فوائد القروض العقارية تثير غضب السعوديين

فوائد القروض العقارية تثير غضب السعوديين

24 مارس 2017
ارتفاع تكلفة البناء في السعودية (فرانس برس)
+ الخط -
لم ينجح إعلان وزارة الإسكان السعودية عن الدفعة الثانية من المنتجات السكنية للعام الحالي، في حلحلة مشكلة الإسكان في البلاد التي تطاول نحو 62% من السعوديين، حسب تقارير متخصصة.
ومع أن الدفعة الجديدة شملت 17923 مستفيداً، منهم 7700 ألف مقترض من الصندوق العقاري، إلا أن غالبية هذه الدفعة لن تستفيد في ظل توقعات خبراء عقارات بأن يكون مصير هذه الدفعة مثل مصير الدفعة الأولى التي تم الإعلان عنها قبل نحو منتصف فبراير/شباط الماضي، ولم يستفد من القروض إلا عدد قليل بسبب ارتفاع الفوائد.
وحسب مصادر في الصندوق العقاري، لـ"العربي الجديد"، لم يستفد سوى 220 شخصاً فقط ممن ظهرت أسماؤهم في الدفعة الأولى، والتي ضمت 7700 مستفيد.
وأكدت المصادر، والتي رفضت ذكر اسمها، أن 5200 مستفيد رفضوا الذهاب للبنوك بسبب ارتفاع الفوائد على القروض، بينما رفضت البنوك طلبات 2000 مستفيد قبلوا تلك الفوائد المرتفعة، لعدم مواءمتهم المالية.
وتشترط البنوك ألا يكون المستفيد مقترضاً من قبل، وألا تزيد نسبة استقطاع مبلغ 3200 ريال عن ثلث الراتب.
ومن أجل ذلك تواجه وزارة الأسكان غضباً كبيراً من طالبي السكن، لأن قرارها المثير للجدل سيجبرهم على دفع نحو 78%، من قيمة القرض كفوائد بنكية، في وقت كان المقترض قبل هذا القرار يعيد فقط المبلغ الذي حصل عليه من دون فوائد.

انحراف عن المسار

من جانب آخر دخل مجلس الشورى السعودي في دائرة منتقدي وزارة الأسكان، بعد أن اتهم الوزارة بالفشل في حل أزمة السكن، وبأن قراراتها الأخيرة كانت عكسية على المواطن، خاصة المتعلقة بتحويل مقترضي صندوق التنمية العقاري على البنوك التجارية.
وأكد المجلس أن الوضع الإسكاني غير مرضٍ، معتبراً أن خطة الوزارة لتوفير التمويل للمطورين لتشييد الوحدات السكنية وتوزيعها على المواطنين انحراف عن أولويات عمل الوزارة.

ولكن على الرغم من كل تلك الاعتراضات ورفض المتضررين تحويلهم إلى البنوك التجارية، تمسكت وزارة الإسكان بخطتها، معتبرة أنها الحل الأمثل للقضاء على قوائم الانتظار التي تضم 1.7 مليون طالب سكن.
وشدّد الصندوق على أن من تصدر له الموافقة على القرض سيتم توجيهه إلى أحد الممولين المشاركين معه، ومن ثم يحصل على التمويل المناسب، على أن يتم تحويل تكلفة التمويل إلى الحساب البنكي للمواطن غير المقتدر مالياً شهرياً، بمستويات متفاوتة، حسب الراتب وعدد أفراد الأسرة.
وتوقع المتحدث الرسمي للصندوق العقاري، حمود العصيمي، أن يسهم برنامج التمويل المدعوم في تقليص فترة الانتظار من 11 سنة إلى 5 سنوات بحد أقصى، مشدداً على أن دور الصندوق سيكون داعماً، بحيث يقوم بسداد تكاليف التمويل المستحقة، بناء على دخل المستفيد وعدد أفراد أسرته، إلا أن هذه التصريحات لم تقنع المتضررين من قرار وزير الإسكان، والذين بات عليهم أن يعيدوا مبلغ 500 ألف الذي سيحصلون عليه، بـ 835 ألفاً بعد إضافة الفوائد.

اللجوء للقضاء

شكّل عدد من المتضررين من قرار وزير الإسكان تكتلاً للمطالبة بحقوقهم، ورفعوا دعوى قضائية لدى المحكمة الإدارية يطالبون فيها بنقض القرار، وأكد المستشار القانوني عصام المعوض الذي يدافع عن مصالح المتضررين من القرار أن مجلس الوزراء قرر استثناء الطلبات المقدمة على الصندوق العقاري لدى أصحابها، ولكن تم تعديل القرار من وزارة الإسكان، بطريقة غير قانونية.
وحسب المعوض: "لا يمكن تطبيق أي قرار بأثر رجعي، كما أن المتقاعدين لم يشملهم القرار، ولا حتى من بقي له في الخدمة أقل من خمس سنوات، وكذلك العاملين في القطاع الخاص، وهذا يعني أنهم خرجوا من قوائم الانتظار من دون أي مقابل".
وشدّد المعوض على أن الوزارة لم تخرج لتوضح مسببات القرار، ولم تعلن عن أرقام المستفيدين وتركت الأمور غامضة.
ومن جانبه يؤكد الخبير العقاري عبد الله العشن، لـ"العربي الجديد" أن توجه المتضررين من قرارات وزارة الإسكان للقضاء هي خطوة جيدة، معتبرا أن صندوق التنمية العقارية قام بتحويل القروض على البنوك بدون سابق إنذار.
وقال: "من الأساس الوزارة هي من خالفت القانون، لأن الأمر الملكي الصادر بهذا الخصوص نص على أن التحويل لا يشمل من تقدموا قبل 2012، ولكن الوزارة خالفت ذلك وأخضعت الجميع للتحويل".
وأضاف: "أيضا كانت الفوائد مرتفعة جدا، وغير منطقية، وتصب في صالح البنوك بالدرجة الأولى لأنها بلغت أكثر من 4.5 % سنوياً، كما أن موظفي القطاع الخاص لا يشملهم النظام الجديد، فكأنما الوزارة تنصلت من مسؤولياتها، والقرار في مجمله خاطئ، وغير نظامي، ويخالف الدور الحقيقي للصندوق، إلا أن من سيؤكد ذلك في النهاية هو القضاء الذي سينظر في دعوى المتضررين".

تهميش الصندوق العقاري

في الاتجاه ذاته أكد العقاري عبد الله السعود لـ"العربي الجديد" أن التحويل للبنوك التجارية سيلغي الدور الذي كان يلعبه الصندوق العقاري، خاصة لمحدودي الدخل، وقال: "كان هناك تباطؤ كبير في عمل الصندوق، والذي لم يحقق خلال السنوات الثلاث الماضية الأهداف المرجوة منه، وللأسف تحويل الناس للبنوك ليس حلاً لأكبر مشكلة يواجهها السعوديون حالياً، فالبنوك هدفها الأول هو الربح، ولن ترحم الناس، ولن تحل مشكلتهم".
وحسب السعيد، فإن أرباح البنوك المتوقعة من القروض العقارية التي ستقدمها للمواطنين ستكون 78% من قيمة القرض، وهي أرباح سيدفعها المواطن من راتبه.
وخلال أكثر من 40 عاما هي عمر الصندوق، بلغ عدد ما قدمه الصندوق من قروض 773.7 ألف قرض، كما ساهم في شراء 928.8 ألف وحدة سكنية جاهزة بقيمة أجمالية تتجاوز 229 مليار ريال (نحو 61 مليار دولار)، إلا أن المختصين العقاريين في السعودية يعتبرون هذه الأرقام محبطة ولم تنجح في علاج أزمة السكن، خاصة أن الصندوق لا يقدم سوى 15 ألف قرض سنوياً، فيما تبلغ قائمة الانتظار أكثر من 1.7 مليون اسم من دون احتساب الذين قدموا بعد إلغاء شرط تملك الأرض.
وكانت وزارة الإسكان قد أعلنت قبل نحو شهرين عن إطلاق أولى دفعات برنامج سكني الذي يتضمّن 280 ألف منتج سكني وتمويلي للتخصيص والتسليم في جميع مناطق المملكة.
وأوضحت أن المنتجات تشمل 120 ألف وحدة سكنية بالشراكة مع القطاع الخاص، متنوعة المساحات بحسب معايير الدخل وعدد أفراد الأسرة، على أن يتم تخصيصها خلال العام الجاري ابتداء من شهر مارس/آذار الجاري، وتسليمها خلال مدة أقصاها ثلاثة أعوام، بالإضافة إلى أراضٍ ومنتجات أخرى.