الركود يضرب أسواق كردستان العراق... والمستثمرون ينتظرون التعويض

الركود يضرب أسواق كردستان العراق... والمستثمرون ينتظرون التعويض

21 نوفمبر 2017
توقف الحركة التجارية في ظل القيود (Getty)
+ الخط -
للشهر الثاني على التوالي، تضرب حالة واسعة من الركود أسواق إقليم كردستان العراق، الذي لطالما سجل اقتصاده تفوقاً على باقي مناطق العراق بما فيها العاصمة بغداد، الأمر الذي أرجعه مستثمرون إلى استمرار تداعيات أزمة الاستفتاء على انفصال الإقليم، وبقاء الخوف من سيناريوهات العمل العسكري والعقوبات الاقتصادية من جانب الحكومة المركزية ودول الجوار الرافضة للانفصال. 
وشمل الركود غالبية القطاعات، ولم يعد يقتصر على قطاعات الإسكان والسياحة والاستثمار، باعتبارها الأكثر تأثراً بالإجراءات التي اتخذتها بغداد وإيران وتركيا ضد كردستان، وإنما امتد إلى أسواق السيارات والسلع الكهربائية والأثاث المنزلي والبضائع الترفيهية في الإقليم البالغ عدد سكانه نحو 7 ملايين نسمة.
وكشف مسؤول في غرفة تجارة كردستان عن تكبد القطاع الخاص في الإقليم خسائر خلال شهرين تبلغ نحو 300 مليون دولار، ناجمة عن انهيار أسعار العقارات السكنية وتوقف السياحة بشكل كامل وتراجع أسعار السيارات والأثاث وتجميد قرابة 100 شركة عربية وإقليمية وأجنبية أعمالها بشكل كامل.
وأشار المسؤول في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى تسريح أكثر من 55 ألف عامل وموظف، من بينهم 11 ألفاً في قطاع الطيران والسياحة.
وكان القطاع الصحي واحداً من أهم القطاعات الجاذبة في الإقليم، إذ تتواجد مستشفيات غربية حديثة وعيادات متقدمة في مجال الأورام والعمليات الجراحية المعقدة، فضلا عن عمليات التجميل، وتضرر ذلك بفعل توقف حركة الطيران بعد الحظر الذي فرضته بغداد على الإقليم منذ نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي.
ووفقاً للمسؤول في غرفة تجارة كردستان، فإن العقارات فقدت ما يقرب من نصف قيمتها التي كانت عليها قبل إجراء الاستفتاء في 25 سبتمبر/ أيلول الماضي، لافتا إلى أن المنتجات مكدسة في ساحات ومخازن المعامل والمصانع دون مشترين.
وقال: "استمرار الأزمة لشهر آخر يعني انسحاب من تبقى من رجال الأعمال وشركات الاستثمارات التي قاتلنا من أجل إقناعها بالقدوم إلى الإقليم منذ سنوات".

وبدأ الإقليم بتسجيل نمو سريع في قطاع الاستثمار ابتداء من عام 2006، إذ وصل مجموع الاستثمارات خلال السنوات الست التالية وحتى 2012 إلى نحو 30 مليار دولار، ثم أخذت بالتراجع التدريجي بسبب مشاكل مالية مع الحكومة الاتحادية العراقية، وتوقف الأخيرة عن صرف حصة الإقليم من ميزانية الدولة والمقدرة بـ12 مليار دولار سنوياً.
ووصل إجمالي الاستثمارات المحلية والأجنبية التي استقطبها إقليم كردستان العراق خلال الفترة من 2006/ 2016 إلى مبلغ 47.2 مليار دولار.
وقال خبات خورشيد، أحد تجار الإقليم، في حديث لـ"العربي الجديد": "هناك ركود كبير للحركة التجارية، وهو ما لم نشهده منذ سنوات، فالأسواق تعاني من قلة الزبائن، بينما كنا في هذه الأوقات من كل عام نشهد إقبالاً كبيراً من السياح من المحافظات العراقية والكثير من الدول".
وأضاف خورشيد أن "استمرار الحظر الجوي من قبل الحكومة الاتحادية ساهم بشكل كبير في الركود الذي أوجد حالة مخيفة لدى سكان الإقليم. للأسف ألحق الاستفتاء الضرر بجميع مستويات المعيشة في المحافظات الكردية، فما ما جرى كان مغامرة سياسية من حكومة الإقليم دفع المواطن ثمنها".
واتسعت دائرة القيود التي فرضتها الحكومة الاتحادية على الإقليم، لتصل إلى إصدار البنك المركزي أوامر للمصارف الخاصة بإغلاق فروعها في كردستان، وفق ما قالته مصادر لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
وقال عضو الغرف التجارية العراقية أحمد القرغلي، لـ"العربي الجديد"، إن "الأزمة الأخيرة بين بغداد وأربيل تسببت بخسائر كبيرة للإقليم وكان القطاع الخاص هو الأكثر تضرراً".
وأضاف القرغلي "تشديد الإجراءات الحدودية بين تركيا وإيران مع كردستان ساهم أيضا في ركود الكثير من القطاعات الاقتصادية".
وبحسب محمد نجيب فرهاد، أحد أصحاب شركات السياحة في أربيل، فإنه "منذ أزمة الاستفتاء توقف عملنا ولم تفعل حكومة كردستان أي شيء، وخسائرنا كبيرة، فحركة نقل المسافرين والسياح شبه متوقفة".
لكن خليل سيروان، عضو برلمان كردستان، توقع في حديث إلى "العربي الجديد"، أن تنفرج الأزمة قريباً، مشيراً إلى أن الأمور ستعود إلى طبيعتها قريباً.
وأضاف: "يبقى أن نعرف من سيعوض المتضررين من الشركات والأفراد عن الخسائر التي تكبدوها، هل بغداد أم حكومة أربيل؟ ويجب أن نهتم بهذا الموضوع، وإلا لم يعد لأي جهة استثمارية أجنبية ثقة بأن أموالها ستكون محمية لدينا مستقبلاً".

المساهمون