موازنة السعودية 2018: الإنفاق العسكري يلتهم ثلثها... وزيادة الضرائب

موازنة السعودية 2018: الإنفاق العسكري يلتهم ثلثها... وزيادة الديون والضرائب

21 ديسمبر 2017
استمرار التقشف يرهق السعوديين (أمير حلبي/فرانس برس)
+ الخط -
أعلنت السعودية عن موازنتها الجديدة لعام 2018، وهي الأكبر في تاريخها، ليس فقط في قيمتها بإنفاق مستهدف يبلغ نحو 261 مليار دولار، ولكن الأكبر أيضاً في إنفاقها العسكري بقيمة 83 مليار دولار، وهي تمثل نحو ثلث الموازنة ما يعكس مدى تأثر الاقتصاد السعودي بالحرب في اليمن والاضطرابات التي تحيط بالمملكة.

كما تواصل عجز الموازنة العامة ليبلغ نحو 52 مليار دولار في الموازنة الجديدة رغم ارتفاع أسعار النفط وفرض ضرائب جديدة وتحصيل رسوم من الوافدين وأسرهم ورفع أسعار الوقود.

وقدرت وزارة المالية السعودية، تحقيق عائد مالي لخزينة الدولة من تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنحو 23 مليار ريال (الدولار = 3.75 ريالات) في عام 2018. كما توقعت الوزارة، في بيانها عن موازنة 2018، أن تبلغ الإيرادات من الضريبة على السلع الانتقائية نحو 9 مليارات ريال. وقدرت الوزارة إيراد بند الضرائب على السلع والخدمات بقيمة 85 مليار ريال بارتفاع قدره 82 % عن عام 2017 ليصل إلى 124 مليار ريال في عام 2020، وذلك نتيجة تطبيق بعض الإصلاحات الاقتصادية، مثل ضريبة القيمة المضافة.

وتوقع أن تسجل الحصيلة من الضرائب 142 مليار ريال في عام 2018 وذلك بمعدل نمو 46% مقارنة بعام 2017 م إلى أن تصل إلى 189 مليار ريال في عام 2020.

وأظهرت الميزانية أن الدين العام مع نهاية العام 2017 إلى 438 مليار ريال (نحو 117 مليار دولار)، وهو ما يمثل نحو 17 % من الناتج الإجمالي المحلي، وذلك مقارنة مع 316.5 مليار ريال خلال العام الماضي.

وكشف وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، أول من أمس، عن ميزانية 2018 بمبلغ 978 مليار ريال (حوالى 261 مليار دولار)، مقارنة بميزانية العام الجاري 2017 البالغة 926 مليار دولار، في إطار خطط المملكة لإخراج الاقتصاد من حالة الانكماش الذي يعاني منه.


ويبدو أن الاضطرابات والتحديات التي تواجه الحكومة السعودية انعكست على أرقام الموازنة الجديدة، وحسب تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز"، أمس، فإن سياسة اعتقالات الأمراء والأثرياء في السعودية ضربت الثقة الاستثمارية في المملكة، كما أضعفت المناخ الاستثماري. وإضافة إلى هذه الاعتقالات التي باتت تهدد مجتمع رجل أعمال، فإن الرياض أصبحت هدفاً لإطلاق صواريخ الحوثيين رداً على هجمات قوات التحالف على مواقعهم في اليمن. وهذا العامل الذي يضاف إلى مناخ عدم الاستقرار السياسي الداخلي، يفاقم الأزمات المالية للبلاد.

وفي ظل تصاعد الحرب في اليمن والاضطرابات الأمنية في السعودية، خصصت الحكومة السعودية قرابة ثلث (31.8%) موازنة العام 2018 للقطاعين العسكري والأمني، بقيمة 83 مليار دولار.

وحسب بيان الموازنة الصادر عن وزارة المالية، تم تخصيص 21.5% من الموازنة للقطاع العسكري، بقيمة 210 مليار ريال (56 مليار دولار)، كما خصصت نحو 10.3% من موازنتها للقطاع الأمني بقيمة 101 مليار ريال (27 مليار دولار).

ووقع عاهل السعودية، سلمان بن عبد العزيز، والرئيس الأميركي، دونالد ترمب، في شهر مايو/ أيار الماضي عدداً من اتفاقيات التعاون في العاصمة السعودية الرياض بقيمة 460 مليار دولار، منها 110 مليارات دولار قيمة صفقات عسكرية سابقة، وتسلم بموجبها واشنطن أسلحة للجانب السعودي، بالإضافة إلى صفقات تعاون دفاعي بقيمة 350 مليار دولار على مدى عشر سنوات. 



ومنذ 26 مارس/آذار 2015، يشن التحالف العربي الذي تقوده السعودية عمليات عسكرية في اليمن ضد الحوثيين، بعد بسط نفوذهم على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى بقوة السلاح.

وشملت موازنة السعودية للعام المقبل على عجز زاد عن 52 مليار دولار، وهو نفس عجز العام الماضي تقريباً والبالغ 52.8 مليار دولار، رغم فرض حكومة المملكة، ولأول مرة، ضرائب على المواطنين، وزيادة في أسعار الوقود، وفرض رسوم على العمالة الوافدة والشركات المحلية. وفي إطار المصاعب الاقتصادية التي تواجه السعودية أرجأت الرياض العام المستهدف للقضاء على عجز الميزانية إلى 2023 بدلاً من 2020.

وتسعى السعودية لإبطاء وتيرة خطط لإلغاء الدعم على مجموعة واسعة من منتجات الطاقة، تلك الخطط المهمة في الجهود المبذولة لزيادة كفاءة استخدام الطاقة في البلاد، في إطار برنامج مالي جديد طويل الأجل أعلنته المملكة مع الميزانية الحكومية لعام 2018.


وبناء على ذلك، فإن البرنامج المالي الذي يتضمن ربط أسعار البنزين ووقود الديزل بمستويات الأسعار العالمية سيطبق تدريجيا بين عامي 2018 و2025. وبموجب البرنامج الأصلي، الذي أعلن في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، كان سيتم ربط جميع منتجات الطاقة بالأسعار العالمية بحلول 2020. ويقول البرنامج إن أسعار الكهرباء ستعكس تكلفة إنتاجها بناء على الوقود المستخدم بحلول 2025. وفي الأسبوع الماضي، قالت وزارة الطاقة إن المملكة ستعلن في الربع الأول من العام القادم مجموعة جديدة من الزيادات في الأسعار المحلية للبنزين ووقود الطائرات والديزل. ولم تحدد الوزارة حجم الزيادات.

وتعاني السعودية، أكبر دولة مُصدرة للنفط في العالم، في الوقت الراهن، من تراجع حاد في إيراداتها المالية، الناتجة عن تراجع أسعار النفط الخام عمّا كان عليه عام 2014، حيث كان يبلغ سعر البرميل 115 دولاراً في حين يبلغ حالياً نحو 60 دولاراً.

وقالت وزارة المالية السعودية، في بيانها حول الموازنة، إن تصحيح أسعار الطاقة يعد أهم العناصر الرئيسية في برنامج تحقيق التوازن المالي، وتهدف هذه المبادرة إلى تحفيز الاستهلاك الرشيد، وتشجيع إقامة استثمارات ذات ميزة تنافسية فـي القطاع الصناعي، وإعادة توجيه الدعم للفئات المستحقة فعلياً وترشيده، وتقوية وضع المالية العامة.

من جهته، قال العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز، أول من أمس، بمناسبة إعلان الموازنة، إنه تم خفض الاعتماد على النفط إلى 50% من الدخل. وساهم مسعى التقشف في استعادة ثقة المستثمرين في العملة السعودية والأسواق المالية بالمملكة، لكنه كان له تأثير شديد على الاقتصاد حيث تباطأ نمو القطاع الخاص.

وأظهرت الميزانية الجديدة أن السعودية ستزيد الإنفاق الحكومي العام القادم، وتباطئ مسعى التقشف، بينما تسعى جاهدة لانتشال الاقتصاد من ركود في ظل ضعف أسعار النفط وزيادة تكلفة الحرب في اليمن.

وحصل قطاع التعليم على مخصصات قيمتها 192 مليار ريال (51 مليار دولار) تعادل 19.7% من الموازنة، فيما تم تخصيص 147 مليار ريال (39 مليار دولار) لقطاع الصحة، تمثل 15% من الإنفاق المقدر لعام 2018.




المساهمون