فوسفات المغرب... مساع لتصدر الأسواق العالمية على حساب الصين

فوسفات المغرب... مساع لتصدر الأسواق العالمية على حساب الصين

29 نوفمبر 2017
المغرب يسعى إلى إنتاج 18 مليون طن فوسفات (Getty)
+ الخط -
لا شيء متروكا للصدفة هنا، إجراءات أمنية مشددة، فحص لهويات الداخلين بدقة كبيرة، يفترض فيك أن تكون مدرجا في لائحة المسموح لهم بزيادة الموقع، الذي يشبه مدينة بنظام المرور الصارم والعربات والشاحنات التي تجوب شوارعه. نحن في أكبر مصنع للأسمدة في العالم.
غير بعيد عن مدينة الجديدة، تقع منصة "الجرف الأصفر"، التي يحيط بها سور طوله 22 كيلومترا. تلك منصة تحتضن مصانع حديثة مندمجة للأسمدة، على مساحة 1800 هكتار، وتوفر 4700 فرصة عمل مباشر، و10 آلاف فرصة عمل غير مباشرة عبر شركات المناولة.
يستعرض نائب الرئيس التنفيذي للمنصة الصناعية، أمين القاف، هذه البيانات بالكثير من الفخر، قبل أن تشرع مسؤولة الأمن، في توضيح الإجراءات الأمنية التي يفترض الاسترشاد بها عند دخول الموقع، الذي ينتظر أن يصبح أكبر مصدّر للأسمدة إلى العالم في العام المقبل.
في العام الحالي، جرى تشغيل ثالث مصنع حديث للأسمدة بالجرف الأصفر، ليتمكن في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، من إنتاج مليون طن من الأسمدة، بعدما استدعى استثمارا في حدود 520 مليون دولار.
هذا المصنع يعتبر الثالث الذي يطلقه المجمع الشريف للفوسفات بالجرف الأصفر، بعد أن تمكن من تشغيل مصنعين، إنتاج أحدهما موجه إلي السوق الأفريقية. وكما المصنع الثالث، يوفر كلا المصنعين مليون طن من الأسمدة.

غير أن المسؤولين عن منصة الجرف الأصفر، يراهنون على المصنع الرابع الذي ينتظر تشغيله في منتصف العام المقبل، بقدرة إنتاجية في حدود مليون طن، ليتحول المغرب إلى أول مصدر للأسمدة في العالم.
في العام المقبل، سيصل إنتاج المجمع الشريف للفوسفات المملوك للدولة، أول منتج للأسمدة في العالم بنحو 12 مليون طن، حيث ستساهم في ذلك المصانع الأربعة الجديدة وتلك القديمة التي أُنشئت في الجرف الأصفر منذ 1986.
غير أن السعي إلى الريادة في سوق الأسمدة، يدفع المجمع الشريف للفوسفات، إلى المضي في استراتيجيته الرامية إلى تعزيز حضور المغرب في سوق الأسمدة العالم. هذا ما سيترجم عبر مخطط بناء ستة مصانع جديدة بحلول عام 2025، ما سيرفع الإنتاج إلى 18 مليون طن.
لا يستوعب السوق الداخلي المغربي سوى 500 ألف طن من الأسمدة التي ينتجها المجمع الشريف للفوسفات، ما يوفر له كميات كبيرة موجهة للتصدير، وهو وضع يتيح له تصدر صناعة سوق الأسمدة في العالم في الأعوام الأخيرة.
ويسعى المغرب إلى توسيع الفارق مع الدول المنافسة في مجال الأسمدة التي يرتهن إليها غذاء العالم، مستندا في ذلك إلى مخزون الفوسفات الأكبر في العالم، فأرضه تنام على 75% من ذلك المعدن في العالم.
وذهب تقرير دولي أنجزته المؤسسة البحثية "بي إم إي" فرع المؤسسة الأميركية فيتش، إلى أن حصة المغرب في السوق العالمي للفوسفات، سترتفع بشكل مطرد حتى عام 2021.
وأشار إلى أن الصين ستستمر في فقدان حصص في السوق، حيث سيؤول جزء من ذلك إلى المغرب، الذي بلور منذ أعوام خطة لتثمين الفوسفات واحتلال مواقع في الأسواق التي يكون فيها الطلب مرتفعا.
وقال مصدر حكومي مطلع، لـ "العربي الجديد"، إن المغرب يتمتع بامتيازات في سوق الأسمدة العالمي، حتى إن الصين مجبرة على استعمال أسمدتها لسد احتياجاتها الداخلية، بينما أصبحت الولايات المتحدة مستوردا للفوسفات، بعدما بدأ مخزون معدنها في التراجع.

لكن ماذا عن السعودية؟
المملكة لاعب جديد في سوق الأسمدة، ورغم ما توفر لديها من موارد لإنتاج الأسمدة عبر شركة "معادن"، إلا أنها تواجه تكاليف لها علاقة بالنقل بين مواقع الإنتاج والموانئ، بينما تستفيد منصة الجرف من ميناء قريب منها من أجل التصدير، هذا ما أكده المصدر الحكومي المطلع الذي طلب عدم نشر اسمه لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل إعلام.
ويعتبر محمد مهرو، مدير المركز الثالث بمنصة الجرف الأصفر، أن الامتياز الذي يتوفر عليه المغرب في مجال الأسمدة، يكمن في القدرة على الاستجابة لطلبيات العملاء بالكميات التي يتطلعون إليها.
ويشير مهرو، إلى عامل آخر يمنح المغرب امتيازا كبيرا في السوق، فرغم استيراد المدخلات التي تتيح تصنيع الأسمدة مثل "الأمونيا"، إلا أن المجمع الشريف للفوسفات، تمكن من التحكم في التكاليف بفضل أنبوب نقل الفوسفات من الموقع المنجمي "اخريبكة"، أكبر منجم في العالم، إلى منصة "الجرف الأصفر"، بدلا عن النقل عبر القطارات.
ووضع المغرب خطة استثمارية بقيمة 20 مليار دولار في الفترة الممتدة بين 2008 و2025، تهدف بشكل خاص إلى توجيه الفوسفات إلى منصات صناعية متخصصة توجه إنتاجها إلى أفريقيا وآسيا وأوروبا وأميركا اللاتينية.
وسعى المغرب إلى رفع إنتاج الفوسفات من 30 مليون طن إلى 50 مليون طن سنوياً، وزيادة إنتاج الأسمدة الفوسفاتية من 3.5 ملايين طن إلى 10 ملايين طن سنوياً، ثم 18 مليون طن بحلول 2025.

المساهمون