الإحصاء الفلسطيني: الاقتصاد يعاني من تشوه ويعتمد على الاحتلال

الإحصاء الفلسطيني: الاقتصاد يعاني من تشوه بنيوي ويعتمد على الاحتلال

25 أكتوبر 2017
الحصار والاعتداءات الإسرائيلية أثرت بالسلب على الاقتصاد الفلسطيني(Getty)
+ الخط -

قالت رئيسة جهاز الإحصاء الفلسطيني، علا عوض، إن "الاقتصاد الفلسطيني يعاني من تشوه بنيوي في الهيكلية الإنتاجية، وإن معدلات النمو متباينة ومتذبذبة بشكل دائم وهو ما يعكس ضعف وهشاشة هذا الاقتصاد واعتماده بشكل أساسي على الاحتلال الإسرائيلي، فهو اقتصاد تابع".

وأضافت عوض في مقال لها، بمناسبة اليوم العالمي للإحصاء، وصلت نسخة عنه إلى "العربي الجديد"، أن الاقتصاد الفلسطيني مر في عدة مراحل منذ عام 1995-2015، حيث بلغ معدل النمو من الفترة 1995-1999 حوالى 9% وما إن دخلت الانتفاضة الثانية 2000-2002 حتى دخل في تراجع ، وفي عام 2006 كان الحصار الخانق على فلسطين ليتراجع النمو بنسب كبيرة خاصة في غزة، وتلت ذلك الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على القطاع في الأعوام 2008 و 2012 و 2014 لنجد أنه في عام 2014 تراجع معدل النمو في فلسطين بنسبة 0.2% ولكنه عاد للارتفاع عامي 2015، 2016 حيث ارتفع بنسبة 3.4%  و4% على التوالي.

ولفتت إلى أن هذا الارتفاع إذا تم ربطه بالزيادة الطبيعية للسكان ليدل على مؤشر حصة الفرد الفلسطيني من الناتج المحلي الإجمالي، نلاحظ أن نصيب الفرد لم يتجاوز معدل النمو فيه 1% في عام 2015، 2016 لنجد تباينا عاليا بين الضفة وقطاع غزة، وأن نصيب الفرد في غزة هو نصف نصيب الفرد في الضفة الغربية.

وأكدت عوض أن الاقتصاد الفلسطيني يعاني من إخلال قطاعي بمعنى أن هناك تشوهاً في تركيبة وبنية الاقتصاد الهيكلي الفلسطيني، فقطاع الخدمات يشكل حوالى 66% من إجمالي الناتج المحلي على حساب القطاعات الإنتاجية، وقطاع الزراعة يشكل حوالى 3% والصناعة 13% والإنشاءات 8%، لنستنتج من ذلك أن بنية الاقتصاد الفلسطيني غير مولدة للعمالة كون الجزء الأكبر منه يتركز في القطاعات غير الإنتاجية.

أما الإنسان وهو المورد الأساسي في فلسطين وخصوصا فئة الشباب التي تشكل ثلث المجتمع الفلسطيني، فقد أكدت عوض أن التركيبة السكانية في فلسطين تركيبة هرمية قاعدتها الأساسية من الشباب وصغار السن لنجد أن حوالى 70% من المجتمع الفلسطيني هو فتي، ويعيش في الأرض الفلسطينية حوالى 5 ملايين نسمة موزعين بواقع 3 ملايين في الضفة الغربية ومليونين في قطاع غزة، بمعدل نمو سكاني 2.8%.

وتشير الإحصائيات إلى تدني معدلات الأمية في فلسطين مقارنة مع دول العالم حيث بلغت حوالى 3%، كما بلغت نسبة الشباب 15-29 سنة الملتحقين بالتعليم 38% لعام 2016 من إجمالي الشباب في هذه الفئة العمرية بواقع (71%) ضمن الفئة العمرية 15-19 سنة، مقابل (19%) في الفئة العمرية 20-29 سنة.

ورأت عوض أن المجتمع الفلسطيني يواجه مجموعة من التحديات التي تتعلق بالمورد البشري وتمكينه للعيش بكرامة على الأرض الفلسطينية، من أبرزها البطالة والفقر، حيث بلغ معدل البطالة في فلسطين حوالى 27% بتباين واضح بين الضفة الغربية وقطاع غزة لتبلغ في قطاع غزة أكثر من 40%، إضافة إلى تفاقم حجم الفجوة بين مخرجات نظام التعليم الفلسطيني والفرص المتاحة للعمل، حيث تشير الإحصاءات إلى أن مجموع الأفراد المشاركين في القوى العاملة الشباب الخريجين الذين يحملون مؤهل دبلوم متوسط فأعلى بلغ حوالى 182 ألف مشارك، حوالى 98 ألف خريج منهم عاطل عن العمل أي بمعدل بطالة تتجاوز 50%.

وتُخرج الجامعات الفلسطينية سنويا بالمعدل من 35 إلى 40 ألف خريج، فيما تشير التقديرات إلى أن السوق الفلسطينية المحلية تستوعب حوالى 8 آلاف وظيفة بالحد الأقصى، رغم احتياج السوق إلى تخصصات غير موجودة لدى الشباب الفلسطيني.

من جانب آخر، فإن نسبة البطالة تزداد مع ارتفاع التحصيل الأكاديمي للشباب، وأعلى معدلات البطالة سُجلت بين الحاصلين على درجة جامعية بواقع 42%، بينما بلغ معدل البطالة لفئة التعليم الثانوي المهني حوالى 21%. كما أن تدني التحصيل الأكاديمي بالنسبة للمهارات المطلوبة في المهن التقنية يشكل التحدي الأكبر للشباب العاملين في فلسطين، حيث تشير النتائج إلى أن أكثر من 65% من الشباب الذين يعملون في المهن التقنية تحصيلهم الأكاديمي أقل من المطلوب، ومن الجدير ذكره أن ثقافة وتوجهات المرأة الفلسطينية ما زالت تتركز في قطاعي الصحة والتعليم، إضافة إلى ذلك، من الملاحظ توجه الشباب الفلسطيني نحو استكمال دراستهم العليا الأكاديمية كبديل مؤقت لمعالجة فترة التعطل عن العمل.

 وأكدت عوض أن إحداث تنمية اقتصادية حقيقية يعتمد على النظرة القطاعية للواقع الفلسطيني نحو حل مشكلتي البطالة والفقر المتفاقمتين، بما ينسجم مع أجندة السياسات الوطنية 2017-2022 التي أقرتها الحكومة الفلسطينية وحملت شعار "المواطن أولا" من خلال" تكامل الأدوار بين مختلف المؤسسات الحكومية والأهلية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني من أجل تقليص الفجوة، التي تحدث نتاج عدم التوازن بين ما تطلبه السوق المحلية الفلسطينية وطبيعة مخرجات التعليم من خلال التركيز على تطوير قطاع التعليم المهني وتطوير جودة التعليم".

كما أن تلك التنمية تتطلب المباشرة في تعزيز الترابط  الاقتصادي بين مناطق "ج" والمناطق الأخرى في المجال الزراعي، لتكون مدخلا أساسيا في الإنتاج الصناعي، علاوة على تفعيل الدور الحكومي والأهلي والخاص لزيادة الرقعة الزراعية من خلال تشجيع زراعة الأراضي غير المزروعة والقابلة للزراعة، وإصدار التشريعات اللازمة لتشجيع تأجير وبيع المساحات غير المستغلة من الحيازات لفئات راغبة في الاستثمار في القطاع الزراعي، وكذلك "حماية المنتجات الزراعية الفلسطينية من منافسة المنتجات الإسرائيلية المحمية وأيضا من المنتجات الأجنبية"، وفق عوض.

وكذلك رأت عوض أن تلك التنمية تتم من خلال حل مشكلة التسويق للعديد من المنتجات الزراعية من خلال تنظيم عملية الإنتاج (كما ونوعا)، وإقامة مشاريع تصنيع زراعي. وتطوير فكرة دمج الحيازات الزراعية الصغيرة بحيازات كبيرة للاستفادة من وفورات الحجم، وكذلك صياغة رؤية واضحة لتذليل كافة العقبات التي تواجه الاقتصاد المحلي، وتحول دون إنتاج بعض السلع المطلوبة محليا، وهنا يأتي دور كافة المؤسسات للتكامل لتحقيق ذلك.

وكذلك دعم السياحة الفلسطينية من قبل القطاعين الخاص والحكومي لتعزيز دورها في تطوير وتنمية هذا القطاع، وخصوصا في مجال الإعلام والترويج للأماكن السياحية في فلسطين وتقديم التسهيلات التي تليق بالزوار الوافدين من الخارج.

ويخسر الاقتصاد الفلسطيني أكثر من 75% من عوائد تقديم الخدمات السياحية اللازمة للزوار الوافدين إلى المناطق السياحية الفلسطينية، ككنيسة المهد في بيت لحم، وجبل قرنطل في أريحا، حيث تسارع شركات الاحتلال الإسرائيلي إلى ترتيب إقاماتهم داخل الاحتلال الإسرائيلي دون وجه حق، وكذلك تتم التنمية من خلال الاستثمار في قطاع تكنولوجيا المعلومات وتعزيز الوعي نحو فكرة احتضان المشاريع الريادية  في مجال خدمات البرمجة.


المساهمون