الحوثيون يحبسون بيانات الموظفين والحكومة تعجز عن صرف الرواتب

الحوثيون يحبسون بيانات الموظفين والحكومة تعجز عن صرف الرواتب

23 يناير 2017
موظف في البنك المركزي بصنعاء (محمد حويس/ فرانس برس)
+ الخط -
ما زال نحو مليون موظف حكومي في اليمن بدون رواتب منذ سبتمبر/ أيلول من العام الماضي 2016، في البلد المنقسم بين سلطتين إحداهما غير شرعية تسيطر على العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى، وأخرى شرعية تتخذ من عدن جنوب البلاد مقراً مؤقتاً لها.
وتحجز السلطات الموالية للحوثيين قواعد البيانات وكشوفات الرواتب، بينما تؤكد الحكومة الشرعية على ضرورة توفر البيانات لديها لصرف الرواتب التي توفرت خلال الفترة الأخيرة.
وقال مصدر حكومي في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن "المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ يبذل جهوداً لإقناع سلطات الانقلابيين بتسليم قواعد البيانات، التي لا تزال في البنك المركزي بصنعاء وتسليم كشوفات الرواتب ليتسنى للحكومة صرف رواتب موظفي الدولة في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين".
ولا تزال المقرات الرئيسة للمؤسسات الحكومية في صنعاء، كما أن أغلب وظائف وأنظمة البنك المركزي في فرع صنعاء، رغم نقل الحكومة الشرعية المقر الرئيسي للبنك المركزي إلى عدن في منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، في مسعى لتجفيف منابع تمويل الحوثيين وحربهم في البلاد.
ومن خلال سيطرتهم على وزارتي المالية والخدمة المدنية يحتفظ الحوثيون بالبيانات الخاصة بموظفي الدولة وكشوفات الرواتب.
وتعهدت الحكومة اليمنية بصرف رواتب الموظفين في جميع أنحاء البلاد، بعد وصول الدفعة الأولى من المطبوعات النقدية من روسيا إلى البنك المركزي في عدن، لكنها حمّلت الانقلابيين في تحالف الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح مسؤولية تأخر صروف الرواتب، بسبب عدم تجاوب المؤسسات العامة الخاضعة لسيطرتهم بإرسال كشوفات الرواتب.
وأكد رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر، في تصريحات له في وقت سابق من يناير/كانون الثاني الجاري، أن الحكومة حريصة على دفع رواتب موظفي الدولة في كل المؤسسات والمرافق وفي جميع المحافظات رغم تعنت الانقلابين في تسليم كشوفات رواتب الموظفين في المحافظات التي يسيطرون عليها.
وقال بن دغر، حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ"، إن الحكومة ستصرف الرواتب، عن طريق مكاتب البريد وبنك التسليف والصرافين، بما يضمن إيصالها إلى الموظفين مباشرة.
ودعا المؤسسات العامة في مناطق سيطرة الحوثيين إلى سرعة إرسال الكشوفات لوزارة المالية بحسب موازنة الدولة عام 2014، وحمل مدراء المؤسسات في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين مسؤولية تأخير إرسال الكشوفات.
لكن رئيس حكومة الانقلابيين في صنعاء عبد العزيز بن حبتور، أعلن يوم الإثنين الماضي، رفضه تسليم البيانات وكشوفات الرواتب.
وقال بن حبتور في تصريحات صحافية إن "وثائق أجهزة الدولة السيادية والوزارات والمؤسسات ستبقى في صنعاء ولن نتخلى عن شيء منها".
وأرسل وزير التربية والتعليم في سلطات صنعاء يحيى الحوثي، وهو شقيق زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، منشوراً إلى مدراء عموم مكاتب التربية والتعليم، بعدم تسليم بيانات موظفي الكادر التربوي لأي جهة.
وقال الحوثي في المنشور الذي حصلت عليه "العربي الجديد": "يتم الاحتفاظ بقواعد البيانات الخاصة بالكادر التربوي لديكم في المحافظات وعدم تسليم أي جهة كانت نسخا منها أو نسخا من كشوفات المرتبات وتتحملون مسؤولية المخالفة".

وتبلغ مرتبات موظفي الدولة الشهرية نحو 75 مليار ريال يمني (300 مليون دولار)، من بينها 25 مليار ريال (100 مليون دولار) لمنتسبي الجيش والأمن فقط وفقاً للبنك المركزي.
ودفعت الحكومة مرتبات الموظفين في مناطقها والبالغ عددهم 200 ألف موظف في القطاع المدني و200 ألف موظف في القطاع العسكري حتى ديسمبر/كانون الأول الماضي، فيما ما زال موظفو قطاع الوحدات الاقتصادية بمناطق الحكومة مثل مصافي عدن بدون رواتب، بالإضافة إلى نحو مليون موظف في مناطق الحوثيين من القطاعين المدني والعسكري.
ويسيطر تحالف الانقلابيين على نصف المحافظات اليمنية البالغ عددها 22 محافظة بينها صنعاء وميناء الحديدة في منتصف الساحل الغربي لليمن على البحر الأحمر، فيما تسيطر الحكومة المعترف بها دولياً على النصف الآخر من المحافظات بينها العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات النفطية (شرق وجنوب شرق).
وعارضت جماعة الحوثيين قرار نقل البنك المركزي من صنعاء، وبدأت إجراءات لتحويل فرع المركزي في صنعاء إلى مصرف مركزي للمحافظات الخاضعة لسيطرتهم.
ولا تزال معظم أنظمة ووظائف البنك المركزي في صنعاء، ومنها الرقابة على البنوك والصرافة وإدارة الدين العام ونظام إدارة المساعدات الخارجية وإدارة الاحتياطي النقدي بالخارج، بحسب مصادر في فرع المركزي.
وأعلن ما يعرف بـ "المجلس السياسي" المؤلف بالمناصفة بين جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحزب المؤتمر برئاسة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، مطلع ديسمبر/ كانون الأول، عن تشكيل ما سموه "حكومة الإنقاذ الوطني"، تمثل شريكي الانقلاب في صنعاء، في خطوة من شأنها أن تفاقم الأعباء على الاقتصاد الذي يقف على حافة الهاوية، وفق خبراء ماليين.
وقال فهد غالب الخبير المالي، إن هناك مخاوف من أن تضيع رواتب الموظفين وسط الصرع الدائر، مضيفا "صرف الرواتب مسؤولية الحكومة الشرعية وعليها أن تجد الحلول المناسبة لمشكلة عدم توفر البيانات، لأنه حين قررت نقل البنك المركزي كانت تدرك أن قواعد البيانات لا تزال في صنعاء وكشوفات الرواتب، وحتى الكوادر التي تدير العمليات المصرفية الخارجية وتتواصل مع العالم".
وأضاف غالب لـ "العربي الجديد" أن البيانات والأنظمة موجودة في فرع البنك المركزي بصنعاء، بينما بقية الفروع تدير العمليات المصرفية بشكل محدود، وقواعد البيانات هي الأهم والتي يجب الحصول عليها بأي طريقة كانت.
وتابع : "في حال عدم توفر البيانات فإن على الحكومة أن تطلب من كل مؤسسة أن ترسل إجمالي عام بحسب كشوفات شهر سبتمبر/ أيلول 2014 ( قبل سيطرة الانقلابيين على صنعاء)، وفي حال تعنت الحوثيين ورفضهم فهذا يعني أن لقمة عيش اليمنيين ورواتبهم ستكون عرضه للابتزاز والمساومة في الصراع السياسي".
وتعد المحافظات المحررة والخاضعة لسيطرة الحكومة، ذات إيرادات عالية، ومنها ثلاث محافظات غنية بالنفط والغاز المسال، كما تتحكم الحكومة في ميناءي عدن والمكلا الاستراتيجيين (جنوب)، وثلاثة مطارات مدنية دولية، وعدد من المنافذ البرية.
ولدى الحكومة في مناطق سيطرتها موارد ضريبية من استثمارات القطاع الخاص، وإيرادات محطات الوقود التي بدأت منذ مطلع يونيو/حزيران الماضي في توريدها إلى البنك المركزي في عدن يومياً.
وأعلنت الحكومة الشرعية في 11 أغسطس/ آب الماضي، استئناف إنتاج وتصدير النفط من حقول المسيلة بمحافظة حضرموت (جنوب شرق البلاد) في خطوة لاستعادة الموارد النفطية.
واليمن منتج صغير للنفط، ويعاني من ضائقة مالية بسبب الحرب وتوقف إنتاج وتصدير الخام والإيرادات الجمركية.
وتسببت الحرب الدائرة في اليمن في تهاوي قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، واستنزاف احتياطي البلاد من النقد الأجنبي، وركود النظام المصرفي، نظراً لإقبال عملاء المصارف على سحب الودائع.
ولجأت الحكومة إلى طباعة كميات كبيرة من النقود بدون غطاء نقدي، لمواجهة أزمة السيولة، في مسعى لإعادة فرض سيطرة البنك المركزي على القطاع المصرفي.
وشهدت أسعار العملة المحلية تدهوراً كبيراً، في الآونة الأخيرة، حيث ارتفع سعر الدولار إلى نحو 320 ريالاً في السوق السوداء، مقارنة بحدود 250 ريالاً في السوق الرسمية، في ظل نقص حاد من المعروض من العملة الأميركية، بزيادة 34% منذ بداية الحرب، ما ساهم في زيادة التضخم وتفاقم الفقر، بحسب وزارة التخطيط اليمنية.

المساهمون