البرلمان اللبناني يخالف الدستور بأول موازنة منذ 11 عاماً

البرلمان اللبناني يقرّ أول موازنة منذ 11 عاماً بمخالفة دستورية وقانونية

20 أكتوبر 2017
اعتراضات داخل المجلس على بند بالموازنة (Getty)
+ الخط -
أقر مجلس النواب اللبناني موازنة عام 2017، بعد تأخير 11 شهراً عن الموعد الدستوري لمناقشة الموازنة وصرف غالبية اعتماداتها، وبعد غياب 11 عاماً للموازنة العامة في لبنان، حيث تم إقرار آخر موازنة في العام 2005. 

وتم إقرارها بأكثرية 61 صوتا، فيما عارضتها 4 أصوات تعود لنواب كتلة "الكتائب اللبنانية"، وامتنع 8 نواب عن التصويت، وذلك بعد ثلاثة أيام من جولات النقاش الصباحية والمسائية التي تحدث فيها 45 نائباً من مُختلف الكتل النيابية، تلتها ردود من وزير المال علي حسن خليل، وعدد من الوزراء.

وشهد أحد الحواجز المحيطة بمقر مجلس النواب في العاصمة بيروت وقفة احتجاجية نفذها عدد قليل من الناشطين ضمن حملة "طلعت ريحتكم"، احتجاجا على "تجاوز الدستور من خلال إقرار موازنة عامة من دون عملية قطع الحساب". 

إذ جاءت هذه الموازنة لتزيد إلى المخالفات الدستورية والقانونية المرتبكة طوال 11 عاماً، مخالفة إضافية، وفق القانونيين. وأضاف البرلمان اللبناني إلى نص الموازنة مادة أحالتها الحكومة نهاية الشهر الماضي، تتيح للبرلمان إقرار الموازنة من دون إجراء قطع حساب للموازنات السابقة التي صرفت الحكومات المتعاقبة على أساسها من دون أي سند قانوني أو دستوري أو تدقيق محاسبي. 

وأجلت المادة الجديدة إنجاز الحسابات المالية المُدقّقة منذ 1993 حتى سنة 2015، ضمناً، إلى فترة لا تتعدّى السنة اعتباراً من تاريخ نفاذ قانون الموازنة. وأكد قانونيون أن البرلمان قام بمخالفة الدستور وتحديداً المادة 87 التي تؤكد أن حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة يجب أن تعرض على المجلس النيابي ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة الثانية التي تلي تلك السنة. في حين يؤكد الدستور في المادتين 76 و77 أصول تعديل الدستور اللبناني، اللتين لم يتم اتباعهما من السلطتين التنفيذية والتشريعية.

كذا، تؤكد المادة 118 من النظام الداخلي لمجلس النواب على أن يبدأ المجلس بالمصادقة على قطع الحساب ومن ثم ينتقل إلى مواد قانون الموازنة واعتمادات الوزارات والمؤسسات العامة. وبالتالي فإن القانون لا يجيز للمجلس النيابي أن يصادق على الموازنة إذا كان لم يقر قطع الحساب.

وينطوي موضوع قطع الحساب على كشف لعدد من المخالفات والثغرات التي أوردتها تقارير قضائية صادرة عن ديوان المحاسبة. وأثار هذا الموضوع انقساماً سياسياً استخدمه التيار الوطني الحر في معاركه ضد تيار المستقبل ما حال دون إقرار أي موازنة، بسبب اتهام رئيس الحكومة في حينه، فؤاد السنيورة، بإنفاق 11 مليار دولار خلال فترة استقالة وزراء فريق الثامن من آذار (حزب الله، حركة أمل، التيار الوطني الحر) من الحكومة، دون سند قانوني. 

واستمر الخلاف بين الطرفين، تخلله تبادل رفع الدعاوى القضائية والاتهامات السياسية بالهدر والفساد. كما أصدر الفريقان كتابين بعنوان "الإبراء المستحيل" (أصدره الوطني الحر) و"الافتراء في كتاب الإبراء" (أصدره المُستقبل) يتضمنان تأويلات قانونية ومالية لمواقف الطرفين.

وسرعان ما طُوي ملف المليارات الـ11 مع استكمال التسوية السياسية التي أدت إلى انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية، مقابل عودة سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة مطلع العام الحالي. ويُشكل إقرار الموازنة إنجازاً إضافياً للعهد الجديد بعد إقرار كافة بنود قطاع النفط وإطلاق خطة تطوير قطاع الاتصالات. وهي العناوين المالية التي قامت عليها التسوية السياسية، كما أكد أحد الوزراء المشاركين في الحكومة لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق.

وطالب نواب الكتائب خلال جلسة البرلمان، أمس، بتسجيل تحفظهم على إقرار الموازنة من دون قطع الحساب. ولم تخل الجلسات من مشادات واعتراضات، كمغادرة وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، وهو نائب عن منطقة عكار في كتلة "المستقبل" اعتراضاً على "عدم تخصيص بعلبك الهرمل وعكار باعتمادات للاستملاكات"، علما أن هذه المناطق هي الأكثر فقراً في لبنان.

وبعد أن أكد المرعبي أنه "ينسحب من الوزارة والنيابة"، ما لبث أن عاد إلى مقعده في المجلس. كما سُجّل تغيّب وزير الاتصالات جمال الجراح، وهو أيضاً عضو في كتلة "المستقبل"، عن جلسات مناقشة البنود المالية الخاصة بوزراته بداعي السفر، وهو ما استدعى تأنيب رئيس المجلس نبيه بري له.

وبعد إقرار الموازنة، اعتبر الوزير خليل أن ما حصل هو "إنجاز حقيقي يسجل ويعيدنا إلى انتظام الوضع المالي، والأسبوع المقبل سنبدأ بتحديد مواعيد لمناقشة موازنة عام 2018".

دلالات

المساهمون