التقشف يطاول قوت الفقراء.. الأردن نحو رفع أسعار الخبز

التقشف يطاول قوت الفقراء.. الأردن يكثّف تحركات تمرير قرار رفع أسعار الخبز

07 نوفمبر 2017
غضب من الاتجاه لإلغاء دعم الخبز (خليل مزراوي/فرانس برس)
+ الخط -
كثّفت حكومة الأردن تحركاتها، خلال الفترة الأخيرة، لإقناع مختلف التيارات الشعبية والسياسية بجدوى رفع الدعم عن أهم سلعة غذائية (الخبز)، في محاولة منها لتخفيف حدة الاعتراض الشعبي والبرلماني على القرار الذي تعتزم اتخاذه بهذا الشأن قبل نهاية العام الحالي.

وبدأت الحكومة الأردنية برئاسة هاني الملقي حملة لقاءات مكثفة مع مختلف القطاعات الاقتصادية والبرلمانية والحزبية والإعلامية والأكاديمية لشرح حيثيات مشروع قرار رفع الدعم عن الخبز باعتباره، كما قالت الحكومة، "أحد أهم بنود الإصلاح الاقتصادي الذي ستنفذه خلال العام المقبل بما يحقق وفرا ماليا على الخزينة ويخفض عجز الموازنة".

وقال مسوؤل حكومي لـ:"العربي الجديد"، إن الحكومة اقتربت من اعتماد آلية جديدة لدعم الخبز تقوم على دفع مبالغ معينة مباشرة للمواطنين الأردنيين تعويضا عن زيادة الأسعار المرتقبة. وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن تقديرات الحكومة تقول إن المواطن يستهلك سنويا 90 كيلوغراما فقط من الخبز.

وأكد أن الحكومة تدرس حاليا كيفية إيصال الدعم للأردنيين دون سواهم من المقيمين على الأراضي الأردنية، ومن ذلك إمكانية زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين بمبلغ معين قد يراوح بين 7 و14 دولارا لكل رب أسرة شهرياً.

ويرى مراقبون أن الحكومة لا تزال تخشى ردة فعل شعبية وبرلمانية عنيفة في حال أقدمت على رفع الدعم عن الخبز وزيادة أسعاره إلى 32 قرشا للكيلوغرام، لأن الخبز يصفة البعض بـ"قوت الفقراء" ويجب عدم الاقتراب منه مهما كان حجم الضائقة الاقتصادية.
وحسب المراقبين، فإن الحكومة تحاول جاهدة تخفيف حدة غضب الشارع من خلال تكثيف لقاءاتها مع ممثلي مختلف الجهات وخاصة الكتل النيابية، وذلك قبل انعقاد الدورة العادية للبرلمان المقررة في الثاني عشر من الشهر المقبل.

وفي هذا السياق، قال رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب، النائب أحمد الصفدي، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة لم تبلغ النواب رسميا حتى الآن بتوجهاتها الخاصة برفع الدعم عن الخبز، لكنها لا تزال في طور التشاور مع النواب ومختلف الجهات بهذا الخصوص.

وأضاف أن مجلس النواب سيقول بكل تأكيد كلمته حول تغيير آلية دعم الخبز وتحرير أسعاره عندما يكون هناك قرار معتمد من قبل الحكومة، مشيرا إلى أن الموازنة العامة ستتضمن أي متغيرات على دعم الخبز وبالتالي فإن إقرارها متوقف على موافقة مجلس النواب.

وأوضح الصفدي أن رفع الدعم عن الخبز سيكون من بين عدة قرارات من المرجح أن تتخذها الحكومة لزيادة الإيرادات العام المقبل، لكن الأمور لم تتضح بعد. وقال إن مجلس النواب حريص على عدم التأثير سلبا في مستويات معيشة المواطنين الأردنيين من خلال تغيير آلية دعم الخبز وغيرها.

وكان رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة قال الأسبوع الماضي، في تصريحات صحافية، إن مجلس النواب لن يسمح برفع أسعار الخبز، مشيراً إلى أن إلغاء دعم الخبز ليس قرارا اقتصاديا فقط بل هو قرار سيادي وسياسي. تصريحات الطراونة انطوت على تحذيرات مسبقة للحكومة من رفع الدعم عن الخبز الذي يشكل، وفقا للمراقبين، أحد عوامل تأزيم العلاقة مع مجلس النواب الذي لم يمض على انتخابه سوى عام واحد.

ويبحث النواب عن تعزيز الشعبية وإعادة ثقة ناخبيهم بهم بعد موافقتهم على موازنة العام الحالي بما اشتملت عليه من زيادة في الأسعار والضرائب على عدد كبير من السلع والخدمات.

وتستند الحكومة في حملتها التي تحظى بأضواء مكثفة من قبل الإعلام الرسمي إلى عدة عناصر، أهمها إبراز أن الدعم يستفيد منه حوالي 3 ملايين شخص غير أردني، منهم 1.4 مليون لاجئ سوري، إضافة إلى تأكيدات بشكل يومي بأن رفع الدعم عن الخبز لن يتم قبل اعتماد آلية تضمن استمرارية صرف الدعم النقدي.

وتحضر في ذاكرة الأردنيين انتفاضة عام 1989 عندما شهدت البلاد صدامات بين المتظاهرين وقوات الأمن راح ضحيتها عدة أشخاص عندما أقدمت الحكومة آنذاك برئاسة زيد الرفاعي على رفع الأسعار، وكذلك انتفاضة عام 1996، واحتجاجات في عدة مناطق عام 2012 عندما رفعت حكومة عبدالله النسور الدعم عن المحروقات.

وعلى الجهة المقابلة، يحاول أصحاب المخابز عرقلة القرار الحكومي لأنه، من وجهة نظرهم، يؤثر عليهم بسبب ارتفاع أسعار الطحين. وتوقع مسؤول في نقابة أصحاب المخابز إغلاق الكثير من المخابز بعد رفع الدعم عن الطحين المدعوم، لأنها تستفيد حاليا من بعض كميات الطحين المدعوم لتعويض كلف إنتاج الخبز وتسديد التزاماتها. ويوجد في الأردن حوالي 1600 مخبز تغطي مختلف المناطق، علما أن الحكومة أوقفت الترخيص لمخابز جديدة منذ حوالي عامين.