"دافوس" في زمن "ترامب"...أجواء ضبابية وأوراق عربية على الطاولة

"دافوس" في زمن "ترامب"...أجواء ضبابية وأوراق عربية على الطاولة

16 يناير 2017
خلال التحضيرات لانعقاد المؤتمر (فابريك كوفريني/ فرانس برس)
+ الخط -
تنطلق أعمال منتدى الاقتصاد العالمي الثلاثاء في سويسرا، وسط عالم يشهد تحولات جارفة. إذ تجمع مدينة دافوس، حوالي ثلاثة آلاف مسؤول اقتصادي وسياسي عالمي وممثلي شركات ومؤسسات كبرى ورجال أعمال وصحافيين وفنانين ومهتمين بالقضايا الاقتصادية وتفرعاتها، لبحث أبرز القضايا المطروحة عالمياً. 

وتحت الشعار الذي أطلقه المنتدى هذا العام: "زعامة مسؤولة"، تتصاعد الاتجاهات القومية المعادية لمسار الاقتصاد الحر.

وعلى رأس الحربة، تأتي رئاسة دونالد ترامب لأكبر اقتصاد في العالم والحاضن للعولمة والليبرالية الاقتصادية أي الولايات المتحدة الأميركية.

وسيتم تنصيب الأخير رئيساً بالتزامن مع اليوم الأخير للمنتدى في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل، ما يضفي الكثير من التساؤلات حول حاضر التغييرات الاقتصادية ومستقبل الأنظمة الرأسمالية واتجاهها نحو انغلاق قومي اقتصادي يزيد تمدداً.

ومن المتوقع أن تكون للتطورات الأوروبية، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حصة خاصة في المناقشات، خصوصاً مع المخاوف المتنامية من فوز الأجنحة اليمينية المتطرفة في الانتخابات المقبلة على غير دولة أوروبية، ومنها هولندا وفرنسا وألمانيا وربما إيطاليا، وتأثير هذا المنحى الشعبوي على السياسات الاقتصادية التي سيتم اعتمادها في اقتصادات القارة العجوز.


القضايا العربية حاضرة

مع تصاعد التوتر العالمي، تشهد اقتصادات الدول العربية انعطافات بدأت تؤثر على استراتيجياتها نحو تغييرات لم تتضح معالمها النهائية بعد.

ويقول الخبير الاقتصادي حجاج بوخضور إن المنطقة العربية تمر بمرحلة مالية حرجة، خاصة بعد العجوزات المالية التي أصابت ميزانيات دول الخليج خلال الآونة الأخير، الأمر الذي يتطلب طرح آليات لمعالجة وإصلاح الخلل الاقتصادي والمالي الذي تعيشه دول المنطقة.

ويضيف بوخضور خلال حديثه لـ "العربي الجديد" أن ملف دفع عجلة النمو وإصلاح رأسمالية السوق وطرح مشاريع تنموية كبرى بمشاركة عالمية يعتبر من أولويات الكويت الذي سيطرح للمناقشة على القادة الاقتصاديين، لما يحمله من أهمية كبرى في هذه الفترة.

من جهته، يقول خبير أسواق المال إبراهيم المخيزيم أن هناك حاجة لمشاركة القيادات الشابة للاطلاع واستعراض تجاربهم في المشاريع الصغيرة والكبرى وآلية تعاملهم مع الأزمات وطرق ابتكار حلول مستدامة للمشكلات التي تواجههم خلال فترة العمل.

وسيسعى المنتدى لتوفير مشاركات للشباب من مختلف دول العالم في فعاليات المنتدى عبر الأقمار الاصطناعية وأيضاً الوسائط الاجتماعية للتعرف على وجهات النظر المختلفة في شتى المجالات المالية والاقتصادية.

ويضيف المخيزيم أن الشباب الكويتي يلعب دوراً كبيراً في قطاع الأعمال بمختلف المجالات، لذا على كبار المسؤولين المشاركين من الكويت استضافة عدد من الشباب لاستعراض تجاربهم العملية سواء على الصعيد المحلي أو العالمي.
وبحسب معلومات "العربي الجديد " فإن الوفد الكويتي المشارك في دافوس سيضم كلا من نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية الكويتي أنس الصالح والعضو المنتدب للهيئة العامة للاستثمار الكويتية (الصندوق السيادي للكويت) بدر السعد، وعددا من المسؤولين في قطاع التخطيط الاقتصادي.

كذا، سيشارك في المنتدى وفد قطري برئاسة وزير الاقتصاد والتجارة الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني، عبر أوراق تطرح عدد من القضايا الاقتصادية والمالية المعروضة على الساحة المحلية والدولية.

أما السعودية فستشارك عبر وفدها لتعرض في المؤتمر الفرص الاستثمارية الكبيرة المتاحة في المملكة، وخاصة بعد السماح للشركات العالمية بالدخول في السوق السعودية بنسبة تملك 100%، والتسهيلات الاستثمارية التي تقدمها الدولة.

ويؤكد المحلل المالي الدكتور سالم القرشي على أن المؤتمر سيعقد هذا العام وسط ترقب بتحسن أسعار النفط، على إثر دخول اتفاق الدول المنتجة للنفط بخفض الإنتاج حيز التنفيذ الفعلي، وهو ما سيكون مختلفاً عن المؤتمرين السابقين.

ويقول القرشي لـ "العربي الجديد": "الكل يركز على الاستثمار، ولكن مع بدء تحسن أسعار النفط سيكون هناك سوق أكثر خصوبة للاستثمار من السنوات الماضية، ولكن هناك بعض المشاكل التي قد تعتري خطط الدول المشاركة، أهمها الغموض الذي يغلف مستقبل النفط، خاصة بعد تأكيد السعودية ومنظمة أوبك أن تمديد خفض الإنتاج غير ممكن بعد انتهاء مدته المحددة بستة أشهر، وهذا يعني أننا قد ندخل دوامة جديدة من التذبذب".

ويضيف: "الأهم هو التوترات السياسية من جراء الحرب في سورية والعراق واليمن، وتولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب مقاليد السلطة، فلأول مرة سيدخل المشاركون في المؤتمر والصورة أمامهم غير واضحة". ويشدد القرشي على أن السعودية حريصة على استغلال المؤتمر لشرح خطة التحول الوطني 2030 للعالم، وتؤكد له حرصها على المضي فيها، مهما كانت القرارات الصعبة التي يجب اتخاذها.


انقلاب صيني -أميركي

ولعل أبرز سمات التبدلات الاقتصادية العالمية الحاصلة، انقلاب الأدوار المطعّم بتشققات إيديولوجية ما بين الولايات المتحدة والصين. ففي حين تجاهر الترامبية بنزعة الحمائية التجارية والارتداد الانعزالي بشعار "أميركا أولاً"، تتقدم الصين متبنية سياسة العولمة الاقتصادية ومدافعة عن التجارة الحرة والانفتاح.

بذا، سيكون الرئيس الصيني شي جينبينغ أول زعيم صيني يحضر المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس الشتوي في وقت تسعى فيه بلاده إلى لعب دور أكبر في الشؤون الدولية.
ولعل ما قاله أستاذ الاقتصاد في الجامعة التكنولوجية في بكين، هو شينغدو، لوكالة فرانس برس، الأكثر تعبيراً عن المشهد العالمي المستجد: "إن العالم اليوم غريب.. الولايات المتحدة كانت وراء العولمة والصين تعارضها، لكن الآن أصبحت الصين قائدة العولمة والولايات المتحدة تعارضها".

في حين اعتبر مؤسس منتدى دافوس ومديره البروفيسور كلاوس شواب في تصريح سابق: "عالمنا يتغير بسرعة غير مسبوقة. وفي مرحلة التغيرات، أصبحت مبادئنا التقليدية حول المجتمع والعمل والأمة موضع شك والعديد من الأشخاص يمكن أن يشعروا بأنهم مهددون".

كذا، رأى موازيس نايم من مؤسسة كارنيجي للسلام العالمي: "هناك إجماع على أن شيئاً ضخماً يجري، شيئا عالمياً وغير مسبوق على عدة مستويات. لكننا لا نعرف ما هي أسبابه أو كيف نتعامل معه".

ومن المتوقع أن تهيمن على منتدى هذا العام مناقشات حول الحمائية وظاهرة الاحتباس الحراري والهجرة والأمن الدولي والتغذية وإمكانية الوصول إلى الموارد. وكذلك الغضب العام من العولمة والرئاسة القادمة لترامب ووعوده بخروج الولايات المتحدة من اتفاقيات التجارة الدولية ورفع الرسوم على الواردات من الصين والمكسيك.

وتعكس محاور المنتدى المخاوف من التغييرات العالمية المقلقة، ومن بين العناوين "كيف يمكن حل أزمة الطبقة المتوسطة المضغوطة والغاضبة؟" و"سياسات الخوف أو التمرد للمنسيين" و"التسامح ..هل بلغ مداه؟" و"مرحلة ما بعد الاتحاد الأوروبي".