باول رئيساً للمركزي الأميركي ...ما تأثيره على الدولار؟

اختيار باول سيرفع سوق المال ويخفض الدولار

02 نوفمبر 2017
مبنى الاحتياط الفيدرالي في واشنطن (Getty)
+ الخط -
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الخميس، قراره ترشيح جيروم باول لمنصب رئيس مجلس الاحتياط الفدرالي"البنك المركزي الأميركي"، ليحل محل جانيت يلين التي تنتهي فترة رئاستها في فبراير/شباط المقبل، كما عين ثلاثة أعضاء آخرين في مجلس إدارة الاحتياط الفدرالي.

وجيروم باول ليس غريباً على المنصب، فقد ظل عضواً بمجلس الاحتياط الفيدرالي الحالي منذ مايو/أيار عام 2012. ويحسب باول على معسكر الحمائم في السياسة النقدية، فهو من أنصار رفع الفائدة التدريجي الذي نفذته رئيسة المركزي الأميركي الحالية جانيت يلين التي ستنتهي رئاستها في بداية فبراير/شباط المقبل. 

وبالتالي فإن اختياره يتوافق مع مصالح الرئيس دونالد ترامب الشخصية وسياسته الاقتصادية، حيث يرغب ترامب في دولار ضعيف وسعر فائدة غير مرتفع. كما أن اختياره ممتاز بالنسبة لأسواق المال والأثرياء الذين يرغبون في استمرار الارتفاع الجنوني في مؤشرات أسهم وول ستريت.

ويتناسب الاختيار كذلك مع أصحاب العقارات وحملة القروض المالية الكبيرة، الذين من بينهم الرئيس دونالد ترامب نفسه وأفراد عائلته الذين يملكون إمبراطورية عقارية ضخمة ولدى شركاتهم قروض كبيرة.

ومعروف أن رفع الفائدة سيعني زيادة خدمة الدين. وبالتالي يلاحظ أن الرئيس دونالد ترامب تفادى اختيار كل من كيفن وارش والبروفسور تيلور، وهما من الشخصيات التي تعتقد بضرورة نهاية عهد التمويل الرخيص ورفع الفائدة، أي أنهم من "صقور السياسة النقدية" المطالبين بـ"فطم" الطبقة الثرية عن الحصول المجاني على الدولارات.

ويبرر الرئيس دونالد ترامب حبه للدولار الرخيص بقوله إنه يرغب في رفع تنافسية الصادرات الأميركية في الأسواق العالمية مقابل المنتجات الأخرى وكذلك تنافسية البضائع الأميركية في السوق المحلي.

إذ عادة ما يقود الدولار القوي إلى شراء المستهلك الأميركي للسلع المستوردة لأنها أرخص، كما أن المستهلك في الأسواق العالمية يلجأ لاستيراد سلع بديلة للبضائع الأميركية حينما يكون سعر صرف الدولار مرتفعاً مقابل عملات الدول المنافسة. وهو منطق ربما يكون مقبولاً من الناحية الاقتصادية، ولكن بالتأكيد فإن الاختيار يصب كذلك في مصلحة الرئيس ترامب وعائلته وإن كان مبرراً.

وحسب تاريخه في المصرف الذي امتد لفترة خمس سنوات ونصف السنة، فإن الدكتور جيروم باول من الذين دعموا سياسة التدرج في رفع الفائدة تبعاً للتحسن في النمو الاقتصادي، وهو من المتفائلين بالمستقبل الاقتصادي للولايات المتحدة. وحسب المذكرة الأخيرة التي نشرت عنه في "وول ستريت جورنال" في يونيو/ حزيران الماضي، فهو يرى أن التضخم قد يبلغ 2.0% خلال العام الجاري، مع تعزيز النمو الاقتصادي وانخفاض معدل البطالة.

وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، صوت باول إلى جانب رئيسة الاحتياط الفيدرالي يلين الرامية لخفض موجودات الاحتياط الفيدرالي من مستواها الحالي 4.5 تريليونات دولار. ولكنه من المؤمنين بسياسة التيسير الكمي في شراء الموجودات، وسبق أن قال في فبراير/ شباط الماضي، إنه سيلجأ لسياسة التيسير الكمي إذا تعرض الاقتصاد الأميركي لأزمة كبرى مثل تلك التي تعرض لها في العام 2007.

ولكن من هو جيروم باول؟

ولد جيروم باول في الرابع من فبراير/ شباط عام 1953 في العاصمة واشنطن لعائلة من الطبقة الوسطى، حيث كان والده من المحامين المرموقين. ودرس باول المحاماة في جامعة جورج تاون في واشنطن وتخرج منها في عام 1971 ونال شهادة المحاماة من جامعة برنستون في هيوستن تكساس.

ثم عاد باول إلى جامعة جورج تاون للتحضير وحصل على شهادة الدكتوراه في القانون. وبالتالي فهو ليس اقتصادياً مثل المرشحين الآخرين.

وعمل باول لفترة قصيرة في القضاء قبل أن يتحول للعمل في وزارة الخزانة الأميركية ويتدرج فيها إلى أن أصبح وكيلاً لقسم التمويل المحلي للوزارة في العام 1992.

ثم انتقل باول للعمل في القطاع الخاص، حيث أصبح المدير التنفيذي لمصرف "بانكرز ترست"، ولكنه لم يستمر طويلاً مع البنك بسبب مشاكل المصرف المالية، ثم انتقل للعمل مع مجموعة "كارلايل غروب" الشهيرة، قبل أن يختاره الرئيس باراك أوباما لمنصب عضو في مجلس الاحتياط الفيدرالي في إبريل/ نيسان من العام 2012.

وهنالك العديد من الانتقادات التي وجهت للرئيس ترامب بشأن سياساته الاقتصادية وماذا يريد من المحافظ الجديد للبنك المركزي الأميركي، من تلك الانتقادات ما ذكره لاقتصادي آدم بوسن، رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، الذي قال في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إن ترامب يريد تنفيذ سياسة "نقد حمائية"، بعد الحماية التجارية.

وقال "الأمر سينتهي بمجلس احتياط فيدرالي ينتمي لمعسكر الحمائم، لأن كثيراً من أعضاء مجلس الإدارة سيتم تغييرهم دفعة واحدة وتعيين آخرين من قبل ترامب"، مضيفاً "من الواضح جداً أن الرئيس ترامب يريد خفض أسعار الفائدة".

وهناك ثلاثة مناصب شاغرة في مجلس محافظي البنك المركزي الأميركي، إضافة إلى نائب رئيس البنك ستانلي فيشر الذي سيستقيل من منصبه في نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري لأسباب شخصية.

ويذكر أن سياسات رئيس الاحتياط الفيدرالي الأسبق، آلان غرينسبان، الذي ترأس مجلس الاحتياط الفيدرالي منذ عام 1987 وحتى عام 2006 ولفترة 19 عاماً متواصلة قد ساهمت في إحداث فقاعة "الدوت كوم" في نهاية عقد التسعينيات، وأزمة المال العالمية في عام 2007.

إذ اتسمت فترة غرينسبان بتسهيل الإجراءات للصناعة المصرفية الأميركية التي توسعت في الإقراض بلا حدود أو قيود من أجل الحصول على العمولات، دون اعتبار لأهلية المقترض وقدرته على السداد. وتمت هذه السياسة التي أدت إلى كارثة المال العالمية، تحت غطاء إنعاش الاقتصاد الأميركي.

ويعد منصب رئاسة الاحتياط الفيدرالي من المناصب التي تُدخل أصحابها التاريخ وتتنافس مباشرة مع منصب الرئيس الأميركي، إذ تكفي الإشارة فقط إلى أنها الجهة التي تتحكم في سعر صرف الدولار. وبالتالي فهنالك قلة من المسؤولين في واشنطن يتفوقون في الأهمية على منصب رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، بل ربما يكون ثاني أهم منصب في الولايات المتحدة بعد منصب رئيس الولايات المتحدة.

ورئيس الاحتياط الفيدرالي هو المسؤول الأول عن السياسة النقدية الأميركية التي تحدد أهم عملة في العالم، أي الدولار.

كما أنه يحدد سعر الفائدة التي تقود أسعار الفائدة في العالم وبالتالي فائدة اقتراض الأموال بين المصارف التجارية والمصارف المركزية في العالم وبين المصارف التجارية والمستهلك في أميركا والعديد من دول العالم ومن بينها دول منطقة الخليج التي تربط عملاتها بسعر ثابت بالدولار.

كما أن رئيس المركزي الأميركي هو الذي يقوم بالتفاوض مع الكونغرس بشأن السياسة النقدية ويرأس لجنة السياسة النقدية بالمصرف المكونة من 12 محافظاً. وحسب الدستور الأميركي، فإن رئيس مصرف الاحتياط الفيدرالي لا يتم انتخابه وإنما يختاره رئيس الولايات المتحدة ولا يخضع لسلطات الكونغرس.

المساهمون