اعتداءات مسلحة تهدّد مشروعات لمستثمري كردستان بالعراق

تفاقم خسائر كردستان.. اعتداءات مسلحة تهدّد مشروعات لمستثمري الإقليم بالعراق

20 أكتوبر 2017
تصاعد الأزمات الاقتصادية لكردستان العراق (فرانس برس)
+ الخط -
شهدت مشروعات مملوكة لمستثمرين من إقليم كردستان ينشطون في مدن جنوب ووسط العراق العديد من الاعتداءات المسلحة، ما يكبّد الإقليم خسائر إضافية بعد فقدانه حقول نفط كركوك، الإثنين الماضي. 

وكشف مسؤولون أكراد في أربيل لـ "العربي الجديد" عن تعرض ست مصالح كردية لأعمال عنف من قبل جماعات مسلحة يرجح أنها تابعة لمليشيات الحشد الشعبي المرتبطة بإيران اضطرتها إلى التوقف بشكل كامل عن العمل، خلال أسبوع واحد، من بينها شركة اتصالات "كورك" وشركة "سفين" لأعمال البناء الجاهز وشركة "مهجة خان" للتحويل المالي.

ويتركز غالبية استثمارات الأكراد بالعراق في شركات بناء واستيراد وتصدير والاتصالات والتحويلات المالية.

وتعرضت شركة "كورك" للاتصالات، رابع أكبر مشغل للجوال في العراق، إلى هجوم بالقنابل، الجمعة الماضية، واختطاف عدد من الموظفين العاملين فيها.

وأصدرت الشركة ومقرها أربيل بياناً قالت فيه، إن مقرها الرئيس في محافظة بابل تعرض لهجوم على يد مجموعة مسلحة تستقل سيارات دفع رباعي أسفر عن خسائر مادية وأضرار كبيرة بالمبنى والأجهزة الإلكترونية والمعدات ما سبب توقف الخدمة في خمس محافظات في النجف وكربلاء والديوانية والسماوة وبابل".

وأعلنت الحكومة العراقية عقب تنفيذ أربيل لاستفتاء الانفصال يوم 25 سبتمبر/ أيلول جملة من القرارات العقابية من بينها وقف جميع أشكال التعامل أو التعاون المالي بين البنك المركزي والمؤسسات المالية في الإقليم، فضلاً عن منع الحوالات المالية من العملة الصعبة لإقليم كردستان والإبقاء على العملة المحلية فقط.

وتعمل زهاء 380 شركة يملكها رجال أعمال أكراد في بغداد وديالى والبصرة والنجف وكربلاء ومناطق أخرى، منذ سنوات، وتمثل فروع لشركات أم موجودة بالإقليم، حسب تقارير غير رسمية.

وقال رئيس اللجنة الاقتصادية المشتركة بين الإقليم وبغداد التابعة لحكومة كردستان محمد عمر حاجي، لـ "العربي الجديد"، إن "موجة استهداف الشركات المملوكة لرجال أعمال أكراد يقف خلفها مسلحون مدفوعون من جهات سياسية مقربة من إيران.

وأضاف حاجي، أن العاملين في تلك الشركات موظفون عراقيون من العرب وليس الأكراد وأغلب الاستثمارات الحالية عقود مع الحكومة أو المؤسسات الرسمية وتم تسلم مستحقاتها بشكل شبه كامل، لذا فإن المتضرر الأول على المدى القريب هي بغداد والمحافظات العاملة فيها تلك الشركات بالدرجة الأولى، كما أن غالبية الاستثمارات والأعمال مؤمن عليها لدى شركات التأمين في تلك المناطق".

وتابع إن "المتضرر هم شركات النقل والشحن البري العاملة في الإقليم وبغداد، حيث تنقل يومياً شحنات مستوردة من تركيا وإيران كحديد التسليح والإسمنت والمواد الإنشائية والأثاث المنزلي والمواد الغذائية أيضاً والأدوية وحالياً كثير من تلك الشركات توقفت عن العمل وأخرى انتقلت الى خطوة بديلة وهي تسليم البضائع على حدود الإقليم لشاحنات تابعة لشركات عربية تقوم هي بتوصيلها".

ووصف حاجي الإجراءات العدائية تلك بالمعيبة وسكوت بغداد عنها حكومة وبرلماناً بالمؤسف.
من جانبه قال القيادي بالتحالف الكردستاني العراقي، حمة أمين، أن مصالح كردية في بغداد تعرضت لهجمات عدة وبغداد لم تحقق فيها كما لم تصدر الشرطة أي توضيح، مبيناً أن غالبية رجال الأعمال الكرد تركوا العاصمة بغداد وعادوا إلى الإقليم لوجود تهديد على حياتهم من قبل الجماعات المسلحة التي تقدم نفسها على أنها تابعة للحشد الشعبي.

وأضاف أمين لـ "العربي الجديد" استثمارات ومصالح كردية بعشرات الملايين من الدولارات ونعتبر أي إخلال أو تقصير من بغداد في حمايتها سيكون له أثر سلبي وسيجلب سمعة سيئة لها تنفر باقي الشركات العربية والإقليمية من العمل لديها وتعتبرها بيئة غير آمنة بالمستقبل.

وتقدر حجم الاستثمارات الكلية للشركات الكردية في عموم مدن ومحافظات العراق بأكثر من 300 مليون دولار، بحسب عضو مجلس الاستثمار والتجارة الحرة في مدينة السليمانية ريزان هلكرد الذي يؤكد لـ "العربي الجديد" أن "بغداد ملزمة بحماية تلك الاستثمارات وفقاً للقانون والدستور".

وأضاف: "هناك شركات بناء في قطاع الإسكان والبنى التحتية وشركات اتصالات ونقل وتصدير وأخرى في القطاع المالي تنتشر في كل مناطق العراق، كما توجد استثمارات لشركات عربية عراقية في الإقليم، لكن يمكن أن يتأكد الجميع أنها تمارس أعمالها بكل حرية وسهولة في الإقليم لسبب واحد أن الإقليم يخضع للقانون والنظام وبغداد تسيرها العصابات والمليشيات والأحزاب، وفق قوله.

ويوضح مهندس في إحدى شركات الاتصالات، حمة راصد، أن "شركة كورك ثاني كبريات شركات الاتصالات في العراق بدأت بخطة توسيع عملها في البلاد بعد الإقبال المتزايد من المواطنين على الاشتراك بها وأصبحت تغطي خمس محافظات في جنوب العراق وعدد من المدن الأخرى وسط وغرب البلاد إلى جانب شركتي آسيا وزين".

ويضيف راصد "لكن الشركة أوقفت عملها، يوم أمس السبت، في خمس مدن عراقية بعد استهداف مقرها ومعداتها الرئيسية في محافظة بابل جنوب العاصمة بغداد بهجوم مسلح وخطف 9 من موظفيها على يد مجموعات مسلحة".

وحسب شرطة بابل فإن مجموعة مسلحة هاجمت مقر شركة "كورك" للاتصالات في مدينة بابل ما أسفر عن إلحاق أضرار مادية بأجهزة الشركة التي تغطي مدن الديوانية والنجف وكربلاء وبابل والسماوة جنوب العراق.

ويرى خبراء، أن الحكومة العراقية تشن حرباً اقتصادية خانقة ضد الإقليم على خلفية استفتاء الانفصال الذي أجري في 25 سبتمبر الماضي.

ويقول الخبير والمحلل الاستراتيجي، عامر الجبوري، لـ "العربي الجديد" إن "استثمارات الإقليم في باقي المدن العراقية تعتمد بشكل أكبر على قطاع الاتصالات بشركتي آسيا وكورك في مدن الوسط والجنوب ويبدو أنه بسبب انفلات الأوضاع الأمنية في البلاد بدأت تتعرض استثمارات الإقليم إلى هجمات مسلحة كما رأينا باستهداف شركة كورك في بابل".

ويرى الجبوري أن "استهداف شركة "كورك" يدل على أن استثمارات الإقليم في مدن جنوب العراق أصبحت مهددة بشكل واضح من قبل مليشيات الحشد، ما يعني تقلص تلك الاستثمارات في الأشهر القليلة المقبلة إذا لم يتم حل الأزمة بين الإقليم والمركز".

يأتي ذلك في وقت تراجع فيه حجم الاستيراد عما كان عليه قبل استفتاء الانفصال في وقت تهدد فيه الحكومة العراقية بوقف التعاملات المالية مع الإقليم ومطالبتها بفرض سيطرتها على البنوك والمطارات، حسب المصادر.