الغاز الجزائري يضل طريقه إلى أوروبا

الغاز الجزائري يضل طريقه إلى أوروبا

11 ابريل 2017
إيطاليا توقف استيراد الغاز الجزائري بدءاً من 2019 (Getty)
+ الخط -
قررت إيطاليا عدم تجديد عقد استيراد الغاز الجزائري عبر الأنبوب الذي يربط البلدين، ويتحول ما كان قبل شهور مجرد إشاعات وتحاليل خبراء، إلى حقيقة خلطت حسابات الجزائر، في وقت لا يسمح لها بخسارة المزيد من الأموال بعد انهيار إيرادات النفط.
الخبر غير السار للجزائر حمله وزير التنمية الاقتصادية الإيطالي، كارلا كاليندا، الذي قال قبل يومين، إن عقد توريد الغاز بين الجزائر وإيطاليا الذي سينتهي سنة 2019 لن يتم تجديده.

ونقلت وسائل إعلام إيطالية تصريحات للوزير الإيطالي، أكد خلالها، أن إمدادات الغاز الجزائري لإيطاليا بما فيها التي تتدفق عبر أنبوب الغاز "غازودوك" ستنتهي عام 2019 ولن يتم تجديدها"، مضيفاً، أن بلده سيوقع عقوداً طويلة الأمد مع هولندا سنة 2020 والنرويج سنة 2026.
من جانبها أكدت الجزائر على لسان وزير الطاقة، نور الدين بوطرفة، أن إيطاليا رفضت تجديد عقد استيراد الغاز الجزائري.
ويأتي القرار الإيطالي ليزيد لمعادلة الحكومة الجزائرية المبنية على الإبقاء على حصة الجزائر في السوق الأوروبية دون تخفيض أسعار الغاز مع الفوز بعقود طويلة الأمد، غموضاً وتعقيداً، بعدما وصلت أغلب عقود الغاز إلى نهايتها، في وقت فقدت عائدات النفط قرابة ثُلثي حجمها للعام الثالث على التوالي.

وعلى الرغم من خروج القرار الإيطالي القاضي بعدم تجديد عقود استيراد الغاز الجزائري من مصدرٍ حكومي رسمي، إلا أن بعض المتتبعين للمشهد الطاقوي يرون في القرار مجرد مناورة من روما.
فحسب الخبير الطاقوي ونائب رئيس الجمعية الجزائرية لصناعة الغاز، عبد المجيد عطار، فإن روما تسعى للضغط على المجمع النفطي الجزائري "سوناطراك" لكسر الأسعار ولي ذراع الجزائر التي تصر على ثنائية تخفيض الأسعار مقابل عقود طويلة الأمد.
وأضاف المدير العام الأسبق لمجمع سوناطراك في حديث مع "العربي الجديد" أن الشركات الإيطالية لو قررت تجميد استيراد الغاز من الجزائر، ستكون ملزمة بالخضوع لما ينص عليه عقد التموين، من خلال تعويض الطرف المتضرر، وهو ما سيقف حاجزاً بين الشركات الإيطالية وعدم تجديد عقود سوناطراك، كما يمكن أن يخلف قرار تجميد العمل بأنبوب الغاز أزمة سياسية أكثر منها اقتصادية بين البلدين.

وقال الخبير الجزائري، إن أغلب عقود الغاز متواصلة إلى نهاية عام 2019، ومنها ما هو مستمر إلى نهاية عام 2022، ورغم أن بعض مفاوضات التجديد قد انطلقت هذه الأثناء، إلا أن هامش تخلي بعض الدول الأوروبية كإيطاليا أو إسبانيا وفرنسا عن الغاز الجزائري يبقى ضيقاً على الرغم من وجود بدائل كالغاز الروسي والهولندي والنرويجي، "ويبقى الهامش ضيقاً بحكم القرب الجغرافي، وهو ما سيؤثر حتماً على الأسعار"، وفق تعبيره.
إلا أن تمسك إيطاليا بقرارها وعدم الرجوع فيه سيكون حسب الخبراء، بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ يتعدى تأثير القرار على مداخيل البلاد بصفة إيطاليا الزبون الأول للجزائر، بل سيؤثر أيضاً على سير مفاوضات تجديد العقود الأخرى التي تربط الجزائر بأسبانيا وفرنسا.

فحسب كمال الدين جادي وهو مسؤول سابق في وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية فإنه عندما يعلن زبون كبير عن عدم تجديد عقود التموين بالغاز الجزائري، عبر أنبوب غاز وقبل سنتين من انتهاء صلاحية العقود، فهذا يعني أن هذا الزبون يملك معطيات تضمن له أنه لن يغير موقفه على الأقل في السنتين المتبقيتين من عمر العقود، أو أنه يملك مصدر تموين آخر.
وأضاف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أن القرار الإيطالي إن لم يتغير فإنه سيؤثر على مفاوضات تجديد عقود باريس ومدريد، حيث ستستعملان هذا القرار كورقة ضغط لـ "تليين" موقف الجزائر المتمسك بعقود طويلة الأمد.
ولفت جادي إلى أن عدم تجديد عقود تموين إيطاليا بالغاز الجزائري في السنوات القادمة سيكون بمثابة التوقيع على شهادة وفاة مشروع أنبوب الغاز جالسي (GALSI) الذي اُريد له أن يصدّر حوالى 8 مليارات متر مكعب من الغاز الجزائري سنوياً نحو جنوب أوروبا، وهو المشروع الموقع سنة 2003 والذي يشهد تأخراً في الإنجاز بسبب العقود التي تربط الجزائر وروما.

وتحتل الجزائر المرتبة الثالثة بين كبار موردي الغاز للاتحاد الأوروبي بعد روسيا والنرويج، غير أن طاقتها التصديرية عبر ثلاثة خطوط أنابيب تمتد عبر البحر المتوسط غير مستغلة بشكل كبير.
ففي سنة 2013، أشارت تقديرات الاتحاد الأوروبي إلى أن الجزائر صدرت 25 مليار متر مكعَّب من الغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب إلى إسبانيا وإيطاليا، وهو ما يقل عن نصف طاقتها التصديرية البالغة 54 مليار متر مكعَّب، بينما صدرت 15 مليار متر مكعّب من الغاز الطبيعي المسيل من طاقة قدرها 40 مليار متر مكعَّب.

وقد بلغت قيمة صادرات الغاز الطبيعي بالنسبة للجزائر في 2013 حوالى 12.82 مليار دولار، مقابل 15.81 مليار دولار في 2012 ونحو 37.3 مليار متر مكعب في 2012 حسب أرقام وزارة الطاقة الجزائرية.
وتعاني الجزائر أزمة مالية كبيرة اضطرت معها لسحب جزء كبير من احتياطي النقد الأجنبي المتوفر لديها، بسبب تهاوي أسعار النفط والغاز في السوق الدولية.


المساهمون