التقشف يطاول احتفالات المولد في تونس

التقشف يطاول احتفالات المولد في تونس

01 ديسمبر 2017
من مظاهر الاحتفالات بالمولد النبوي في تونس (أمين الأندلسي/الأناضول)
+ الخط -
يبدي عدد كبير من الأسر التونسية هذا العام اقتناعاً تاماً بالاستغناء عن احتفالات ذكرى المولد النبوي الشريف، في إطار سياسة تقشفية أملتها الظروف الاقتصادية ومخاوف مما ينتظرهم، العام المقبل، من مزيد التهاب الأسعار.
وعادة يتمسك التونسيون بمختلف طبقاتهم الاجتماعية، بالاحتفال بالأعياد والمناسبات الدينية، حتى لو كلفهم ذلك اللجوء إلى التداين، غير أن الضغوط المعيشية غيرت سلوكياتهم لتتجه أكثر فأكثر نحو مقاطعة هذه المناسبات التي تفرض نفقات إضافية وإلغاء أطباق المولد من موائدهم.

وتقدر هذا العام كلفة إعداد طبق عصيدة "الزقوقو" (حبوب الصنوبر الحلبي) بنحو 100 دينار لأسرة تتكون من 5 أفراد، بينما كانت كلفة هذا الطبق لا تتجاوز 40 دينارا، في السنوات الماضية، قبل أن تتأثر الأسعار بمفعول المضاربة واحتكار مادة الزقوقو، وارتفاع غير مسبوق في أسعار الفواكه الجافة.
ويعتبر تجار البقوليات أن ارتفاع الأسعار متوقع هذا العام؛ بسبب تأثر غابات الصنوبر الحلبي الممتدة على المرتفعات الغربية للبلاد بموجة الحرائق التي طاولت تونس في الصيف الماضي، وتسببت في إتلاف مئات الهكتارات من أشجار الصنوبر.

في المقابل، تؤكد مصادر وزارة الزراعة أن الكميات المتوفرة في الأسواق كافية لتغطية احتياجات السوق المحلية، مشيرة إلى أن المحصول السنوي مقدر بأكثر من 157 طنا، في حين تقدر احتياجات السوق بنحو 150 طنا، ما يمكّن من تسجيل فائض بنحو 7 أطنان.
وفي حديث لـ "العربي الجديد"، كشف صاحب سلسلة محلات البقوليات والفواكه الجافة، مختار بن يغلان، أن محلاته لم تسجل هذا العام إقبالا كبيرا على شراء احتياجات المولد النبوي الشريف، مؤكدا أن الأمر متوقع بحكم الحملات التي قادتها منظمة الدفاع عن المستهلك ونشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي لمقاطعة طبق عصيدة الزقوقو.

وأضاف بن يغلان، أن خلف طبق العصيدة آلاف العائلات التي تقتات من العمل الموسمي المرتبط بهذه المناسبة، مُبديا تفهما لمخاوف التونسيين من الغرق في بحر النفقات الإضافية المرهقة.
وحمّل بن يغلان المضاربين جزءا من مسؤولية غلاء المواد الأولية لطبق العصيدة، لافتا إلى أن المضاربين يشترون "الزقوقو" من المزارع بنحو 5 دينارات للكيلو غرام الواحد على أقصى تقدير، ليصل في النهاية إلى المستهلك في حدود 22 دينارا.

وأبرز صاحب سلسلة محلات البقوليات، أن بقية المستلزمات من فواكه جافة تأثرت بانزلاق سعر الصرف وتداعياته على المواد الموردة، مشيرا إلى أن تونس لا تنتج كميات كبيرة من الفواكه الجافة، حيث يتم تزويد السوق بنسبة 50% تقريبا بفواكه جافة موردة يتم استيرادها من أميركا الجنوبية، ما يؤثر على كلفتها، وفق تأكيده.
ومنذ شهر يوليو/تموز الماضي، تفطنت وزارة التجارة إلى تضخم أسعار الفواكه الجافة، حيث تم تحديد هامش الربح وتسقيف الأسعار، غير أن بورصة الأسعار أثبتت أن أغلب مسالك التوزيع لم تلتزم بقرارات وزارة التجارة، ما دفع التونسيين إلى اعتماد سلاح المقاطعة كآلية لإجبار التجار على مراجعة الأسعار.

وقال أمين المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك، سليم سعد الله، إن منظمته ستواصل قيادة الحملة مقاطعة شراء مادة الزقوقو، معربا عن رضاه عن نتائج الحملة التي تجد دعما شعبيا.
وقال سعد الله، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن ثقافة المقاطعة والوعي الاستهلاكي بدأ يتبلور لدى التونسيين، لافتا إلى أن الأسعار سجلت تراجع، في الأيام الأخيرة، بنسبة لا تقل عن 20% نتيجة خوف التجار من ركود منتجاتهم.

وأرجع سعد الله سبب هذا الغلاء الكبير إلى شبكات التوزيع، خاصة منها المسالك الموازية التي تقوم بالمضاربة على الأسعار.


(الدولار = 2.476 دينار تونسي)

المساهمون