تشكيك في رصيد العملة الصعبة بموريتانيا

تشكيك في رصيد العملة الصعبة بموريتانيا

13 أكتوبر 2017
الاحتياطي الحالي يغطي الواردات لنحو 5.4 أشهر (فرانس برس)
+ الخط -
تأثر الاحتياطي الرسمي من النقد الأجنبي في موريتانيا خلال السنوات الأخيرة مع تراجع أسعار الصادرات وبشكل خاص خام الحديد الذي يعد المصدر الرئيسي لاحتياطي البلاد من العملة الصعبة.
ووفقاً للتقرير السنوي الصادر عنالبنك المركزي الموريتاني فقد وصل الاحتياطي الأجنبي للبلاد مع نهاية العام الماضي إلى 824.5 مليون دولار، أي ما يعادل 5.4 أشهر من واردات السلع والخدمات، مقابل 5.6 أشهر في عام 2015، فيما تظهر معطيات حكومية أخرى وصول هذا الاحتياطي لستة أشهر من الواردات خارج القطاع الصناعي.

ورغم أن مستوى الاحتياط الأجنبي في موريتانيا متواضع، إلا أن هناك تشكيكاً في حقيقة الأرقام الرسمية المعلنة، إذ يقول الباحث الاقتصادي أحمد ولد السالم لـ "العربي الجديد" إن بيانات البنك المركزي لا تقدم تفصيلا لمكونات ارتفاع الاحتياطي النقدي.
ويشير إلى أن الارتفاع الذي يحدث من سنة لأخرى ناتج عن زيادة الضرائب على شركات التعدين التي تصدر للخارج، إضافة إلى لجوء الحكومة لأول مرة لاستغلال رصيد الصندوق الوطني لعائدات النفط والغاز الذي سجل تراجعاً متزايداً من 113 مليون دولار عام 2014، إلى 79.6 مليون دولار عام 2015، ثم 55.5 مليون دولار في العام الماضي.

ويؤكد ولد السالم أن الاحتياطي النقدي أقل بكثير مما هو معلن عنه، وأنه ليس ناتجا عن ارتفاع الصادرات وإيرادات استغلال مناجم الذهب وحقول النفط أو تحويلات المغتربين والاستثمارات الخارجية.
ويضيف "مداخيل الاحتياطي من العملة الصعبة تأثرت نتيجة تراجع الصادرات، لكن يبقى ارتفاع هذا الرصيد مرهونا بتنفيذ إصلاحات اقتصادية حقيقية".

ووفقاً لبيانات حديثة صادرة عن صندوق النقد الدولي، فمن المتوقع أن ينخفض احتياطي موريتانيا من العملة الصعبة مع نهاية العام الجاري إلى 700 مليون دولار.
وفي المقابل، يقول الخبير الاقتصادي محمد محمود ولد محمد الأمين لـ "العربي الجديد" إن الاقتصاد الموريتاني يتعافى تدريجياً من فترة الركود التي عانى منها على مدى عقود من خلال إصلاح السياسة النقدية وخفض معدل التضخم وإعادة بناء الاحتياطي النقدي، ففي عام 2010 لم يتجاوز الاحتياطي النقدي حاجز 287 مليون دولار، أي ما يغطي 2.1 شهرا من الاستيراد، ثم ارتفع ليغطي ثلاثة شهور من الواردات، إلى أن وصل حاليا إلى 824.5 مليون دولار، أي ما يعادل 5.4 أشهر من واردات السلع والخدمات.

ويضيف أن النمو الاقتصادي في موريتانيا تأثر بشكل عام بسبب الأزمات السياسية وانخفاض المعونة الخارجية وهبوط الإنتاج النفطي، معتبراً أن بناء احتياطي نقدي كبير يبقى مرهونا بتنفيذ برنامج من الإصلاحات التي ستكسب موريتانيا صلابة أكبر في مواجهة الأزمات الاقتصادية.
وكان احتياطي النقد الأجنبي لموريتانيا سجل أعلى رقم في تاريخه منتصف العام 2015، حيث وصل إلى 897 مليون دولار، قبل أن تتراجع هذه الاحتياطات مع استمرار تهاوي أسعار المواد الأولية والمعادن على المستوى العالمي، وبشكل خاص سعر خام الحديد الذي تراجع من 135.4 دولارا سنة 2013 إلى 96.8 دولارا سنة 2014 ثم 55.2 دولارا خلال عام 2015، قبل أن يتعافى قليلا ليسجل 80 دولارا خلال العام 2016، ثم عاد للتراجع مع بداية العام الجاري.

وتعتمد موريتانيا بشكل خاص على عائدات صادرات ثروتها المعدنية والسمكية كمصادر رئيسية لتنمية الاحتياطي الأجنبي، حيث وصل دخل قطاع الصيد إلى أكثر من 200 مليون دولار خلال العام الماضي، فيما تساهم قطاعات النفط والسياحة بالإضافة لتحويلات المغتربين بنسب متفاوتة في تموين احتياطي البلاد من العملة الصعبة.
وتتوالى التحذيرات من مغبة غياب استراتيجية ملموسة لتنمية هذا الاحتياطي الأجنبي وتنويع مصادر العملة الصعبة في بلد يعتمد في جل استهلاكه على الاستيراد من الخارج.



المساهمون