الميزان التجاري الخادع

الميزان التجاري الخادع

10 أكتوبر 2017
مبالغات وأرقام وهمية في معرض دمشق (العربي الجديد)
+ الخط -
بالغت حكومة بشار الأسد بنتائج معرض دمشق الدولي الذي استضافته العاصمة السورية الشهر الفائت، بعد انقطاع لست سنوات، إن لجهة مشاركات الدول وعددها أو حتى ما تعلق بالعقود الموقعة خلاله، ووصل الأمر لخروج خبر رسمي عن وزارة الاقتصاد يقول، إن قيمة العقود الخارجية الموقعة خلال المعرض، بلغت 10 مليارات دولار، ليتم سحب التصريح لاحقاً والاعتذار على أن ثمة خطأ بالرقم.

بيد أن حكومة بشار الأسد، لم تعرف حتى اليوم، طريقة تخرجها من "نشوة الانتصار الاقتصادي" لمجرد انعقاد المعرض، إذ استمرت برشق الأحلام والأرقام التي أقل ما يستشف منها القارئ، أن الحديث عن ألمانيا "بطلة التصدير" وليس عن سورية التي تستورد اليوم، حتى طعام نصف السكان المتبقين فيها.

وقبل أن نأتي على أرقام الصادرات والواردات السورية ونسبة العجز التجاري، سنعرّج على ثلاثة أخبار حديثة، تدلل على مستوى الحالة الدعائية التي تمارسها الحكومة، لتسويق أن سورية بخير، وتعطي، بالآن نفسه، دليلاً على كسر العقوبات التي فُرضت على نظام الأسد، عربياً ومن ثم أوروبياً، بعد إيغاله بدم السوريين وقمع ثورتهم.

1-  تشارك الجمهورية العربية السورية في الدورة (44) لمعرض بغداد الدولي والذي سيقام في الفترة ما بين 21 حتى 30 /10 /2017، ويمتد الجناح السوري على مساحة قدرها 150 مترا مربعا.

2-  بحث وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد سامر الخليل مع السفير الجزائري في دمشق صالح بوشة إمكانيات تعزيز التبادل التجاري وتحديد قائمة السلع المراد انسيابها بين البلدين.

3- افتتح الأسبوع الفائت، الملتقى الأول للتجارة الدولية والاستثمار بمشاركة مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية والذي تنظمه مجموعة سوا التعليمية والجامعة الدولية الإلكترونية وذلك في فندق شيراتون بدمشق.

قصارى القول: أظهرت مؤشرات وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية أن نسبة تغطية الصادرات للمستوردات بلغت خلال النصف الأول من العام الحالي نحو 8% فقط، إذ بلغت قيمة الصادرات خلال الأشهر الستة الأولى نحو 264 مليون يورو، في حين أن قيمة المستوردات السورية وصلت إلى 3.258 مليارات يورو.

وهكذا يكون عجز الميزان التجاري، وفق البيانات الرسمية، قد بلغ نحو 2.994 مليار يورو، وقيمة التبادل التجاري لسورية نحو 3.522 ملايين يورو، بزيادة قدرها 1.195 مليون يورو مقارنة بالفترة نفسها من عام 2016.

وأتت هذه الأرقام والعجوزات بعد كل التصريحات بعودة الإنتاج وغزو الأسواق المجاورة وزيادة الصادرات لدول شركاء الحرب، وأخص روسيا التي تستجر طعام السوريين لتغطية مقايضة القمح، وربما استيفاء بعض الديون المتراكمة التي قد لا تضمن الاتفاقات وتأجير ثروات وموارد سورية لنصف قرن، استردادها.

نهاية القول: وافقت اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء بحكومة بشار الأسد أخيراً، على آلية منح حوافز دعم شحن الصادرات السورية للعقود المبرمة على هامش معرض دمشق الدولي، بنسبة 100% ودعم نقل وشحن الصادرات بشكل عام بنسبة 15% من قيمة البضاعة المصدرة.

بيد أن اللجنة الاقتصادية ووزارة الاقتصاد، لم تحددا نوع البضاعة المصدرة، هل ستكون على حساب العرض والسعر في السوق السورية التي تعاني شحاً وغلاء بأكثر من 1200% عمّا كان عليه قبل الثورة عام 2011، ولا حتى حجم المكوّن السوري في المادة المصنعة، أي هل البضاعة المصدرة هي سورية الصنع بالكامل أم ثمة تنسيق مع دول الجوار لاستيراد مواد "دوكمة" وتصديرها عبر سورية للاستفادة من ميزة الشحن المجاني.

ولعل الأهم، ما هي المواد والمنتجات السورية الفائضة عن الاستهلاك المحلي، حتى تلهث حكومة الأسد للتصدير، بدل سعيها لتأمين احتياجات المستهلك المحلي الذي يعاني العوز ووصلت نسبة الفقر بصفوفه لأكثر من 80%.

ربما لم تخطئ حكومة بشار الأسد، خلال حملتها التضليلية الاقتصادية، إلا بأمر واحد، وهو السماح لوزارة الاقتصاد بإصدار بيانات التجارة الخارجية عن النصف الأول من العام الجاري، فمن أخّر تلك الأرقام لأربعة أشهر، يمكنه وببساطة ألا يصدرها، لتكون كما بقية النسب والمؤشرات الاقتصادية، من نمو وفقر وتضخم نقدي، وقتها يبقى الأمر محط تخمين وموضع استنتاج، ولا تعطي وزارة الاقتصاد دليلاً يدحض جميع الادعاءات، والترويج لسورية بخير.

وأما إن صدرت أرقام التجارة الخارجية وعجز الميزان عن جهات بحثية، كالتي أصدرت خسائر الحرب وتكاليف إعادة الإعمار، فالحل أيضاً سهل وبسيط، بل وينسجم من الذهنية السورية الإنكارية، وقتها يمكن القول إن تلك الأرقام خاطئة وتأتي ضمن الحرب الكونية على سورية، وإن الميزان التجاري كاذب.

دلالات

المساهمون