استمرار الحرب في اليمن تستنزف موارد الاقتصاد السعودي والإماراتي

استمرار الحرب في اليمن تستنزف موارد الاقتصاد السعودي والإماراتي

05 أكتوبر 2017
الحرب تستنزف الاقتصاد اليمني (Getty)
+ الخط -

تضغط الحرب الدائرة في اليمن، أكثر فأكثر، على اقتصادات دول الخليج المنتجة للنفط، خاصة السعودية والإمارات، مع دخول الحرب شهرها الحادي والثلاثين.

خبراء اقتصاديون أوضحوا أن الحرب المستمرة تشكل استنزافا ماليا لدول الخليج، لاسيما مع تكاليفها الباهظة التي من الصعب تحمّلها، في ظل أزمة أسعار النفط المتراجعة.

ومن دون ظهور بوادر جديدة لنهايتها، دخلت حرب اليمن شهرها الحادي والثلاثين (انطلقت 26 مارس/آذار 2015)، بين القوات الموالية للحكومة اليمنية المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية من جهة، ومسلحي الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح من جهة أخرى.

وخلّفت الحرب أوضاعا إنسانية صعبة، فضلا عن تدهور حاد في اقتصاد البلد الفقير، فيما تشير التقديرات إلى أن 21 مليون يمني (80 % من السكان) بحاجة إلى مساعدات.

وقال جاسم عجاقة، الخبير والأستاذ في الجامعة اللبنانية، إن استمرار العمليات العسكرية في اليمن واتساع نطاقها، له تداعيات سلبية مزدوجة على أسواق واقتصادات دول الخليج.

وأضاف عجاقة أن هناك تداعيات اقتصادية وأخرى مالية، الأولى سببها الرئيسي ما يمثله اليمن من امتداد لتجارة دول الخليج التي تعتمد اقتصاداتها بشكل أساسي على مبيعات مصادر الطاقة، وذلك عبر مضيق باب المندب.

ويعبُر هذا المضيق، وهو أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها احتضانا للسفن، الآلاف من ناقلات نفط الخليج، وناقلات البضائع الأخرى بين آسيا وأوروبا وحوض المتوسط وشمال أميركا.

وتذهب التقديرات إلى أن 13% من إنتاج النفط العالمي، أي نحو 4 ملايين طن، تمر يوميا عبر المضيق باتجاه قناة السويس ومنها إلى بقية أنحاء العالم.

وسنوياً يمر عبر المضيق الثالث عالمياً من حيث الأهمية الاستراتيجية بعد مضيقي "هرمز" و"ملاقا"، ما يزيد على 25 ألف سفينة محملة بشتى أنواع البضائع، تمثل 7% من الملاحة الدولية.

وشدد الخبير اللبناني على أن: "التداعيات المالية لن يكون لها أثر كبير على دول الخليج، بسبب ما تملكه من احتياطات نقدية ضخمة".

غير أنه استدرك قائلا: "السعودية تتحمل الضرر الأكبر من حرب اليمن، مقارنة بجيرانها من دول الخليج الأخرى"، ويضيف: "التأثير يشمل غياب الفرص الاستثمارية الوافدة إلى المملكة بسبب الحرب".

من جهته، قال فخري الفقي، المستشار السابق في صندوق النقد الدولي، إن استمرار الحرب في اليمن يزيد من الضغوط الاقتصادية على دول الخليج، في ظل ارتفاع تكلفة الحملة العسكرية وطول المدة، بالتزامن مع استمرار أسعار النفط منخفضة، ما أدى إلى تفاقم عجز الموازنة.

وتابع الفقي، الذي يعمل أستاذاً للاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، أن "الآثار المالية للحرب تبقى إلى الآن هامشية مقارنة بالاحتياطيات الأجنبية الضخمة التي تملكها الدول الخليجية الغنية بالنفط".

وأوضح أنه صحيح أن تلك الاحتياطيات لم تمنع من إجراء سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية لدعم الإيرادات، تضمنت تحرير الوقود وفرض الضرائب، غير أنه كان يمكن تحقيق تلك الإيرادات بوقف نزيف الحرب المستمر".

وذكر المستشار السابق في صندوق النقد الدولي، أن تداعيات الحرب تطاول مستوى ثقة المستثمر، والذي يفضل -في أغلب الأحيان- الاستثمار في المناطق الأكثر استقرارا سياسيا واقتصاديا.

بدوره، رأى الخبير الاقتصادي محمد العون، أنه رغم قدرة دول مجلس التعاون الخليجي على حماية اقتصاداتها من تأثيرات الحرب في اليمن، إلا أن اتساع أمد الحرب ربما يعرّضها لأضرار كبيرة.

وقال العون إن أضرار الحرب على اقتصادات دول الخليج، تتمثل في ارتفاع تكاليف العمليات العسكرية، وتأثيرها على الموازنة العامة، إضافة إلى قطاعات النفط والطاقة والنقل، وعزوف المستثمرين والسياح عن المنطقة.

وتحمل الحرب اليمنية تكلفة عالية بالنسبة إلى السعودية والإمارات، ولكن ما من أرقام دقيقة وموثوقة في ما يتعلق بحجم تلك الكلفة التى تعادل مليارات الدولارات.

ويعني وقف الحرب في اليمن، ظهور فرص استثمارية جيدة أمام دول الخليج، لاسيما في عمليات إعادة الإعمار، إثر الدمار الذي أحدثته الحرب، مضيفاً أن الشركات الخليجية سواء كانت حكومية أو قطاعاً خاصاً ستكون لها الأولوية في ذلك.

ومن الصعب الحديث عن تكلفة إعادة إعمار اليمن وهي لا تزال تتكبد خسائر يومية من جراء استمرار الحرب.

ولكن، وفقا لتقديرات أولية رسمية، من المتوقع أن تتراوح الكلفة الإجمالية بين 80 إلى 100 مليار دولار، تساهم دول مجلس التعاون الخليجي بـ70% منها. 

ويأتي ذلك في ظل مواصلة السعودية طرد العمالة اليمنية تحت عناوين مختلفة، ويعتبر خبراء الاقتصاد أن الإجراءات التي تتخذها المملكة الغنية بالنفط توجه ضربة قاصمة لاقتصاد اليمن الذي يتداعى بفعل الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين ونصف.

وتهدد الإجراءات السعودية بتراجع تحويلات المغتربين اليمنيين بنحو 40%، فضلا عن عودة قرابة 400 ألف يمني إلى بلدهم، ما يلقي أعباء ثقيلة على اقتصاد البلد الغارق في الحرب. 

وتعاني العمالة اليمنية في السعودية من صعوبات متزايدة بسبب فرض رسوم حكومية جديدة، والبدء بتوطين أنشطة تجارية يهيمن عليها اليمنيون، ومنها سعودة محال بيع وتجارة الخضروات ومحال بيع الذهب، ضمن إجراءات لمواجهة تحديات تراجع أسعار النفط.

(الأناضول، العربي الجديد)

المساهمون