مصر تمضي بخطة تسريح مليون موظف

مصر تمضي بخطة تسريح مليون موظف

13 ديسمبر 2017
مخاوف عمالية من عمليات التسريح (Getty)
+ الخط -
دشنت الحكومة المصرية حملة موسعة، بداية من الأسبوع الجاري، لإيقاف نسبة من العاملين بجهاز الدولة الإداري، تمهيداً لفصلهم، بدعوى تعاطيهم للمخدرات، في بادرة منها نحو المضي قدماً بخطة خفض أعداد الموظفين في القطاع الحكومي، والذي يعد أحد أهم شروط صندوق النقد الدولي، للإفراج عن شرائح قرضه المقدم إلى مصر.
وفي العشرين من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، يصوت المجلس التنفيذي للصندوق على صرف الشريحة الثالثة لمصر، بواقع 2.75 مليار دولار، من قرضه البالغ 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات، استناداً إلى تقرير وفد الصندوق، الذي زار القاهرة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لمراجعة مدى تنفيذ مصر لاشتراطات الصندوق ببرنامجها الاقتصادي.
ومن المنتظر أن تحصل مصر على مليارين إضافيين في يونيو/ حزيران 2018، بناءً على جولة مراجعة جديدة من وفد الصندوق في مايو/ أيار المقبل، بعدما حصلت على 4 مليارات دولار في العام المالي الماضي (2016/2017)، في ضوء التزامها برفع الدعم عن أسعار الطاقة والكهرباء تدريجياً، وتحرير سعر صرف العملة المحلية، وتقليص أعداد العاملين بجهاز الدولة.
وكثفت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي من حملات إجراء تحاليل المخدرات للموظفين الحكوميين، خلال الأيام الماضية، بغرض إيقاف أي موظف، يثبت تعاطيه للمخدرات، عن العمل، واتخاذ قرار نهائي بفصله، في حالة ثبوت تعاطيه للمخدر في الاختبارات مجدداً، من دون سابق إنذار، مع عدم أحقيته في رفع دعاوى أمام القضاء للعودة مرة أخرى إلى عمله.
وأعلنت وزارة التضامن الاجتماعي، عن إجراء صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، تحاليل مخدرات لعدد 472 موظفاً بمديريات الوزارة في محافظات القاهرة، والجيزة، والإسكندرية، وثبوت تعاطي 26 موظفا منهم لمخدري "الترامادول" و"الحشيش"، وإصدار قرار بإيقافهم عن العمل، وإحالتهم إلى النيابة الإدراية، لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
وصرحت وزيرة التضامن، غادة والي، أن "بانتهاء فترة الإيقاف للموظفين، سيتم إجراء تحليل جديد لهم، وفي حالة ثبوت تعاطيهم للمخدرات، سيصدر قرار نهائي بفصلهم"، مشيرة إلى تعميم إجراءات الكشف على الموظفين، والسائقين في كل مديريات التضامن بالمحافظات، بهدف "مكافحة أوجه الفساد المتعلقة بتعاطي الموظفين للمخدرات".
في السياق ذاته، أعلن الأمين العام لمجلس النواب، أحمد سعد الدين، عن إجراء عينة تحاليل عشوائية للموظفين بقطاعات البرلمان، واتخاذ قرار بإيقاف 15 موظفاً عن العمل لمدة 6 أشهر، وإحالتهم إلى اللجنة التأديبية، بعد ثبوت نتائج تعاطيهم للمخدرات، منوهاً إلى أنه الإجراء السابق على عقوبة الفصل النهائي.
وأفادت أمانة مجلس النواب بأنها ستواصل عملية إجراء التحاليل الطبية للعاملين في البرلمان، خلال الأسابيع المقبلة، للوقوف على مدى تعاطي الموظفين للمخدرات من عدمه، حرصاً على تنقية جداول العاملين من المدمنين، ما يظهر توجه النظام الحاكم نحو تقليص أعداد العاملين بجهاز الدولة، كون العاملين في المجلس من غير الخاضعين لأحكام قانون الخدمة المدنية.

تأشيرات مزيفة
وقالت مصادر برلمانية لـ"العربي الجديد" إن وزراء الحكومة دأبوا على إعطاء النواب تأشيرات "مزيفة" للتوظيف، حال تواجدهم بجلسات البرلمان، أو في اجتماعات لجانه النوعية، خلاف ما كان يحدث في العهود السابقة، إذ كان يستطيع النائب الحصول على المئات من التأشيرات بدور الانعقاد السنوي، بدافع توظيف أهالي دائرته.
وأوضحت المصادر أن "رؤساء الشركات، والهيئات الحكومية، لديهم تعليمات صارمة بعدم تعيين موظفين جُدد، مقابل من يُحالون إلى التقاعد، مع جواز الاستثناء في حدود ضيقة"، منوهة إلى قصر التعيينات على ذوي الحظوة من المقربين للوزراء، وقيادات الصف الأول لائتلاف "دعم مصر"، ممثل الغالبية في البرلمان.
وتعول الحكومة على آلية المعاش (التقاعد) المبكر، بحسب ما وردت بقانون الخدمة المدنية، مع حظر التعيينات نهائياً على أبواب الموازنة المختلفة للجهاز الإداري منذ قرابة العامين، وقصرها على الاحتياجات الفعلية للجهات الإدارية، والحد من الإعلان عن الوظائف في الحكومة، إلا في حدود الحاجة الفعلية لها، وفي أضيق الحدود.

مليونا موظف
من جهة أخرى، أظهرت بيانات رسمية مصرية تقليص الحكومة لنحو 800 ألف موظف دفعة واحدة من العاملين بالقطاع الحكومي، خلال العام المالي الماضي، الذي انقضى بنهاية يونيو/ حزيران الماضي، في الوقت الذي تُشير فيه مصادر حكومية مطلعة إلى استهدافها الاستغناء عن مليوني موظف آخرين خلال العامين الماليين الحالي والمقبل.
وبحسب البيانات، التي نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فإن عدد العاملين بالقطاع الحكومي انخفض إلى 5 ملايين فرد بنهاية العام المالي المنقضي (2016/2017)، مقابل 5.8 ملايين موظف في العام المالي السابق عليه (2015/2016)، بانخفاض بلغت نسبته 13%.
ووفقاً لإستراتيجية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030)، فإن الحكومة تستهدف خفض أعداد الموظفين إلى 3 ملايين، و846 ألفا، و154 موظفاً خلال العامين المقبلين، بعد الاستغناء عن نحو مليوني، و553 ألفا، و846 موظفاً، بحيث ترتفع نسبة موظف لكل 12.3 مواطنا في 2016، إلى موظف لكل 26 مواطنا في 2020، وصولاً إلى موظف لكل 40 مواطنا في 2030.

الخدمة المدنية
وتسبب إصدار السيسي لقانون الخدمة المدنية، في 12 مارس/آذار من العام 2015، في موجة تظاهرات واسعة بشوارع العاصمة القاهرة، وبعض المحافظات، رفضاً للقانون، الذي يتضمن تخفيضاً للمرتبات، والمكافآت، وإلغاء ترحيل رصيد الإجازات الاعتيادية للموظف حتى بلوغ سن التقاعد، بما يضيع عليه المقابل النقدي لها.
واستجابةً للضغط الشعبي، رفض البرلمان القانون فور انعقاده في يناير/ كانون الثاني 2016، غير أنه عاد، وأقره نهائياً عقب 9 أشهر، بعد إدخال تعديلات محدودة على نصوصه من قبل الحكومة، بشكل يخالف المادة 122 من الدستور، التي نصت على "عدم جواز تقديم مشروع قانون أو اقتراح بقانون رفضه المجلس، ثانية، في دور الانعقاد ذاته".

مليارات المستشارين
على الجانب الآخر، لم تشمل خطة الاستغناء على نحو 83 ألفاً من المستشارين في الوزارت والهيئات الحكومية، ممن يتخطون الستين عاماً، ويتقاضون ما يقترب من 24 مليار جنيه سنوياً، على شكل رواتب، ومنح، وحوافز، بحسب دراسة سابقة للمركز المصري للدراسات الاقتصادية (مستقل)، التي أفادت بأن وزارات النقل، والكهرباء، والمالية، والتخطيط، تحظى بالنسبة الأكبر منهم.
واللافت أن تقليص أعداد موظفي الدولة، لم يصاحبه انخفاض في بيانات الأجور الواردة في الموازنة الجارية، بل زيادة بنسبة 7%، مقارنة بموازنة العام المالي الماضي، ما يضع علامات استفهام حول شفافية بند الأجور في القطاع الحكومي، وبخاصة لموازنات الجهات التي تُدرج رقماً واحداً، مثل رئاسة الجمهورية، ومجلس النواب، ووزارة الدفاع، والهيئات القضائية، والمحكمة الدستورية العليا.

المساهمون