متاعب اليورو والاسترليني

متاعب اليورو والاسترليني

17 يناير 2017
ضغوط متزايدة على اليورو والإسترليني
+ الخط -



إذا صدقت توقعات الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، بخصوص انسحاب مزيد من الدول من الاتحاد الأوروبي واقتفاء هذه الدول أثر المملكة المتحدة، فإن العملات الأوروبية الرئيسية، خاصة اليورو والجنيه الإسترليني، ستعاني من مزيد من المتاعب خلال الفترة المقبلة التي قد تدفع البعض للتخلص منها تفادياُ للتعرض لخسائر.

وإذا صدقت توقعات ترامب، التي أدلى بها أمس لصحيفة "تايمز أوف لندن"، بتكرار سيناريو "البريكست" البريطاني ومغادرة دول جديدة الاتحاد الأوربي، فإن عملات الاتحاد ستواصل التراجع أمام العملات الرئيسية خاصة الدولار والين الياباني، وستصبح العملة الأميركية هي الفارس الأقوى والحصان الرابح بين العملات المتداولة في أسواق الصرف العالمية، ليس فقط خلال عام 2017، ولكن لسنوات قادمة ربما تطول.

تدعم تلك التوقعات بالطبع الزيادات المرتقبة في أسعار الفائدة على العملة الأميركية والتي قد تحولها لعملة جاذبة للاستثمار خاصة من قبل البنوك المركزية العالمية الراغبة في تقوية احتياطياتها من النقد الأجنبي وحيازة المزيد من الدولار في ظل زيادة المخاطر العالمية، وكذا من قبل صناديق وبنوك الاستثمار الدولية الساعية لحيازة أدوات استثمار آمنة وذات مخاطر أقل، وبالطبع فإن الدولار يأتي في مقدمة هذه الأدوات.

كما تدعم توقعات تراجع أسعار العملات الأوربية أيضاً الظروف الصعبة التي تمر بها دول منطقة اليورو، فإيطاليا يعاني قطاعها المصرفي من أزمة ديون متعثرة تكاد تطيح بأكبر بنوكها، والحكومة هناك لا تزال تقف عاجزة عن تقديم الحل الناجح الذي يهدئ قلق المودعين، وهناك مشاكل اقتصادية ومالية في بلدان أخرى، مثل فرنسا والبرتغال وإسبانيا، كما أن أزمات الديون السيادية يمكن أن تطل برأسها من جديد في دول بمنطقة اليورو، مثل اليونان وقبرص.

يدعم توقعات تراجع أسعار اليورو أيضا ما ذهب إليه مجلس الذهب العالمي في تقريره الأخير الصادر قبل أيام من توقعات بارتفاع سعر الذهب خلال العام الجاري 2017 لأسباب عدة، من أبرزها زيادة المخاطر والتوترات الجيوسياسية في العالم، وتراجع أسعار العديد من العملات، وزيادة معدلات التضخم ببعض الدول، وهو ما يعني أن بعض المستثمرين قد يتخلصون من العملة الأوربية اليورو لصالح حيازة الذهب بسبب زيادة تلك المخاطر.

أما بالنسبة للإسترليني فيعد الخطر البريطاني الذي طرأ على سطح الساحة الأوروبية منذ استفتاء منتصف عام 2016 واحداً من أبرز تلك المخاطر التي تعصف به، فالاقتصاد البريطاني باتت تكتنفه حالة غموض شديدة خاصة خلال فترة مغادرة الاتحاد الأوروبي التي قد تمتد لعامين، وهو ما يفسر لنا تراجع سعر صرف الإسترليني، أمس، لأدنى مستوى له في 32 عاما، وذلك قبيل خطاب رئيسة الوزراء تيريزا ماي الذي ستلقيه اليوم الثلاثاء، وتحدد فيه عملية الخروج الشاق لبريطانيا من الاتحاد، ومراحل الانسحاب من السوق الواحدة والاتحاد الجمركي الأوروبي ومحكمة العدل الأوروبية، ومحاولة الحكومة لاستعادة السيطرة على مسألة الهجرة.

المساهمون