التونسيون قلقون من تبعات تضييق حكومي على الواردات

التونسيون قلقون من ارتفاع الأسعار بعد حظر حكومي لتمويل استيراد 220 سلعة

04 نوفمبر 2017
المواطنون قلقون من ارتفاع جديد للأسعار (فرانس برس)
+ الخط -
لن يكون بوسع الموردين في تونس الحصول على قروض وخطوط تمويل مصرفية لتأمين عمليات التوريد، بعدما أعطى البنك المركزي التونسي تعليمات صارمة للمصارف تحظر تمويل 220 سلعة استهلاكية عبر القروض، والسماح فقط للموردين بمواصلة نشاطهم على نفقاتهم الخاصة.
ويخشى عدد من المواطنين التونسيين من اختفاء مواد باتت أساسية بالنسبة إليهم من الأسواق في حال وقف توريدها كليا، معتبرين أن المنتجات المحلية لا يمكن أن تسد حاجاتهم، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع غير مسبوق في الأسعار وتوسع نشاط المحتكرين.

وطلب المركزي في الوثيقة التي توجه بها للمصارف نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وحصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، الالتزام المطلق بعدم فتح أي اعتماد يتعلق بتوريد السلع المحددة من قبله، مشدداً على التطبيق الفوري للإجراءات الجديدة.
وتضمنت قائمة الواردات الممنوعة مواد غذائية وكيميائية والشوكولاتة والخمور والمشروبات الغازية والمصبرات الغذائية ومواد تجميل ومواد تنظيف ومواد أولية للتصنيع الغذائي، إلى جانب العطور ومواد بلاستيكية وإلكترونية ومواد منزلية، مع تحديد المعرفات الجبائية لكل المواد المحظورة لضمان سهولة مراقبتها في المعابر الحدودية من قبل مصالح الجمارك عبر التصاريح التي يقدمها الموردون.

ويعتبر تقليص الواردات ومراجعة الاتفاقيات التجارية المشتركة مع عدد من البلدان التي تتسبب المبادلات معها في عجز كبير للميزان التجاري من المطالب القديمة المتجددة على طاولة الحكومة، حيث يصر المهتمون بالشأن الاقتصادي على ضرورة مراجعة هذه الاتفاقيات أو تجميدها إلى حين تحسن الوضع الاقتصادي لوقف نزيف العملة الصعبة.
وتفاقم العجز التجاري التونسي في الأشهر التسعة الأولى من العام ليصل إلى مستوى غير مسبوق بلغ 11.460 مليار دينار.

وتأمل الحكومة التونسية من خلال القرار الجديد في حماية احتياطي العملة الأجنبية الذي تراجع بشكل حاد بسبب الهبوط الكبير للعملة المحلية (الدينار) مقارنة باليورو والدولار.
ويتوقع خبراء الاقتصاد تواصل انزلاق العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية في الأشهر القليلة المقبلة وفق مطالب صندوق النقد الدولي.
ويرى رئيس كونفيدرالية مؤسسات المواطنة التونسية (مجمع رجال أعمال)، طارق الشريف، أن حظر توريد عدد من المواد عبر التمويلات المصرفية فرصة لفسح المجال للمؤسسات الصناعية المحلية لتطوير صناعاتها وتحسين قدرتها التنافسية من أجل سداد حاجات السوق المحلية.

ويقول الشريف في حديث لـ"العربي الجديد"، إن سلطات البلاد مطالبة باتخاذ القرارات التي تسمح بتطوير الصناعات المحلية وحمايتها من الإغراق.
ويلفت إلى تضرر النسيج الصناعي التونسي خلال السنوات الماضية من جراء تضاؤل قدرته التنافسية وعدم قدرته على الصمود أمام سيل المواد الموردة بحكم الاتفاقيات التجارية التي أبرمت مع عدد من الدول التي تسببت في عجز هيكلي للميزان التجاري التونسي.

ويشدد على ضرورة استثناء المواد الأولية من قائمة المواد المحظورة من التوريد، مشيراً إلى أن الصناعيين سيدرسون هذه القائمة حالة بحالة وسيعملون على الدفاع عن النسيج الصناعي الوطني الذي لم يحظ بالعناية اللازمة بعد الثورة بسبب التركيز على القطاع التجاري.
ويرفض تاجر المواد المنزلية جلال الشعباني، إجراءات المركزي، معتبراً أن عدم السماح للمصارف بفتح اعتمادات توريد للتجار يعني إحالتهم إلى البطالة القسرية وتجفيف السوق. ويشير إلى أن هذا القرار لم يأخذ بالاعتبار الالتزامات المالية للتجار ومَواطن رزق آلاف العاملين في هذه المجالات.

ويوضح الشعباني أن الحركة التجارية تشهد ركوداً كبيراً نتيجة تراجع القدرة الشرائية للتونسيين. ويعتبر أن حظر التوريد سيدفع التجار إلى الإفلاس وأن المواد المنزلية والكهربائية التي شملها حظر التوريد ليست كمالية بل باتت من ضروريات حياة أغلب طبقات المجتمع التونسي.
في المقابل، يقول الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان، إن الإجراء المتخذ من قبل المركزي لا يتعلّق بحظر أو وقف واردات بقدر ما يتعلق بمحاولة للحد من نزيف العملة عبر طلب ضمان مالي مصرفي للموردين بقيمة اعتماد التوريد، مشيرا إلى أن هذا القرار سيحرم المؤسسات الموردة التي لا تملك السيولة الكافية للضمان من مواصلة نشاطها.

ويوضح سعيدان، في حديث مع "العربي الجديد"، أن المؤسسات الموردة ستكون مجبرة على سداد قروض المزودين مباشرة، ما من شأنه أن يولّد ضغطا جديدا على ميزان المدفوعات.


المساهمون