أهداف اقتصادية للحظر الإلكتروني الأميركي على الخطوط الخليجية

أهداف اقتصادية للحظر الإلكتروني الأميركي على الخطوط الخليجية

23 مارس 2017
يعتقد المحللون أن ترامب خلف شمول القرار شركات خليجية(Getty)
+ الخط -
يثير القرار الأميركي والبريطاني، المتعلق بحظر أجهزة إلكترونية داخل مقصورات الركاب، في الرحلات المتوجهة من عدد من الدول الإسلامية نحو أميركا وبريطانيا، الكثير من التساؤلات، وموجة شكوك طاولت تحديداً لائحة الحظر الأميركية.

فقد أعلنت أميركا الثلاثاء الماضي، حظر الأجهزة الإلكترونية داخل قمرة المسافرين، لدواعٍ أمنيةٍ مرتبطة بالمخاوف من عمليات إرهابية، وذلك في الرحلات المتوجهة إلى أميركا من عشرة مطارات دولية في مدن القاهرة وعمّان والكويت والدار البيضاء والدوحة والرياض وجدة وإسطنبول وأبوظبي ودبي. 

ولحقت بها بريطانيا بقرار مماثل شمل الرحلات القادمة إلى بريطانيا من 6 دول، هي تركيا ولبنان والأردن ومصر وتونس والسعودية. ويشمل القرار البريطاني، كل جهاز يبلغ طوله أكثر من 16 سنتم وعرضه أكثر من 9.3 سنتم وسماكته أكثر من 1.5 سنتم (6.3 و3.7 إنشات). أما حظر الولايات المتحدة فينطبق على جميع الأجهزة الأكبر من الهاتف المحمول العادي الحجم.
ودعت كل من الدولتين المسافرين إلى وضع تلك الأجهزة في حقائب الأمتعة التي تشحن في الطائرة، إذ أن الحظر يشمل المقصورات فقط.

لكن الاختلاف في أسماء الشركات التي تشملها قرارات الحظر أثار الكثير من التساؤلات، إذ تشمل لائحة الحظر البريطانية الخطوط الجوية المتوجهة إلى بريطانيا والتابعة لشركات الطيران التالية: الخطوط الجوية التركية، خطوط بيغاسوس التركية، أطلس غلوبال، طيران الشرق الأوسط، مصر للطيران، الملكية الأردنية، الخطوط الجوية التونسية، الخطوط الجوية السعودية. 

إلا أن اللائحة الأميركية للحظر التي صدرت في اليوم ذاته، طاولت إضافة إلى الشركات المدرجة في القرار البريطاني: طيران الاتحاد (الإماراتية)، الخطوط الجوية الكويتية، الخطوط الجوية القطرية، طيران الإمارات إضافة إلى الخطوط الملكية المغربية. 

شركات الطيران الأميركية لن تتأثر بهذا الحظر برغم استخدامها المسارات الجوية ذاتها، علماً أن هذه الشركات تخوض منذ أكثر من عامين، حملة في واشنطن لدفع الحكومة باتجاه إعادة النظر في سياسة الأجواء المفتوحة التي تستفيد منها شركات الطيران الخليجية الكبرى الثلاث: "الإماراتية" و"الخطوط الجوية القطرية" و"الاتحاد".
وتتهم الشركات الأميركية نظيراتها الخليجية بالاستفادة من مساعدات حكومية تصل إلى 53 مليار دولار، ما يعني وجود منافسة غير قانونية. وعلى هذا الأساس، طالبت الشركات الأميركية الرئيس دونالد ترامب بإجراءات لحماية قطاع الطيران الأميركي، انطلاقاً من شعاره: "أميركا أولاً".

وفي منتصف الشهر الماضي، وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب شركات الطيران الخليجية بأنها مفيدة للاقتصاد الأميركي وتوفر آلاف الوظائف، وبالتالي، فإنه لن يتخذ أي قرار ضدها بشأن شكوى شركات الطيران الأميركية.

وقال ترامب، خلال لقائه مع كبار المدراء التنفيذيين في قطاع الطيران الأميركي، إنه لا يستطيع مساعدة شركات الطيران الأميركية على درء خطر منافسة الشركات الخليجية.

إلا أن شمول لائحة الحظر الأميركية أسماء شركات الطيران الخليجية التي اشتكت عليها الشركات الأميركية، دون تواجد هذه الشركات في اللائحة البريطانية، عزز الشكوك لدى المراقبين بأن إدارة ترامب تقوم بالاقتصاص من الشركات الخليجية تحت مبرر محاربة الإرهاب.

وقال الخبير الأميركي في شؤون الطيران كايل بايلي، في حديث مع "فرانس برس" إن الشركات الأميركية "ستستفيد من القرار لأن الشركات تجني أرباحها من ركاب الدرجة الأولى. وهؤلاء لن يختاروا طائرة لا يمكن أخذ كمبيوتر محمول إليها". وتابع: "لا يريد هؤلاء أن يخسروا 12 ساعة عمل في الطائرة".

ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" يوم أمس، تقريراً يعزز هذه الشكوك، بعنوان: "كيف يخدم الحظر الإلكتروني أجندة ترامب؟". وقالت الصحيفة في متن التقرير إن المسؤولين يتحفظون على الرد عن الأسئلة المرتبطة بالدوافع التي أدت إلى إصدار قرارات الحظر.

ولفتت الصحيفة إلى أنه عندما ضغط عليهم الصحافيون، ردد المسؤولون في كلا البلدين أن الإجراءات ليست رداً على تهديد محدد، وإنما نتيجة التقديرات الاستخباراتية حول بحث الإرهابيين عن طرق جديدة لزرع الرعب في السماء، ربما من خلال قنابل مخبأة في المعدات الإلكترونية.
وقد ارتبك خبراء الأمن الذين قابلتهم الصحيفة، فيما يتعلق بهذا القرار، إذ شكك البعض في أن وضع أجهزة الكمبيوتر المحمولة في مقصورة البضائع سيكون أكثر أمناً من حملها في مقصورة الركاب.

وشرحت الصحيفة أن الباحثين السياسيين هنري فاريل وأبراهام نيومان قالا إن ثلاث شركات طيران تم استهدافها بالتدابير الأميركية وهي: الإمارات وطيران الاتحاد والخطوط الجوية القطرية، اتهمت من قبل المنافسين في الولايات المتحدة بتلقيها دعماً ضخماً من حكوماتها. وأضافا أن الشركات الأميركية وعدت بالرد من قبل ترامب، وقد يكون شمولها في لائحة الحظر انتقاماً.

واعتبر كل من فاريل ونيومان أن القرار هو مثال لإدارة ترامب فيما يتعلق باستخدام نفوذها في العالم لإضعاف المنافسين، حيث أن المطارات الأميركية هي "العقد" الرئيسية في السفر الجوي العالمي.

واعتبر ماكس بيراك بأن هذا الإجراء الأميركي يمكن أن يكون جزءاً من جدول أوسع لحمائية ترامب. إذ أنه في فبراير/ شباط الماضي، الرئيس ترامب التقى المديرين التنفيذيين في شركات الطيران الأميركية وتعهد بأنه سوف يساعدها على المنافسة ضد الشركات الأجنبية التي تتلقى الدعم من حكومات بلادها.

ولفتت "واشنطن بوست" إلى أن الشركات من الدول التي طاولها الحظر، هي الأكثر منافسة للشركات الأميركية، مشيرة على سبيل المثال إلى أن مطار دبي وحده نقل 83 مليون مسافر في العام 2016. 
(العربي الجديد)

المساهمون