المواطن العربي وفقدان الأمان الاقتصادي

المواطن العربي وفقدان الأمان الاقتصادي

13 مارس 2017
53% من الأسر المعوزة تلجأ إلى الاستدانة والاقتراض
+ الخط -
الأرقام التي كشف عنها "المؤشر العربي 2016 " اليوم الاثنين خطيرة ومرعبة وتدق ناقوس الخطر، بل وتؤكد أن السياسات التي تسير عليها الحكومات وصناع القرار في المنطقة باتت لا تلبي الحد الأدنى من درجات الأمان الاقتصادي الذي ينشده المواطن العربي، أو حتى تلبي احتياجات المواطن الضرورية من مأكل ومشرب ومسكن وصحة وتعليم وتقاعد.

كما تؤكد الأرقام، التي كشف عنها المؤشر اليوم، أن سياسة الاستدانة واللجوء للاقتراض الخارجي و"روشتات" صندوق النقد والبنك الدوليين وخفض قيمة العملة وتقليص الدعم للسلع الأساسية ورفع الأسعار، كل ذلك يدفع المواطن تجاه فقدان الإحساس بالأمان الاقتصادي، ذلك لأن 57% من المشاركين في الاستطلاع السنويّ للمؤشّر العربيّ قيّموا الوضع الاقتصادي لبلدانهم بأنه سيئ، مقابل 41% وصفوا الوضع بأنه جيد.

وإذا استثنينا دول الخليج، خاصة السعودية والكويت، التي ارتفعت بها نسبة رضا المشاركين النسبي عن الوضع الاقتصادي فيها، فإن نسبة الرضا الاقتصادي تتراجع بين المواطنين في معظم البلدان العربية، وفي مقدمتها تونس وفلسطين ولبنان والأردن والعراق ومصر والسودان والجزائر.

ولأن 49% من المشاركين في الاستطلاع السنوي للمركز العربي قالوا إنّ دخل أسرهم يغطي فقط نفقات احتياجاتهم، ولا يستطيعون أن يوفّروا منه (أسر الكفاف)، وأن 29% من المستطلعة آراؤهم أفادوا أنّ أسرهم تعيش في حالة حاجةٍ وعوز؛ إذ إنّ مداخيلهم لا تغطّي نفقات احتياجاتِهم الأساسية، لذا تكون النتيجة الطبيعية هي أن 53% من الأسر المعوزة تلجأ إلى الاستدانة والاقتراض، إمّا من معارفَ وأصدقاء أو مؤسّسات بنكية وماليّة، وأن ملايين الأسر العربية باتت تدخل تحت دائرة الفقر المدقع التي لا يستطيع فيها رب الأسرة تدبير الاحتياجات الرئيسية لذويه.

بل ووصل الحال إلى أن 20% من الأسر المعوزة تعتمد على معوناتٍ ومساعدات من الأصدقاء والأقارب، و9% تعتمد على معونات جمعيات خيريّة ومعونات حكوميّة؛ " ما يعني أنّ أطر التكافل الاجتماعي التقليدي ما زالت أقوى من إطار المعونة المؤسسيّة" حسبما جاء في تقرير المؤشر العربي، ولذا فإن على الحكومات التي تحارب مؤسسات العمل الخيري والجمعيات الأهلية وتصادر أموالها وتعتقل المسؤولين عنها أن تتوقف عن ارتكاب هذه الجريمة.

ولأنه لا يوجد بصيص أمل في التحسن الاقتصادي أمام ملايين الفقراء العرب، كما أن الرأي العامّ العربيّ شبهُ مجمعٍ على أنّ الفساد الماليّ والإداريّ منتشرٌ في كل دول المنطقة؛ إذ أفاد 93% بأنّه منتشر بدرجات متفاوتة، فإن 24% من مواطني المنطقة يرغبون في الهجرة، ودافعهم الأساسي هو تحسين الوضع الاقتصادي.

المواطن العربي بات يفتقد الأمان الاقتصادي في ظل تفشي الفساد والمحسوبية والقلاقل السياسية والأمنية، وإذا اجتمع فقدان الاحساس بالأمان الاقتصادي مع فقدان الاحساس بالأمن العام فإن الحياه هنا لا تطاق. 



المساهمون