سورية... جريمة العصر

سورية... جريمة العصر

18 مارس 2017
شاهد العالم وشهد تدمير الأسد لسورية(محمد أبا زيد/فرانس برس)
+ الخط -



يوماً تلو يوم، تؤكد الأحداث، أن لا احتمال للمصادفة أو الارتجال، في سلوك ورد النظام السوري وداعميه، على الثورة وطلاب الحرية والعدالة بتوزيع الثروة، بل وبالتعاطي مع البنى التحتية والثروات، من تخريب ورهن ومقايضة.

بل ربما فكر الأسد الوريث، أن الاقتصاد من طرائق نجاته وإعادة تدويره وقتما يقتضي الأمر، تماما كما عمد إلى أسلمة الثورة وتسليحها وتدويلها منذ البدايات، ولعل في التلويح اليوم، بكعكة خراب سورية، تحت ما يسمى إعادة الإعمار، وتهافت الدول على الحصص والسيطرة على الأرض، وما سبقها من منح موسكو وطهران، حصصهما من حقوق وثروات السوريين، إنما يبعد احتمالات الاعتباط والارتجال عن فعائل الأسد، خلال تدميره لسورية بمن وما فيها.

قصارى القول: تؤكد أكثر التقارير تفاؤلاً، أن سورية بذكرى ثورتها السادسة، تحولت بامتياز إلى مأساة العصر، بعد أن تراجع الناتج المحلي الإجمالي من 60 مليار دولار عام 2010 إلى أقل من 27 مليارا نهاية عام 2016 وزادت خسائر الحرب عن 275 مليار دولار.

وما تمخض عن سني الحرب وهذه الأرقام الهائلة، التي تفوق خسائر الحرب العالمية الثانية، من نسبة فقر فاقت 80% وبطالة بنحو 70% وتحول أكثر من نصف السكان، إلى نازح ومهجّر ومهاجر، إثر تدمير نحو مليوني مسكن ووصول خسائر البنى التحتية، لنيف وستين مليار دولار.

ومن نافل القول ربما، بعدما شاهد العالم وشهد، تدمير الأسد لسورية، التطرق إلى الخسائر القطاعية أو التركيز على استهداف قطاع الطاقة الذي كان الوعد والهدف، للشركاء بالقتل والتهديم والعقيدة، لاسترداد ديون الحرب وتمويل قتل السوريين، أو حتى الإشارة إلى انهيار سعر الصرف وخسارة الليرة السورية أكثر من 1100% من قيمتها خلال الثورة، ومرامي الأسد التي كشفتها السنون، إن بالتفقير ومحاولات إذلال السوريين، أو بدفعهم للهجرة بواقع بات العيش فيه، أقسى مما يقال عن التمسك بالأرض والأرزاق والوطن.

نهاية القول: يبقى الإنسان السوري هو الخسارة الكبرى المسكوت عنها، بعد قتل وإعاقة وتهجير نصف السكان، وترك نحو 3 ملايين سوري عملهم وفقدان نحو 12 مليون شخص مصدر الدخل، وتحول أربعة من كل خمسة سوريين فقراء، وتقليص الحرب متوسط أمد الحياة بمقدار عشرين عاماً.

بيد أن كل ذلك، قلما أتى على ذكره مدع لنصرة الثورة ومطالب السوريين، أو حتى إشارة من ساع لثأرية وقصاص من خلالها وعلى حساب أهليها، إذ تبدلت أخيراً الأحاديث بجريمة ربما شارك بها الجميع، إلى تدوير النظام والعفو عما مضى، والتركيز حتى من أصدقاء الأمس، على حصصهم بالأرض وكعكة الخراب، متجاهلين السبب والمسبب في تفكك النسيج الاجتماعي وتراجع نسبة التعليم عند جيل كامل من السوريين، والخراب النفسي والروحي لملايين البشر، وسوى ذلك، من أوجاع وتهديم وخسائر، عصية عن إعادة الاعمار والترميم لسنوات وأجيال.


المساهمون