المواصفات الأوروبية تحاصر صادرات تونس الزراعية

المواصفات الأوروبية تحاصر صادرات تونس الزراعية

05 نوفمبر 2017
تجويد المنتج يستهدف أيضا الحماية من المنافسة(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
لن يكون بإمكان المنتجات الزراعية التونسية النفاذ بسهولة إلى الأسواق الخارجية، في ظل التشديدات التي تفرضها دول الإتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأكبر مع تونس، فيما يتعلق بمواصفات الجودة، التي باتت تستنفر الحكومة والجهات الرقابية من أجل تحسين المنتجات.
وبالرغم من انقضاء أكثر من 22 عاما على توقيع تونس اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، إلا أن نحو 2% فقط من منتجاتها الزراعية والغذائية حصلت على شهادات المواصفات، ما يضعف قدراتها التنافسية في سوق تشدد القيود الصحية على الغذاء.

وتسعى تونس عبر معهد المواصفات والملكية الصناعية الحكومي، إلى حث المزارعين على احترام المواصفات العالمية في استعمال الأسمدة والأدوية لضمان حظ أكبر لمنتجاتهم في الأسواق الأجنبية.
وبالرغم من مساعي معهد المواصفات والملكية الصناعية الحكومي، لرفع عدد المنتجات الزراعية الحاصلة على علامات "الإيزو" العالمية أو المواصفات الخاصة بالمنتجات العضوية والحلال، يقول المختصون في الشأن الزراعي، إن أشواطا كثيرة تنتظر زراعة تونس من أجل ضمان تدفق أسهل لمنتجاتها نحو الأسواق التي تفرض مواصفات صارمة.

وقالت منية بن فضل، المسؤولة الإعلامية في معهد السلامة والمواصفات الصناعية في حديث لـ"العربي الجديد"، إن المتغيرات والقيود الاقتصادية التي تفرضها الأسواق الخارجية تستدعي انخراطا أكبر فيما يتعلق بتطبيق المواصفات الدولية من قبل المؤسسات الزراعية والصناعات الغذائية.
وأشارت إلى أن المنتجات الزراعية لن تستطيع تجاوز الحدود المحلية في المستقبل، إذا لم يتم العمل على تطوير أنظمة الجودة والسلامة الصحية والتقيد بالشروط التي تفرضها الدول المستوردة.

وأكدت أن المواصفات الصحية بند أساسي من بنود اتفاق التبادل التجاري بين تونس والاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن نسبة المنتجات الزراعية الحاصلة على شهادات المواصفات بمختلف أصنافها لا تتعدى 2% من جملة شهادات المواصفات خلال العام الماضي 2016، من بينها 30 شهادة مواصفة "حلال".
ولا تستهدف محاولات تجويد المنتج التونسي زيادة التصدير فحسب، وإنما حماية المؤسسات الزراعية والغذائية من الاضمحلال أمام المنافسة الشرسة للمنتجات الأوروبية حال تطبيق اتفاق للتبادل التجاري الحر الجاري التفاوض بشأنه.

ويشمل الاتفاق محل التفاوض بين تونس والاتحاد الأوروبي تحرير قطاعي الزراعة والخدمات اللذين كانا خارج إطار التبادل الحر منتصف التسعينات من القرن الماضي، بما يسمح للشركات الأوروبية بمنافسة المؤسسات التونسية في مجالات حيوية على غرار الإنتاج الزراعي وقطاعات الصحة والمالية والطاقة.
وتبلغ المخاطر ذروتها في قطاع الزراعة بسبب توصيات قديمة للمؤسسات الأوروبية والدولية بتغيير هيكل زراعة بعض المحاصيل غير الرابحة، والتي لا تستطيع منافسة مثيلاتها الأوروبية مثل القمح، لكن تراجعها يمكن أن يحدث هزة عنيفة للنسيج الاقتصادي والاجتماعي في تونس.

وأكد عبد الجليل البدوي، الباحث الاقتصادي، ضرورة توقيع اتفاقات ضامنة للتوازنات الاقتصادية في تونس، مشيرا إلى أن الزراعة التي توفر قوت نحو مليون تونسي بطريقة مباشرة وغير مباشرة لم تخضع إلى أي مسار تأهيلي.
وأضاف البدوي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن تونس قادرة على فرض شروطها للحصول على خطوط تمويل من الاتحاد الأوروبي لتأهيل القطاع الزراعي على غرار التمويلات التي تحصلت عليها لتأهيل القطاع الصناعي سابقا.

ولفت إلى أن صعوبات هيكلية تحول دون المجازفة بتحرير القطاع الزراعي، أهمها ضعف التمويلات والاستثمارات في القطاع، معتبرا أن الوصول إلى مرحلة الحصول على شهادات المواصفات يحتاج إلى مسار تأهيلي متكامل.
وحاولت تونس في عام 2014 إطلاق مفاوضات اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق، لكنها تراجعت في أعقاب ضغوط داخلية، ثم عادت وأطلقتها في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، رغم العواقب التي يؤكد الخبراء أنها ستكون وخيمة على اقتصاد البلاد.

وكلفت الحكومة التونسية مؤخرا مكتب دراسات تونسي لإجراء دراسة تقييمية حول اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، الذي تم توقيعه عام 1995 وسط تحذيرات من مخاطر توقيع اتفاق جديد في ظرف اقتصادي وقدرة تنافسية ضعيفة تهدد ديمومة المؤسسات المحلية في مجمل القطاعات المعنية بالتحرير.
وتشير بيانات رسمية إلى أن 55% من المؤسسات الصناعية الصغرى والمتوسطة تعاني من صعوبات اقتصادية، كما أن الاقتصاد المحلي فقد ما لا يقل عن 30% من موارده الذاتية. كما تحذر دراسات محلية من اضمحلال 40% من المؤسسات التونسية في حال تطبيق الاتفاق الجديد للتبادل التجاري الحر.