مؤشرات تؤكد تحوّل النفط من نعمة إلى نقمة

مؤشرات تؤكد تحوّل النفط من نعمة إلى نقمة

13 فبراير 2017
+ الخط -

لم تكن الأعوام الثلاثة الماضية كسابقاتها، فقد شهدت تحولات اقتصادية كبرى، وتحققت خلالها توقعات عدد كبير من الاقتصاديين والتقارير، التي كانت تحذر الدول النفطية من مستقبل يتحول فيه النفط إلى عبء بدلاً من أن يكون مادة أولية لزيادة الثروة الوطنية.

منذ منتصف العام 2014، بدأ الانخفاض الدراماتيكي لأسعار النفط، ليصل إلى نسبة تفوق الـ 55%. متراجعاً من 120 دولاراً إلى ما بين 56 و57 دولاراً حالياً، بعدما وصل سابقاً إلى حدود الـ 30 دولاراً. هذا التراجع لم يمر بسلاسة على الدول المصدرة للنفط. فأغلب هذه الدول لم يضع في استراتيجياته المالية، وخصوصاً في موازناته العامة، خيار الانخفاض الحاد في أسعار النفط.

النتيجة كانت عجوزات في الموازنات العامة، ومحاولات ترميم للاقتصادات المأزومة، انعكست مباشرة على ما كان يُسمّى بـ "دول الرفاه". إذ بدأت هذه الدول بعمليات تغيير هيكلي في اقتصاداتها، مخفضة أو لاغية لسياسة الدعم، وفارضة للضرائب، ومتجهة نحو تقشف لم يكن من ضمن خياراتها خلال السنوات التي سبقت تراجع الأسعار النفطية.

الأزمة عامة

تقول المؤشرات إن النفط تحول من نعمة إلى نقمة في الدول المصدرة لهذه السلعة، وذلك في مقارنة مع الدول المصدرة للسلع من دون النفط، أو الدول التي تنوع في مصادر دخلها.

في تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي مؤخراً، والذي يتناول بشكل عام الدول المصدرة للنفط، والدول المصدرة للسلع الأولية والدول التي تعتمد التنويع الاقتصادي، تظهر الأرقام أن انخفاض أسعار الوقود حسن من الأوضاع المالية للدول المصدرة للسلع الأولية غير النفط، أو كانت التأثيرات محدودة في بعض المؤشرات. بعكس وضعية الدول التي تعتمد في ميزانياتها على تصدير النفط.



ففي العام 2014، بلغ حجم نمو الناتج المحلي الإجمالي في البلدان المصدرة للوقود 5.7%، مقابل 5.3% للدول المصدرة للسلع الأولية. ليتراجع النمو في الناتج في العام 2015 لدى الشريحة الأولى إلى 0.9%، مقابل 4.6% لدى الثانية. ومن ثم أصبح النمو في الشريحة الأولى -1.6% في الأولى، و3.8% في الثانية.

فيما يتعلق بعجز الميزانية العامة نسبة إلى الناتج المحلي، سجلت الدول المصدرة للنفط عجزاً لا يتعدى 1.9% في العام 2014، في مقابل عجز بنسبة 2.3% لدى الدول المصدرة للسلع الأولية. وارتفع العجز لدى الشريحة الأولى من الدول في العام 2015 و2016 إلى 5.1% و5.5% على التوالي، في حين ارتفع في الشريحة الثانية إلى 2.8% و3.5% على التوالي.

أما البلدان التي تعتمد على الصادرات المتنوعة، بين نفطية وغير نفطية، فقد سجلت ما يشبه الاستقرار في ماليتها خلال سنوات الأزمة النفطية. بحيث سجلت نمواً في الناتج المحلي الإجمالي خلال الأعوام 2014، 2015 و2016، بنسبة 6.4%، 6.4% و6.1% على التوالي.

في حين حققت عجزاً في المالية العامة نسبة إلى الناتج المحلي خلال هذه الأعوام الثلاثة، من 3.8%، 4.2%، و4.6% على التوالي.


واقع الدول العربية

نظرة إلى تقارير اتحاد المصارف العربية السنوية، تعطي فكرة وافية عن التأثيرات التي لحقت بالاقتصادات العربية من جراء تراجع الأسعار النفطية خلال السنوات الثلاث الماضية. 

فقد تراجع الناتج المحلي الإسمي في الدول العربية من 2.760 مليار دولار في العام 2013، إلى 2.803 مليار دولار في 2014، إلى 2.465 مليار دولار في 2015، وصولاً إلى 2.449 مليار دولار في 2016. 

أما العجز في الموازنات نسبة إلى الناتج المحلي، فقد ارتفع من 4.54% في العام 2014، إلى 10.51% في العام 2015 وصولاً إلى 10.23% في 2016. 
وفيما يتعلق بالدول المصدرة للنفط تحديداً، تراجع متوسط نمو الناتج المحلي (باستثناء ليبيا)، من 4% في العام 2013، إلى 2.74% في 2014، و2.5% في 2015، وارتفع إلى 3.29% في 2016، مع توقعات عودته للانخفاض في 2017 إلى 2.28%.

أما دول مجلس التعاون الخليجي فقد سجلت نسبة نمو في الناتج المحلي من 3.1% في 2013، إلى 3.3% في 2014، و3.4% في 2015، و1.7% في 2016 مع توقعات بوصوله إلى 2.3% في 2017.

وشهدت نسبة التضخم في الدول المصدرة للنفط ارتفاعاً من 2.5% في 2013، إلى 2.6% في 2014، و3.7% في 2015، و4.4% في 2016 وصولاً توقعات بتسجيله 4.2% في نهاية 2017.

وبالرغم من هذه المؤشرات، يبقى النفط مصدر دخل كبير للدول التي تنتجه، إلا أنه خرج من دائرة الطفرة إلى الاستقرار على الانخفاض، ما يعني ضرورة إحداث تغييرات جذرية في السياسات الاقتصادية للدول المنتجة للنفط خلال السنوات المقبلة.

(العربي الجديد)

المساهمون