تقديرات غير موفّقة... ارتفاع أسعار النفط يهدد موازنة تونس

تقديرات غير موفّقة... ارتفاع أسعار النفط يهدد موازنة تونس

10 نوفمبر 2017
تونس قد تلجأ لتحريك أسعار الوقود (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
يشكل ارتفاع سعر النفط في الأسواق العالمية تهديداً حقيقياً لموازنة تونس العام المقبل، بعد أن بنت الحكومة تقديرات قانون المالية على أساس أن الذهب الأسود سيحوم حول مستويات الخمسين دولاراً للبرميل، لكن ثمة متغيرات لدى البلدان المنتجة، وعلى رأسها السعودية، تمهد لتحرك أسعار الخام بشكل متسارع.

وقدّرت تونس في موازنة العام المقبل، أسعار النفط عند 54 دولاراً لسعر البرميل، في حين تشير وضعية السوق الدولية حاليا، إلى مستويات قد تتجاوز 65 دولاراً للبرميل خلال أيام.

ويمثل ارتفاع سعر النفط، وفق خبراء الاقتصاد، إرباكاً حقيقياً لموازنات البلاد المالية، ما قد يدفع الحكومة إلى مزيد من الاقتراض لسد الفجوات في الموازنة، خاصة أن كل زيادة بدولار واحد في سعر البرميل تؤدي إلى زيادة في نفقات الدعم بقيمة 100 مليون دينار (41.6 مليون دولار)، وفق بيانات رسمية لوزارة الطاقة.

واعتمدت وزارة المالية من خلال مشروع ميزانية الدولة لسنة 2018 على سعر موحد لبرميل النفط بـ54 دولاراً على كامل السنة، أي بزيادة دولار واحد مقارنة بسنة 2017، في حين أن التوقعات الأولية الصادرة قبل أيام عن البنك الدولي، تذهب إلى زيادة أولية بنحو ثلاثة دولارات لكل برميل عن هذا المستوى، في ظل توقعات بأن ترتفع الأسعار طوال السنة إلى حدود 4%، فيما يشير خبراء إلى أن سعر برميل النفط قد يتجاوز 65 دولاراً السنة المقبلة.

ويعتبر الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق حكيم بن حمودة، أن الفرضيات التي بنيت عليها توازنات قانون المالية كانت متفائلة ولم تأخذ بعين الاعتبار التطورات المتسارعة في المحيط العالمي، مشيراً إلى أن ارتفاع سعر النفط إلى 60 دولاراً كان متوقعاً.

وأضاف حمودة في حديث لـ"العربي الجديد"، أن عدم واقعية الفرضيات التي تُبنى عليها الميزانيات سنوياً يجبر الحكومة على إعداد قانون مالية تكميلي، مؤكداً أن أسعار المحروقات ستشهد ارتفاعاً في السوق المحلية في إطار آلية تعديل الأسعار التي تعتمدها تونس بتوصيات من صندوق النقد الدولي.

ويرى الخبير الاقتصادي أن الحكومة ستضطر إلى إعادة النظر في قانون المالية برمته وإجراء تعديلات في النفقات حسب خياراتها إما بتقليص نفقات التنمية أو نفقات التصرف، معتبراً أن الخيارات محدودة وستؤثر في كل الاحتمالات على المشاريع المدرجة المقرر تنفيذها العام المقبل.

وصادق البرلمان التونسي الأسبوع الماضي، على قانون المالية التكميلي لسنة 2017، بعد أن اضطرت الحكومة إلى تعديل نفقاتها بسبب زيادة طارئة على نفقات التصرف أملتها الاضطرابات الاجتماعية التي شهدها الجنوب التونسي الصيف الماضي، والتي أدت إلى توقف نشاط عدد من شركات النفط لأكثر من شهرين.

وبين المسؤول الإعلامي بوزارة الطاقة والمناجم، نوفل الصالحي، أن تفادي تداعيات ارتفاع الأسعار العالمية للمحروقات التقليدية والغاز في السوق العالمية لن يتم إلا عبر استعادة نسق الإنتاج السابق، وذلك في حدود 50 ألف برميل يومياً، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن معدل الإنتاج اليومي حالياً لا يتعدى 45 ألف برميل يومياً.

وأضاف الصالحي أن أغلب الشركات البترولية استعادت نسق إنتاجها السابق، متوقعا تحسناً في الإنتاج في الأشهر المقبلة.

ويمثل ارتفاع سعر البترول في السوق العالمية هاجساً حقيقياً لحكومة الشاهد التي تواجه صعوبات كبيرة لتوفير موارد تمويل الموازنة، حيث أشار وزير المالية رضا شلغوم، قبل يومين، أمام البرلمان، إلى أن التأثير الكبير لتغير سعر صرف الدولار على ميزانية الدولة يعود إلى دعم تونس للأسعار المحلية للبترول رغم تواصل ارتفاع سعر الخام في السوق العالمية وتراجع الإنتاج المحلي إلى 23 ألف برميل بسبب الاحتجاجات الاجتماعية بالجنوب.

وبين شلغوم أن احتجاجات الجنوب كلفت الدولة 280 مليون دينار (116 مليون دولار)، مشيراً إلى أن ارتفاع كلفة توريد الغاز الطبيعي وتعطل إنهاء مشروع نوارة للغاز بالجنوب ساهما في تكبيد خزينة الدولة موارد بقيمة 472 مليون دينار (ما يعادل 196 مليون دولار).

وتضع الحكومة تقديرات أسعار النفط عند إعداد مشروع قانون المالية بحسب أسعار السوق العالمية التي يحددها مختصون. وكانت الأرقام الصادرة خلال شهر أغسطس/ آب 2017 أشارت إلى أن سعر برميل النفط لسنة 2018 سيكون عند 52 دولاراً.

وحذر خبراء اقتصاديون من السقوط في تقديرات خاطئة سواء على المؤشرات الخارجية أو الداخلية، على غرار ما حصل سنة 2017، حيث توقعت الحكومة نسبة نمو في حدود 2.5% لكنها لم تتجاوز 1.8% إلى حدود نهاية الربع الثالث من العام الحالي.

المساهمون