مخاوف في أسواق النفط من غياب آليات تخفيض الإنتاج

مخاوف في أسواق النفط من غياب آليات تخفيض الإنتاج

29 سبتمبر 2016
تفاؤل حذر في أسواق النفط (أوليغ نيكيشن/Getty)
+ الخط -
ما زالت الشكوك تحوم حول آليات تطبيق اتفاق تخفيض إنتاج النفط الذي تم التوصل إليه في اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في الجزائر، وربط محللون نجاح الاتفاق وانفراجة أزمة النفط وانتعاش الأسعار، بقدرة مختلف الأطراف على التوصل إلى آليات محددة لتطبيق الاتفاق وتحديد حصة كل دولة من التخفيضات المتواضعة، وفي المقابل أكد آخرون أن اتفاق أوبك نقلة مهمة وستسعى جميع الأطراف، المتأذية من تراجع الأسعار، إلى تنفيذه. 
وتذبذبت أسعار النفط، خلال اليومين الماضيين عقب الاتفاق، فبعد أن ارتفع مؤشر خام برنت بنسبة 6%، أول من أمس، عقب الإعلان عن الاتفاق، إلا أنه عاد لينخفض بشكل طفيف، أمس، قبل أن يرتد للارتفاع مرة أخرى، ما يعكس قلق الأسواق من عدم وضوح التفاصيل.


وفي هذا السياق، قال كبير محللي السوق لدى "سي.إم.سي ماركتس" في سيدني، مايكل مكارثي، "المستثمرون والمتعاملون متشككون، وأسبابهم وجيهة. المتعاملون يتساءلون عن الغياب الكامل للتفاصيل، وعن الإشكال المحتمل المتعلق بالدول التي ستخفض الإنتاج".

مخاوف من ترحيل الأزمة

وسادت مخاوف في الأسواق من ترحيل أزمة النفط إلى إشعار آخر بدلاً من العمل على تطبيق الاتفاق، فقد قالت أوبك، إن حجم خفض إنتاج كل عضو سيتحدد في الاجتماع الرسمي التالي في فيينا خلال نوفمبر/تشرين الثاني، وقد توجه الدعوة إلى منتجين آخرين مثل روسيا للانضمام إلى الاتفاق.

وعلى الرغم من حالة القلق التي أصابت الأسواق، يعد الاتفاق نقلة لمنظمة أوبك التي تعثرت على مدى الاجتماعات الأخيرة في التوصل لأي نتائج بشأن الإنتاج لإعادة التوازن إلى الأسواق، حسب محللين لـ"العربي الجديد".

وفي هذا السياق، أكد المدير الإقليمي لمكتب الدراسات الاستشارية في السعودية (خاص) سامي القرشي، لـ"العربي الجديد"، أن اتفاق أوبك على خفض الإنتاج، هو حدث بالغ الأهمية بعد عامين من الرفض والمكابرة، قائلاً: "قد لا يكون رقم التخفيضات بحد ذاته كبيراً، فما زال دون التوقعات، ولكن الأهم هو أن دول أوبك أصبحت تشعر بأهمية الاتفاق، وفي تصوري هذا الخفض هو مجرد بداية لخفض أكبر في الاجتماعات المقبلة".

وأضاف: "شاهدنا كيف قفزت أسعار النفط بمستوي 6% فور الإعلان عن الاتفاق، قبل أن تعود للتراجع قليلاً؟".

وشدّد على أن دول "أوبك" أصابها الوجع من استمرار الخفض، ولم يعد هناك مجال للتمسك بالحصص والأسواق، فالأسعار كانت دون المتوقع طوال العام، مضيفاً: "الكل بات يستشعر أنه حان الوقت للتحرك، ولكن في تصوري أن الأمر يحتاج لأن تبرهن أوبك على جديتها في هذا الشأن، فنحن شاهدنا أن الأسواق استقبلت الاتفاق بحفاوة كبيرة، ولكن خفت تلك الحفاوة بعد أن توقفت أوبك عن كشف تفاصيله، وأجلت ذلك لاجتماع نوفمبر/المقبل، الأمر الذي ترك انطباعاً بين المتعاملين أنه ليست هناك جدية كافية للتطبيق، وعلى أوبك أن تؤكد عكس ذلك".


وفي ظل توقعات متفائلة، قال بنك غولدمان ساكس، إن الاتفاق الذي توصل إليه منتجو الخام بمنظمة أوبك لتقليص الإنتاج سيضيف من سبعة إلى عشرة دولارات لأسعار النفط في النصف الأول من العام القادم. وقال محللو غولدمان في مذكرة، عقب الاجتماع، "التطبيق الصارم للاتفاق في 2017 سيعني تراجع الإنتاج ما بين 480 و980 ألف برميل يومياً".

آلية توزيع الحصص

وأضاف المحللون "في المدى الطويل ما زلنا متشككين في تطبيق الحصص المقترحة إذا اعتمدت". لكن البنك جدد على الرغم من ذلك توقعاته لسعر النفط بنهاية العام الحالي وفي 2017 نظراً لعدم التيقن الذي يحيط بمقترح أوبك.

وفي ختام اجتماع ماراثوني استمر ست ساعات، أمس الأول، ومشاورات استغرقت أسابيع، أعلنت أوبك أنها قررت خفض إنتاجها إلى ما بين 32.5 و33 مليون برميل يومياً، مقارنة مع 33.4 مليون برميل في أغسطس/آب الماضي.

من جانبه أوضح الخبير النفطي الكويتي، عبدالسميع بهبهاني، لـ"العربي الجديد"، أن أوبك جادة في تطبيق اتفاقها، مقللاً من أهميه التقارير التي شككت في قدرة أوبك على الالتزام بالاتفاق.

وقال: "التراجعات التي طرأت على أسعار أمس، بعد قفزة أول من أمس أمر طبيعي، وتحدث عادة، يوم الخميس، لأن المستثمرين والمضاربين يبدأون في جني الأرباح التي حققوها طوال الأسبوع، ولا علاقة له بجدية الاتفاق من عدمه، فالقرار جاد، وتفاعلات الاقتصاديين معه جادة، وإن كان مقدار التخفيض قليلاً مقارنة بالتخمة الحاصلة في السوق".

ويبلغ حجم المخزونات النفطية للدول المستهلكة حول العالم، نحو 2.5 مليار برميل في الوقت الحالي، منها نحو 534 مليون برميل لدى الولايات المتحدة، التي ارتفعت من 1.5 مليار برميل منتصف 2015، بسبب تباطؤ الاقتصاديات المتقدمة والناشئة.

وتوقع بهبهاني، حدوث مفاجآت وتخفيضات أكثر في اجتماع نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، مضيفاً: "الاتفاق أفرح كثيرين، خاصة الشركات التي أوقفت كثيراً من المشاريع، مثل شركات النفط الصخري، ودول مثل فنزويلا التي تملك ثالث أكبر مخزون نفط في العالم".

وقال: "إن دولاً من خارج أوبك تأذت هي الأخرى، فالاقتصاد العالمي لم يستقر، منذ هبوط أسعار النفط، الذي أدى إلى أن البنك الفدرالي الأميركي ونظيره البريطاني غير قادرين على اتخاد قرار حول الفائدة، فالكل تأذى لأن أكبر المستثمرين في العالم يعملون في مجال النفط، وعندما تدهورت الأسعار تراجع الاستثمار.

وأكد ضرورة استمرار المناقشات الجادة حول الحصص، موضحاً أن الاستثناء الإيراني من الاتفاق قد يضيف نحو نصف مليون برميل آخر، والعراق زاد إنتاجه، ولكن على الرغم من كل هذه التحديات هناك رغبة في حل أزمة النفط، حسب بهبهاني.

وتطالب إيران بزيادة حصتها من إنتاج النفط في المنظمة، إلى مستويات ما قبل الحظر البالغ 4.2 ملايين برميل يومياً، مقارنة مع إنتاج فعلي بلغ في شهر أغسطس/آب الماضي 3.6 ملايين برميل يومياً، وفق تقرير لأوبك منتصف الشهر الجاري.

وعلى الرغم من ذلك أكدت إيران تفاؤلها بالاتفاق، ودعمها خطةَ تخفيض الإنتاج، مطالبة بلجنة فاعلة تشرف على عملية التخفيض.

دلالات

المساهمون