سر الرقم 42

سر الرقم 42

01 أكتوبر 2017
أزمات اقتصادية متواصلة يعيشها المواطن المصري (العربي الجديد)
+ الخط -
لا أعرف ما هو سر إعجاب الحكومة المصرية بالرقم 42 ونسبته المئوية، ولا أعرف بالضبط ما هي حكاية الرقم 42 مع الأزمات الاقتصادية المتواصلة التي تعيشها مصر خلال السنوات الأخيرة، ولماذا بات هذا الرقم مكروها من جميع المصريين، وبلا استثناء لأنه يحمل إما ذكريات سيئة أو دلالات سلبية على طول الخط، لدرجة أن مجرد ذكره يثير الفزع والقلق بين طبقات المجتمع.

بل والأغرب من ذلك أن هذا الرقم بات يرتبط ارتباطا شديدا بكلمات كلها غير محببة للقلب والنفس مثل القروض وزيادات الأسعار والتضخم وتراجع مؤشرات الاقتصاد والطلاق والمرض والفقر.

فالدين الخارجي لمصر زاد بنسبة 42% في نهاية العام المالي الماضي 2016 -2017 ليصل إلى 79 مليار دولار، واقتراض الحكومة من البنوك عبر أذون الخزانة والسندات سيزيد بنسبة 42% خلال الأشهر الثلاثة المقبلة (من أكتوبر/تشرين الأول وحتى نهاية ديسمبر/كانون الأول) حيث ستقترض الحكومة أكثر من 389 مليار جنيه، وحجم مشتروات الأجانب من أدوات الدين المصرية التي يتم تصنيفها على أنها أموال ساخنة تعادل نحو 42% من احتياطي البلاد من النقد الأجنبي البالغ أكثر من 36 مليار دولار.

وإذا تركنا الديون الخارجية والمحلية وعلاقتها بالرقم 42 وانتقلنا لقطاع اقتصادي آخر يعاني من أزمات متواصلة منذ أربع سنوات وهو قطاع السياحة، لوجدنا أن إجمالي عدد السياح الوافدين إلى مصر تراجع بنسبة 42% خلال العام الماضي 2016، وأن التراجع الملحوظ كان من نصيب سياح روسيا وأوروبا.

ولا يقف الأمر عند التراجع السنوي لقطاع السياحة الذي كان يدر على البلاد أكثر من 12 مليار دولار قبل ثورة 25 يناير، فعدد السائحين الوافدين إلى مصر تراجع بنسبة 42% في شهر يوليو الماضي، والأغرب هو تراجع إجمالي عدد السياح الوافدين بنسبة 42% خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2016 أي في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أغسطس/آب.

غرابة الرقم 42 لا تتوقف فقط عند أزمتي تفاقم الدين الخارجي والمحلي في مصر أو تراجع قطاع السياحة، بل تمتد أيضا إلى الأزمات المعيشية وقفزات الأسعار، فالحكومة رفعت أسعارالكهرباء المنزلي بنسب تصل إلى 42% في بداية شهر يوليو/تموز الماضي، وعقب خفض دعم بعض أنواع الوقود بنسبة 42% شهدت البلاد موجة غلاء جديدة قادت معدل التضخم لما يقرب من هذه النسبة، بل وزادت كثيرا عن رقم 42% خاصة في الأغذية والنقل والمواصلات والملابس.

لا تقف "بركات" رقم 42 عند هذا الحد، فهناك علاقة كبيرة بين هذا الرقم والمرض، فـ 42 % من مرضى الأزمات القلبية في مصر يقل عمرهم عن 55 عاما و42% من أطفال البلاد يعانون من الأنيميا بسبب عدم الرضاعة الطبيعية.

بل ووصلت تداعيات الرقم إلى الحياة الاجتماعية في مصر وأزمات الطلاق، فنسبة الطلاق فى سنة أولى زواج بلغت في البلاد 42% وهناك 42% من سيدات مصر العاملات في الحقول يعانين العمل بلا أجر والحرمان من الميراث، و42% من قمامة مصر تخرج من العاصمة القاهرة، والصعيد مسؤول عن 42% من مواليد مصر، ولذا على الصعايدة أن "يبطلوا يخلفوا" حسب قول مسؤول في المجلس القومي للسكان.

حتى شركة جهينة التي تحفظت السلطات على أموال رئيس مجلس إدارتها صفوان ثابت، بحجة انتمائه إلى جماعة الإخوان رفعت الأسعار بنسبة 42% بعد تعويم الجنيه وزيادة التكلفة.

ولذا بات المصريون غير متفائلين بالرقم 42، والدليل أن استطلاعا حديثا للرأي كشف أن 42% من المواطنين لا يتوقعون انخفاض الأسعار مرة أخرى حتى بعد هبوط الدولار أمام العملة المحلية.

مصر باتت إذن على موعد مع الرقم 42، ولذا بات أغلب المصريين يكرهون الرقم ويتحسسون جيوبهم في حال سماعه.

 ترى ما هو سر حماس الحكومة المصرية الشديد لرقم 42؟

المساهمون