النظام السوري يفرض قيوداً على المزارعين

النظام السوري يفرض قيوداً على المزارعين

13 ديسمبر 2017
تحتل سورية المرتبة الثالثة عربياً في إنتاج الحمضيات (Getty)
+ الخط -

جاء قرار اللجنة الاقتصادية بدمشق بتخفيض أسعار الحمضيات أمس، بنسبة 15% ليزيد من خسائر الفلاحين خلال موسم هو الأعلى بتاريخ سورية، علّق المزارعون آمالا عليه لتعويض الخسائر المتراكمة خلال سنوات الحرب.

ورصدت تقارير محلية ودولية العام الماضي، اضطرار المزارعين إلى اقتلاع الكثير من أشجار الحمضيات، فيما ترك أخرون الموسم دونما قطاف، بعدما زادت تكاليف الجني والنقل عن أسعار البيع، ما جعل أكثرهم يترقب العام الجاري لتعويض الخسائر.

ومع تحسن أسعار الحمضيات نسبيا هذا الموسم، تدخلت حكومة بشار الأسد عبر قرار صدم المزارعين، إذ ألزمتهم بخفض الأسعار، ما يقود إلى خسائر بالغة نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج من أسمدة وأجور الأيدي العاملة والمشتقات النفطية وعبوات التعبئة.

وقررت حكومة النظام السوري التي تحتكر الشراء من الفلاحين خفض سعرها المقدم للتجار من 90 ليرة سورية للكيلوغرام للنوع الأول إلى 75 ليرة، والنوع الثاني من 70 إلى 50 ليرة والثالث من 50 إلى 35 ليرة سورية. (الدولار يساوي نحو 430 ليرة سورية).

ويتساءل فادي مسرّة (اسم مستعار)، من ريف مدينة اللاذقية غربي سورية، وفق أي المعايير سعرّت اللجنة الاقتصادية الحمضيات، إن كان النوع الأول يباع بمناطق الإنتاج بنحو 100 ليرة للكيلوغرام.

ويضيف صاحب بساتين الحمضيات بقرية فديو، على الساحل السوري، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن أسعار ما قبل التعديل تُلحق الخسائر بالمزارعين، فكيف بواقع تخفيض الأسعار، لافتاً إلى أن تخفيض الأسعار جاء بعد بدء الموسم وليس قبل جني المحصول، إذ تم تسويق أكثر من 500 طن بمدينة اللاذقية فقط حتى الآن.

وحول تكاليف الإنتاج ومقارنتها بالسعر الجديد، يؤكد مسرة أن "كل شيء بالنار، فأجرة العامل اليومي لا تقل عن 700 ليرة وأسعار الصناديق وأجور النقل والأسمدة في ارتفاع"، ناهيك عن الصقيع الذي أثر على بعض البساتين وألحق الأضرار بالموسم.

وتتباين أسعار الحمضيات بسورية، بين مناطق الإنتاج في الساحل السوري "اللاذقية وطرطوس" التي لا يزيد سعر الكيلوغرام فيها عن 100 ليرة، في حين يتعدى ضعف السعر في مدن الشمال السوري والعاصمة دمشق.

ويقول يحيى شباط، من منطقة دمر بدمشق: "تمر السلع والمنتجات عبر حلقات عديدة حتى تصل للمستهلك، وخاصة المنتجات التي يتم نقلها من مدن بعيدة، فالحمضيات يتم استلامها من وسطاء يوصلونها لأسواق الهال وبيع الجملة بمدن الساحل، ثم يتم شراءها من تجار وينقلونها لأسواق الهال بدمشق، فيشتريها أصحاب المحال والتجار ويبيعونها للمستهلك، وهذه الحلقات هي أهم أسباب تضاعف الأسعار".

وحول أسعار الحمضيات للمستهلك بدمشق، يضيف التاجر السوري، أن سعر كيلو البرتقال من النوع الأول يتراوح بين 200 و225 ليرة وكيلو الكلمنتينا بين 170 و190 ليرة، وكيلو الليمون الحامض 350 ليرة سورية، لافتاً إلى أن أسعار الفواكه بالعاصمة السورية مرتفعة بشكل عام، حيث يصل سعر كيلو الموز إلى 1200 ليرة والخرمى إلى 250 ليرة وسعر كيلو المنغا إلى أكثر من 1500 ليرة.

وأشار شباط، إلى أن القطاع الحكومي السوري، تدخل هذا العام عبر شراء معظم موسم الحمضيات بالساحل السوري، ويبيع بأسعار أقل قليلاً من السوق، عبر منافذ بيع المؤسسات الاستهلاكية.

وكان وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة بشار الأسد، عبد الله الغربي، قد أكد في وقت سابق، أن رئيس مجلس الوزراء عماد خميس، وجه بالعمل على تصريف موسم الحمضيات للعام الحالي بطريقة تتجاوز ما تعرضت له عمليات الشراء خلال العام الماضي من ثغرات وأخطاء.

وأشار الوزير الغربي، إلى تخصيص مبلغ مليار ليرة (نحو 2.3 مليون دولار) لشراء الحمضيات من الفلاحين مباشرة عن طريق مراكز استلام المحصول في كل من طرطوس واللاذقية، على أن تتم عملية التصريف عبر المؤسسة السورية للتجارة، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل حالياً على تأمين سيارات لنقل الحمضيات من محافظتي طرطوس واللاذقية إلى باقي المحافظات. ‏

بدوره، يتساءل المهندس الزراعي، يحيى تناري، عن السياسة التي تنتهجها حكومة الأسد مع الفلاحين، فسورية بلد زراعي بالدرجة الأولى، ورغم الحرب المندلعة منذ ست سنوات، ما زالت بعض المواسم بذروتها، الزيتون والبندورة (الطماطم) والحمضيات، إلا أن سياسة التفقير، أوصلت بعض المزارعين لعدم جني محاصيلهم.

ويؤكد المهندس تناري، لـ "العربي الجديد"، أن موسم الحمضيات ببلاده هذا العام، ربما هو الأعلى بتاريخ سورية، إذ من المتوقع أن يتعدى 900 ألف طن، لأن موجة الصقيع لن تؤثر على الإنتاج، بقدر ما أثرت على الشتول الصغيرة غير المثمرة.

ويشير المهندس السوري، إلى أن الحمضيات الموجودة في السوق حالياً، لم تصل إلى مرحلة النضج ولا تحوي مادة عصيرية مقبولة، لأن مرحلة النضج لليوسفي والكلمنتينا تبدأ مع نهاية الشهر الجاري، في حين أن نضج البرتقال والليمون يكون في شهر يناير/كانون الثاني.

وتحتل سورية المرتبة الثالثة عربياً في إنتاج الحمضيات بعد مصر والمغرب، والسابعة على مستوى دول حوض البحر الأبيض المتوسط، فيما تحل في المرتبة 20 على مستوى العالم، إذ يمثل إنتاجها البالغ نحو مليون طن سنويا ما نسبته 1% من الإنتاج العالمي.

دلالات

المساهمون