صعوبات تجارية أمام العالم بعد تنصيب ترامب

صعوبات تجارية أمام العالم بعد تنصيب ترامب

21 يناير 2017
ترامب يواجه مظاهرات غاضبة في أنحاء العالم (وين تيلور/Getty)
+ الخط -
ربما سيواجه الاقتصاد العالمي خلال الأربع سنوات المقبلة مصاعب في التجارة والاستثمار مع أكبر اقتصاد في العالم مع دخول الملياردير دونالد ترامب للبيت الأبيض رسمياً يوم الجمعة.

فدونالد ترامب الرئيس لم يختلف عن المرشح دونالد ترامب في خطاب التنصيب الذي ألقاه يوم الجمعة لدى استلامه رسمياً الحكم في أميركا، وذلك على خلاف خطابات التنصيب للرؤساء الأميركيين التي عادة ما تكون لطيفة ومليئة بآمال المستقبل والانفتاح والرؤية الشاملة لحل معضلات العالم. 
على عكس ذلك، فقد كانت عبارات ترامب قاسية ولا توحي باستمرارية الدور الأميركي في قيادة العالم اقتصادياً وسياسياً، إذ تعهد الرئيس الأميركي الجديد بأن رؤية "أميركا أولاً" ستحكم جميع قرارات بلاده من الآن فصاعداً.

كما هاجم ترامب في كلمته الإدارة السابقة بدعم الصناعة الأجنبية على حساب الصناعة الوطنية، قائلاً إنها أنفقت المليارات في الخارج بينما تركت البنية التحتية في الداخل تتداعى، مشدداً على أنه سيتم اتخاذ إجراءات لحماية الصناعة الوطنية والعمال الأميركيين.

وحسب برنامج الإدارة الجديدة، والذي عرض على الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض، تعتزم واشنطن أيضاً إعادة النظر في اتفاقية منطقة التجارة الحرة مع أميركا الشمالية، مع احتمال خروج واشنطن أيضاً من هذه الاتفاقية. إضافة إلى أن الولايات المتحدة سوف تستخدم كل الأدوات المتاحة ضد الدول التي تنتهك الاتفاقات التجارية معها.

وبحسب البرنامج، فإن الإدارة الأميركية الجديدة ستكون حاسمة وصادقة بذات الوقت في ما يتعلق بالعلاقات التجارية، وأنها ستستخدم كل الأدوات الممكنة لانتزاع فرص عمل كثيرة من العالم وإعادتها إلى أميركا.

ونشر هذا البرنامج بموقع البيت الأبيض فور تنصيب الرئيس دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة.
وجاء البرنامج متوافقاً ووعود ترامب التي قطعها للناخبين خلال حملته الانتخابية عندما هدد بإلغاء اتفاق منطقة التجارة الحرة مع المكسيك وكندا (نافتا)، ومنطقة التجارة الحرة مع أميركا الشمالية.

ويذكر أن اتفاق الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادئ، أو الشراكة عبر المحيط الهادئ (TPP) هو اتفاق تجارة حرة متعدد الأطراف يهدف إلى زيادة تحرر اقتصادات منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وإلغاء 90% من التعريفة الجمركية بين البلدان الأعضاء بدءاً من 1 يناير/كانون الثاني 2006، ومن ثم تخفيض جميع التعريفات التجارية إلى الصفر قبل عام 2015.

ولم يتردد ترامب يوم الجمعة في توقيع أول مرسوم تنفيذي ضد قانون التأمين الصحي المعروف باسم "أوباماكير"، كما أعطى مجلس الشيوخ الضوء الأخضر لتعيين الجنرال جيمس ماتيس على رأس وزارة الدفاع، ليكون أول عضو في إدارة ترامب يوافق المجلس على تعيينه.

ولكن على الرغم من تأكيد الرئيس دونالد ترامب على أنه سينفذ برنامجه الانتخابي كاملاً، وأنه سيعمل على تنفيذ السياسات الحمائية ورفع الرسوم الجمركية وإلغاء الاتفاقات التجارية مع الكتل الاقتصادية، فإن بعض الفعاليات الاقتصادية التي حضرت منتدى دافوس تعتقد أن تداعيات فترة ترامب ربما ستكون سلاحاً ذا حدين بالنسبة للاقتصاد العالمي، فربما تقود إلى انتعاش الاقتصاد الأميركي، وبالتالي فإن الاقتصاد العالمي سيستفيد من قوة الاقتصاد الأميركي.

في هذا الصدد، قال جيف شوماخور، في تعليقات نقلتها وكالة يورو نيوز، " قد ينتهي الأمر بترامب أن يصبح مستثمر المستثمرين ويؤدي إلى تصاعد النمو في الولايات المتحدة. فإذا ما رأينا انخفاضاً للضرائب والتنظيم فسنشهد هجرة العديد من المؤسسات الى الولايات المتحدة، والولايات المتحدة بحجم سوقها وحجم اقتصادها ستحمل الاقتصاد العالمي معها".

وحسب محللين يملك ترامب سلاحاً لابتزاز العالم، إذ إن القوة الشرائية الأميركية تقدر بنحو 11 ترليون دولار، وبالتالي فإن كل اقتصادات العالم تريد المتاجرة مع أميركا. ومن هنا ربما يصنع ترامب من أميركا إمبراطورية تجارية ثرية ولكنه سيفقر العالم عبر هجرة رأس المال والشركات إلى الولايات المتحدة.

أما الاقتصادي ناريمان بيهارافيش، فيقول: "إذا كان لدينا شعبوية مناصرة لنمو دونالد ترامب، فهذا جيد، وهو ما سيحدث فعلاً في النهاية وهذا هو الوارد. لكن إذا لاحظنا حمائية شعبوية فهذا قد يكون بمثابة الكارثة للولايات المتحدة والصين ومناطق أخرى في العالم، إنه سيناريو ركود".

ويشير الاقتصادي الهندي في تعليقاته لـ"يورو نيوز": "مهما كانت القرارات السياسية التي ستؤخذ في عام 2017 يبدو أن السنة ستكون سنة التغيير السياسي في الولايات المتحدة، مع تداعيات غير محددة بالنسبة لبقية العالم. إذ تعتزم الولايات المتحدة الخروج من اتفاقية الشراكة الاقتصادية عبر المحيط الهادئ التي تضم 12 دولة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ".

من جانبه، قال جون نيلسون، رئيس مؤسسة ليود للتأمين، "ما يشعرني بالقلق هو إن كنا سنستمر مع اهتزازات السوق هذه. سنقوض ثقة المستهلك في بعض دول العالم المتقدمة".

ويبدو المسرح الاقتصادي في العالم قابلاً لاحتمالات عديدة مع تسلم ترامب الحكم، وسيكون على الصين والاقتصادات الأوروبية تحديد دورها مع تحديد الدور الانغلاقي في أميركا.

المساهمون