التوتر السياسي والأمني قد يدفع النفط إلى 80 دولاراً

توجهات النفط في 2018...التوتر السياسي والأمني قد يدفع الأسعار لـ 80 دولاراً

08 ديسمبر 2017
أسعار الوقود نحو الارتفاع (عثمان كريموف/فرانس برس)
+ الخط -
يرى العديد من خبراء النفط والاستثمار أن أسعار النفط تتجه للارتفاع خلال العام المقبل وربما بنسبة كبيرة تصل إلى 25% مقارنة بسعرها الحالي، بسبب الطلب العالمي القوي على الوقود، خاصة في كل من الصين ومنطقة اليورو، وحالة عدم الاستقرار السياسي والأمني في السعودية ودول آسيوية، لكن بدون عامل التوتر السياسي والأمني تتراوح تقديرات معظم خبراء الطاقة والاقتصاد بين 57.84 و62 دولاراً لخام برنت.
وحسب تقديرات مصرف "غولدمان ساكس" الاستثماري الأميركي، ربما يصل سعر خام برنت في المتوسط إلى حوالى 62 دولاراً للبرميل، فيما يتوقع أن يصل سعر خام غرب تكساس إلى 57 دولاراً. وهذه التقديرات بنيت على أساس معادلة العرض والطلب ولم تأخذ في الحسبان الظروف الأمنية والسياسية المتفجرة في العالم ويزيدها الرئيس دونالد ترامب تفجراً، عبر قراراته المتخبطة التي تزرع عدم الاستقرار السياسي في العديد من أنحاء العالم.
ويرى الاقتصادي السابق بمصرف "غولدمان ساكس" جيم أونيل، الذي كان يدير محفظة الموجودات بالمصرف، في مقال له بمجلة بارونز، أن "النمو الاقتصادي القوي في العالم ومخاطر السعودية، ربما ترفع سعر خام برنت بنسبة 25% إلى 80 دولاراً للبرميل خلال العام المقبل.
على صعيد الطلب العالمي على الوقود، يقول أونيل إن الاقتصاد العالمي من المتوقع أن ينمو بنسبة 4% أو أكثر للاقتصادات العشر الكبرى، عدا الهند والمملكة المتحدة. وبالتالي فهنالك طلب قوي متوقع على النفط خلال العام المقبل، كما أن حال عدم الاستقرار السياسي تدفع الدول والشركات إلى زيادة مخزوناتها من النفط تحسباً لحدوث طارئ يعرقل انسياب الإمدادات إلى أسواق الطاقة العالمية.
في هذا الصدد، قال محلّلون ومصادر تجارية لرويترز، يوم السبت، إن من المتوقع أن ترتفع واردات الصين من النفط الخام في يناير/ كانون الثاني، مع تسارع طلب شركات التكرير المستقلة فور صدور حصص الاستيراد لعام 2018، وشروع شركات التكرير في إعادة تكوين المخزونات يعد من أهم حوافز الأسعار. وتستهلك الصين سنوياً أكثر من ثمانية ملايين برميل يومياً من النفط.
ومن المتوقع أن ترتفع واردات الصين من الخام إلى مستوى قياسي جديد في عام 2018، مع دخول قدرات تكرير جديدة حيز التشغيل وسماح بكين لمزيد من شركات التكرير المستقلة باستيراد الخام.

ونسبت رويترز إلى سينغ إيك تي، المحلل لدى شركة " إس.آي.إيه إنرجي" للاستشارات ومقرها بكين، قوله، إن واردات الصين من الخام قد تبلغ 8.8 ملايين برميل يومياً العام المقبل، في حين من المحتمل أن تبلغ الواردات في يناير/ كانون الثاني مستوى قياسياً على أساس شهري عند 8.53 ملايين برميل يومياً، مع تلقي شركات التكرير المستقلة حصص وارداتها وشروع المشترين في إعادة تكوين المخزونات قبل السنة الصينية الجديدة التي تحلّ في منتصف فبراير/ شباط.
وأضاف: "من المستبعد أن يثني أي سعر للنفط فوق 60 دولاراً للبرميل المشترين، في الوقت الذي يمكن فيه لشركات التكرير تمرير التكلفة إلى المستخدم النهائي مع الاتجاه الصعودي لأسعار الخام".
على صعيد التوتر الأمني، من المتوقع أن يصب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتحويل السفارة الأميركية إلى القدس، زيتاً جديداً إلى النيران المشتعلة في المنطقة العربية الغنية بالنفط وإلى منطقة آسيا التي يتفاعل فيها التهديد النووي الكوري.
وآسيا من المناطق الأكثر استهلاكاً واستيراداً للنفط، فيما تعد الدول العربية من أهم مناطق العالم في إنتاج النفط، وتوجد بها أكثر من 40% من احتياطات العالم النفطية.
ومن المتوقع أن يساهم عدم الاستقرار السياسي خلال العام المقبل في ارتفاع أسعار النفط، حيث يدفع الدول الأكثر استهلاكاً للوقود، وكذلك الشركات إلى زيادة مخزوناتها تحسباً لأي طارئ يعرقل انسياب إمدادات النفط إلى أسواق الطاقة العالمية.
وبالتالي فإن أسعار النفط من المتوقع أن تتجه للارتفاع خلال العام المقبل إلى أكثر من هذه التوقعات، التي وضعها مصرف" غولدمان ساكس"، خاصة أن الاقتصاد الأميركي ينمو بقوة، ولأول مرة يصبح الاقتصاد الأميركي مستفيداً من ارتفاع الأسعار وليس متضرراً، كما كان في السابق.
وعلى صعيد الإمدادات، هنالك مخاوف لدى تجار النفط من التوتر السياسي والأمني داخل السعودية والتهديد الصاروخي من جماعة الحوثي في اليمن، الذي من المحتمل أن يطاول أية منطقة في الخليج، بما في ذلك آبار النفط ومناطق التحميل. كما أن هنالك توتراً سعودياً إيرانياً وتوتراً سعودياً لبنانياً. وكل هذه التوترات يمكن أن تنفجر وتؤثر على إمدادات النفط وتدفقها إلى الأسواق العالمية.
ومعروف أن المضائق المائية المهمة لمرور حاويات النفط تقع في كل من اليمن (خليج عدن)، وفي إيران (خليج هرمز)، إضافة إلى قناة السويس، التي تعتمد على خليج عدن.
من هذا المنطلق، يمكن أن تتأثر أسعار النفط خلال العام المقبل بهذا التوتر السياسي والحرب اليمنية في أية لحظة خلال الشهور المقبلة وتتفاعل تداعياتها على تجارة النفط وأسعاره.
وتشير إحصائيات إدارة الطاقة الأميركية إلى أن هنالك حوالى 17 مليون برميل من النفط تمر يومياً عبر مضيق هرمز، والتي تقع تحت تهديد سياسات الرئيس ترامب بتعليق الاتفاق النووي. كما أن هنالك أكثر من ثلاثة ملايين برميل نفط تمر عبر خليج عدن، يمكن أن يهدد مرورها تفجر الحرب في اليمن.
ويذكر أن أسعار النفط، استقرت أمس الخميس، في الوقت الذي بدد فيه ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة من النفط وزيادة مخزونات الوقود أثر انخفاض مخزونات النفط الأميركية. وفي لندن بلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 55.95 دولاراً للبرميل دون تغير يذكر عن سعر التسوية السابقة.

وارتفعت أسعار العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت سبعة سنتات إلى 61.29 دولاراً للبرميل. كما انخفضت مخزونات النفط الخام الأميركية 5.6 ملايين برميل في أسبوع حتى الأول من ديسمبر/كانون الأول، إلى 448.1 مليون برميل، لتنزل المخزونات عن مستوياتها في الموسم نفسه من عامي 2015 و2016. وعلى الرغم من هذا لم تسجل الأسعار مزيداً من الارتفاع.
وقال ستيفن إينس، رئيس التداول لمنطقة آسيا والمحيط الهادي لدى شركة أواندا للوساطة في العقود الآجلة في سنغافورة، "شعر المتعاملون بقلق أكبر من الارتفاع الحاد في مخزونات البنزين".
وارتفعت مخزونات البنزين 6.8 ملايين برميل إلى 220.9 مليون برميل وفقا لتقرير إدارة معلومات الطاقة الأميركية، وهو ما يزيد عن توقعات المحللين في استطلاع أجرته رويترز، والتي أشارت إلى زيادة قدرها 1.7 مليون برميل.
كما ارتفع إنتاج الولايات المتحدة من النفط 25 ألف برميل يومياً إلى 9.71 ملايين برميل يومياً، وهو الأعلى منذ أظهرت بيانات شهرية أن الولايات المتحدة أنتجت ما يزيد على عشرة ملايين برميل يومياً في أوائل السبعينيات.
وينذر ارتفاع الإنتاج الأميركي بتقويض جهود تقودها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وروسيا، لتحقيق التوازن بين الإنتاج والطلب بعد سنوات شهدت فائضاً في المعروض.

المساهمون