نسخة أوبر إيرانية تفتح باب فرص العمل وتثير الجدل

نسخة أوبر إيرانية تفتح باب فرص العمل وتثير الجدل

12 ديسمبر 2017
مخاوف من أضرار التطبيق الجديد لأوبر (ليون نيل/Getty)
+ الخط -
أنشأت إيران تطبيقاً يستخدم على الهواتف الذكية لطلب سيارات الأجرة على غرار نسخة "أوبر" الغربية، وأطلقت عليه "سناب"، فلاقى نجاحاً واسعاً وأبهر الشارع الإيراني كثيراً في فترة وجيزة، وهو ما انعكس إيجاباً على موارد الشركة نفسها، وعلى إنعاش العمل بالتطبيقات الإلكترونية، ما زاد من عددها وزاد بذات الوقت من فرص العمل وخاصة بين الشباب الذين يعانون من البطالة، وتصل أعدادهم إلى ما يقارب أربعة ملايين شخص.
وأطلقت "مجموعة إينترنت إيران" تطبيق سناب بشكل اختباري قبل نحو عامين، وبات اليوم فاعلاً في عدد من المدن الإيرانية الكبرى وعلى رأسها طهران وأصفهان ومشهد وغيرها، ويعطي التطبيق أسعاراً وعروضاً مغرية للغاية، مقارنة بتلك التي تأخذها سيارات الأجرة، التي تعمل بشكل حر في الشوارع، أو في مكاتب خاصة وهي التي اعتمدها الإيرانيون قبل سناب، كونها أكثر أماناً، رغم ارتفاع أسعارها تدريجياً في السنوات القليلة الماضية.
كل هذا جعل معدلات النمو التي حققتها الشركة تزيد 100% في كل شهر خلال العام الأول من تأسيسه، وهو ما حوله لقطب في عالم التجارة الإلكترونية الحديثة العهد في إيران، وبات مشروعاً بقيمة عشرين مليون دولار، وبذات الوقت زاد عدد العاملين فيه، فيوجد الآن عشرات الآلاف يعملون كسائقين لسناب، ويستخدمه مواطنون تقدر أعدادهم بمئات الآلاف، بحسب المواقع الإيرانية.
يقول بهنام بيشعلي، مسؤول العلاقات العامة في شركة سناب إن سناب ما زال حديثاً، ولا سيما أن المشروع بدأ مع تطور وازدياد استخدام الهواتف الذكية في إيران ومع تزايد سرعة الإنترنت فيها تدريجياً، مضيفاً أن الشركة استفادت من خبرات مهندسين في الاتصالات، واستطاعت تطوير برنامج مبسط بالفارسية يستطيع الكل استخدامه، وهو ما جعله الأول والأكثر استخداماً في إيران.
ويضيف بيشعلي في حديثه مع "العربي الجديد"، أن هناك 400 شخص فقط يعملون مع سناب بشكل ثابت وعلى مدار الساعة، ويعد هؤلاء من موظفي الشركة، بينما يزيد عدد السائقين عن الستين آلفاً، وكثيرون منهم يعملون بدوام جزئي، أي يكون لديهم وظائف أخرى في بعض الأحيان.
ويشير إلى أن سناب لم تكن تتوقع هذا النجاح، وخاصة أن سيارات الأجرة كانت تطلب من مكاتب خاصة متوفرة وبكثرة في كل أرجاء المدن، كما لم تكن تتوقع تلك الأرباح، إلا أنه أكد أن كل مسؤولي سناب يعلمون أن الاعتماد على الكوادر الشابة يعني الوصول للأهداف المرجوة.
ويلفت إلى أن الشركة حصلت على كافة التراخيص اللازمة وسجلتها في الدوائر المعنية، وهو ما يدحض اتهامات بعض شركات سيارات الأجرة التي احتجت على عمل سناب، ووصفته بغير القانوني.
وبإجراء حوار بسيط مع أحد سائقي سناب خلال رحلة قصيرة داخل مدينة طهران، نستطيع التعرف على آلية العمل ونجاح التجربة.
ويقول سعيد رسول زاده لـ "العربي الجديد" إنه يعمل سائقاً لسناب، لكنه يحمل شهادة البكالوريوس في هندسة النفط، كحال العديد من الشباب الخريجين في إيران، لكنه وصف العمل بالفرصة الجيدة لمن يبحث عن قوت عيشه.
ويضيف رسول زاده، أن العملية تبدأ من تسجيل معلوماته والتأكد من صحتها في الشركة، فضلاً عن تسجيله سيارته التي تكون شخصية في الغالب.
وتأخذ شركة سناب أرباحاً تقدر بـ 13% من أجرة كل رحلة يقبلها السائق على التطبيق، ومع ذلك يرى رسول زاده أنها نسبة متدنية، فمكاتب سيارات الأجرة تأخذ نسباً أعلى بكثير.
ويرى أن العائدات جيدة كثيراً في بعض الأحيان، لكنها لا تكفي من لديهم عائلات يعيلونها، فيصبح هؤلاء سائقين في سناب إلى جانب عملهم في مكان آخر.
لم تكتف سناب بهذا النجاح، بل أسست تطبيقات أخرى، أحدها لدراجات نارية تنقل الأشياء من مكان لآخر، دون ركاب، لتكون كساع بريد إلكتروني، وبأسعار مغرية وأقل من تلك التي يأخذها سائقو سيارات أجرة سناب نفسه، فضلاً عن تطبيق ثان يتعلق بطلب الطعام، مع الحصول على حسم، وكل هذا يخضع لرقابة الزبون والشركة أيضاً، وهو ما رفع من حالة رضا الجميع، وفتح باب العمل بالتكنولوجيا الحديثة.
ويرى علي إمامي، الخبير الاقتصادي، أن فرص العمل التي وفرها سناب تجعله محط إعجاب، لكن بذات الوقت يحتاج الأمر لخبرة في التعامل مع التكنولوجيا واستخدامها بشكل صحيح,
ويوضح أنه يجب اختيار الأفراد القادرين على ذلك، حتى لا يتحول سائقو سناب إلى عبء، ورغم أن معظم سائقي سناب من الشباب ويستخدمون الأجهزة الذكية ويعثرون على العناوين والطرق الخالية من ازدحام المدن القاتل باستخدام الإنترنت، لكنّ هناك آخرين ما زالوا يتعاملون مع الأمر بنسخته القديمة، وقد يتحول هؤلاء لعبء على الركاب وعلى الشركة لاحقاً، بحسب رأيه.
ويضيف إمامي لـ "العربي الجديد" أن تجربة من هذا القبيل تعني التحرك نحو الانتعاش الاقتصادي في إيران كونها تفتح باب طرح أفكار أخرى تعتمد على التكنولوجيا الذكية المبسطة، والأهم أن هذا سيساعد الحكومة الإيرانية نفسها التي تجد في البطالة معضلة لا تستطيع إيجاد حلول جذرية لها.
ويعتبر أن مشاريع من هذا النوع لا تحتاج لرؤوس أموال كبرى غالباً، إنما لإبداع أكبر، وتعامل إلكتروني وتقني سلس، وهذه الأمور ما زالت غير متاحة في إيران كثيراً.
ويقول إنه يجب على وزارة الاتصالات أن توفر الأرضيات اللازمة وترفع من سرعة الإنترنت، والأهم هو منح التراخيص لمشاريع من هذا النوع، وتقديم التسهيلات للأفكار المماثلة، بما يساعد الخريجين من الشباب، ويقلل من عبء الانتقادات التي يطلقها متحفظون على آليات وفرص عمل الجيل الجديد الذي يستخدم الأجهزة الذكية.
وقد تعرض سناب لانتقادات عدة، فاحتج عدد كبير من سائقي سيارات الأجرة، أمام بعض المؤسسات الحكومية، وحتى أمام البرلمان، معتبرين أن سناب أغلق عليهم باب العمل، فلم يعد أحد يفضل دفع أجرة عالية بينما يستطيع التنقل بأمان وبأسعار أرخص، ولكن هذه الاحتجاجات لم تصل لنتيجة تذكر طالما أن سناب مسجل قانونياً.
كما تم الترويج لبعض الاتهامات المتعلقة بالأمان، وقد قال ميثم مظفر، الرئيس الأسبق لمؤسسة سيارات الأجرة إن طريقة جذب السائقين لسناب غير معروفة، متهماً الشركة بأنها غير قانونية.
لكن وزير الاتصالات السابق محمود واعظي، دافع عن عمل سناب بوضوح في برنامج تلفزيوني أخيراً، وقال إنه يجب على الحكومة أن تدعم هذا النوع من الأفكار، كونها تحقق انتعاشاً، مقترحاً أن تنضم بقية سيارات الأجرة لتطبيقات من هذا القبيل، كونها تعددت ولم تعد تقتصر على سناب وحده، فكان هذا كفيلاً بتخفيف وطأة الجدل وحقق النجاح الذي نلمسه اليوم.
كما تعرض سناب لمصاعب خارجية، فكان من ضمن التطبيقات التي تعرضت لعقوبات أميركية، فحذف، قبل فترة وجيزة، عن نظام العمل "أي أو أس" المستخدم على هواتف آيفون، فلا يمكن لمن يحمل هذا النوع من الهواتف أن يحصل على التطبيق من "ابل ستور" كما السابق، لكن سناب أتاحت استخدامه على متصفحات الإنترنت العادية بعد ذلك دون الحاجة لطلب سيارات الأجرة عبر التطبيق فقط.