناء، تترقب مصر، وصول بعثة صندوق النقد الدولي نهاية أبريل/نيسان الجاري، للاطلاع على مجرى الإصلاحات الاقتصادية، وفقا لنائب وزير المالية المصري أحمد كوجك، وذلك انتظاراً لصرف الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد.