السودان يسعى لإثراء خزينته عبر الضرائب

السودان يسعى لإثراء خزينته عبر الضرائب

22 مارس 2017
السودان يسعى لمكافحة التهرب الضريبي (Getty)
+ الخط -


قال مسؤولون في الحكومة السودانية إن بيانات رسمية حديثة أظهرت أن بلدهم بين أضعف دول القارة الأفريقية تحصيلا للضرائب، ما حفّز السلطات على اتخاذ تدابير جديدة من شأنها دعم الخزانة العامة للدولة عبر محاصرة المتهربين من دفع الجباية بأنواعها وتوسيع المظلة الضريبية، وفي المقابل حذر خبراء اقتصاد من موجة غلاء جديدة تصيب الأسواق بسبب زيادة الضرائب.
وتشير بيانات حكومية إلى أن عدد المسجلين لدى وزارة المالية كدافعي ضرائب حالياً لا يتجاوز 200 ألف شخص، وهو رقم تعتبره مؤسسات المال والمعنيون ضعيفا جدا مقارنة بعدد السكان البالغ 30 مليونا.

وكان عدد المسجلين لدى إدارة الضرائب 142 ألفا فقط العام الماضي، لكن نظاما جديدا للحوسبة ساهم في رفع العدد بنسبة تقترب من 30%.
وقال وزير المالية بدرالدين محمود، في تصريحات صحافية، أخيراً، إن وزارته تُعد خطة للعام الجاري تستهدف زيادة تحصيل الضرائب المباشرة عبر توسيع المظلة الضريبية، وذلك بغرض تحسين إسهام الضرائب في الإيرادات العامة والناتج المحلي الإجمالي، بما يضمن عدالة توزيعه بين المواطنين.

وتقدر موازنة السودان للعام الجاري 2017، أن تغطي حصيلة الضرائب نحو 74% من إجمالي الإيرادات العامة.
بيد أن ثمة مراقبين معارضين لتوجه الحكومة هذا، معتبرين أن زيادة إيرادات الضرائب لا ينبغي أن تصل لمرحلة أن تعتمد عليها الدولة بشكل شبه كلي في موازنتها السنوية.
وتشير تقديرات موازنة العام الجاري إلى إيرادات عامة متوقعة تقترب من 77.7 مليار جنيه، فيما يصل الإنفاق العام المتوقع إلى 96 مليار جنيه، بعجز يبلغ 18.5 مليار جنيه.

رقابة آلية

من جانبه أكد الأمين العام لديوان الضرائب عبدالله المساعد، أن نظام حوسبة العمل الضريبي ستنتهي أواخر أبريل/نيسان المقبل، قائلا: "بدءا من مايو (أيار) المقبل لن يستطع أي تاجر التعامل إلا بالفاتورة الإلكترونية".
وتوقع المساعد، في تصريح لـ "العربي الجديد" حدوث مقاومة للنظام الجديد من دافعي الضرائب، لكنه قطع بأن لا سبيل للعمل الضريبي إلا عبر فوترة العمليات لتسهيل الربط بين السوق ووزارة المالية، وتخفف العبء على محصلي الضرائب، وكذا الحد من التهرب الضريبي، فالنظام الجديد لن يسمح لأي من التجار التعامل خارج نطاقه، وفق تعبيره.

وقال مدير مشروع الحوسبة الضريبية في وزارة المالية، صلاح سعد، لـ "العربي الجديد": "لا يزال السودان من أقل الدول لدافعي الضرائب، فبالرغم من إقرار مشروع الحوسبة إلا أن عدد المسجلين لدى إدارة الضرائب لا يزال قليلا".
وأكد سعد مضي الحكومة في نظام الحوسبة للوصول إلى مرحلة السداد الإلكتروني عقب برنامج إقرار القيمة المضافة.

مرونة وتدابير

في المقابل يرى الخبير الضريبي الفاتح عثمان، أن طريقة تحصيل الضرائب تحتاج إلى الكثير من الإدارة والمرونة في التعامل حتى تحقق الهدف الأساسي منها وهو رفع ميزان الإيرادات، معتبراً أن أي تهرب من دفع الضريبة هو محاولة للاستيلاء على المال العام.
وأضاف في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن توسيع المظلة الضريبية يستلزم تدابير قوية، موضحا أن أي خلل في تطبيق المنظومة الضريبية الجديدة سيعرض الدولة لحرج بالغ، ويهدد بتفاقم عجز الموازنة، وربما يقطع الطريق على أية محاولات جديدة لهيكلة المالية العامة للدولة.

وقال إن عدم تطور القطاعات الصغيرة في الولايات يقف عثرة أمام تطبيق رؤية المالية في توسيع القاعدة الضريبية، كما أن الثقافة الضريبية تظل في حاجة للانتشار بين أوساط التجار، مشيرا إلى أن دفع الضريبة طوعا سلوك محدود، فيما يعتبر بعض المتعاملين أن التطوع بسداد الضريبة نوع من السذاجة، لهذا يكثر التهرب الضريبي.
وتوقعت الخبيرة الاقتصادية إيناس إبراهيم، في حديثها لـ"العربي الجديد" أن تؤدي الزيادات الضريبية إلى مشكلات في تسعيرة العديد من السلع والمستلزمات المعيشية، فضلا عن أنها ليست في صالح الدولة دائما، على اعتبار أن المؤسسات المعنية بالزيادات تعمد لزيادة قيمة الخدمة التي يتلقاها المواطن، في وقت لا تتحرك فيه المداخيل، بل تتآكل بفعل التضخم، ما يشكل مخاطر على الاستقرار ويهدد باحتجاجات. وترى أن الأجدى للدولة أن تهتم أكثر بتنمية وتطوير القطاعات الإنتاجية.

ويقول الخبير الاقتصادي ميرغني بن عوف، لـ"العربي الجديد" إن توسيع القاعدة الضريبية ينضوي على أعباء جديدة يتحملها المواطنون، وأضاف أن الضرائب تتسم بالتعقيد ومكلفة في تطبيقها وإدارتها، خاصة ضريبة القيمة المضافة التي لا تلائم البلدان النامية، ما يكلف الدولة أعباء هي الأخرى.


(الدولار الأميركي يساوي 16.5 جنيها سودانيا)



المساهمون