سورية..محصول القمح ينخفض إلى أدنى مستوى منذ 27 عاماً

سورية..محصول القمح ينخفض إلى أدنى مستوى منذ 27 عاماً

19 سبتمبر 2016
سورية كانت تنتج 4ملايين طن قبل 5سنوات(عبده دوماني/فرانس برس)
+ الخط -


انخفض محصول القمح في سورية بمقدار النصف تقريباً، إلى 1.3 مليون طن، هذا العام وهو أدنى مستوى في 27 عاماً، مع إضرار القتال وشح الأمطار بالقطاع الزراعي وقدرة البلاد على توفير الغذاء لسكانها.

واضطرت حكومة بشار الأسد إلى طرح مناقصة هذا الصيف بحجم غير مسبوق بلغ 1.35 مليون طن من القمح المستورد من حليفها السياسي روسيا، لضمان إمدادات الخبز الذي يعد غذاء رئيسيا للشعب السوري.

وقبل الحرب المستمرة منذ خمس سنوات كانت سورية مصدرا للقمح وتنتج أربعة ملايين طن سنويا في عام جيد، وقادرة على تصدير 1.5 مليون طن.

وحاليا بات القمح والخبز جزءا لا يتجزأ من الحرب، مع تأثر مزارع القمح وتوزيع البذور والمطاحن والمخابز.

تدعم حكومة دمشق الخبز في المناطق التي تسيطر عليها، وتدعم وكالات الإغاثة الأسعار في بعض المناطق، لكن السوريين في مناطق أخرى من البلاد يعانون من نقص الخبز وارتفاع الأسعار.

وقال محمود الشيخ، الذي يعمل في الصحة في الجزء المحاصر من دمشق: "هل تعرف لماذا يرفع الناس السلاح؟ بسبب الخبز. الجوع يجعل الناس يبيعون أنفسهم للجماعات المسلحة ليأكلوا ويطعموا عائلاتهم."


وقال الشيخ، من ضاحية الغوطة الشرقية في العاصمة، إنه منذ وقت مبكر من العام نادرا ما شهدت منطقته المحاصرة وجود الخبز.

وأضاف: "في بعض الأحيان لم يكن هناك خبز على الإطلاق. بدأ الناس فى صنع الخبز من الشعير... واستمر الأمر على هذا النحو لأشهر. الناس يأكلون الكرنب بدلا من ذلك... حقيقةً، وضع الشعب أصبح بائسا."
قتلت الحرب السورية ما يربو على 250 ألف شخص مخلفة أسوأ أزمة عالمية للاجئين، وسمحت بصعود تنظيم الدولة الإسلامية واستقطبت قوى إقليمية وعالمية.

الأكثر انكشافاً

بسبب المخاطر، التي تحف بطرق النقل، تجد الدولة السورية صعوبة في الشراء من مناطق "سلة الخبز" التقليدية، التي تقع خارج سيطرة الحكومة.

وقال آدم فينامان ياو، نائب ممثل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) في سورية، إنه اعتبارا من أغسطس/ آب بات 9.4 ملايين سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي. يفوق هذا نصف عدد السكان البالغ نحو 17 مليون شخص، الذين يعتقد أنهم ما زالوا يعيشون في سورية.

وقال ياو "أسعار المنتجات الزراعية الأساسية ارتفعت بشكل كبير مما قلل إمكانية الحصول عليها من قبل غالبية المستهلكين، وبخاصة الشرائح الأكثر انكشافاً من السكان."

وبالمقارنة مع تقديرات إنتاج القمح البالغة 1.3 مليون طن المقدمة من الفاو، يقول مصدر حكومي إن الرقم هو  1.7 مليون طن بينما تتحدث المعارضة عن مليون طن.

وتنفذ الحكومة الانتقالية، التي شكلتها المعارضة المتحالفة مع الائتلاف الوطني السوري، الذي يتخذ من تركيا مقرا، مهامَّ فنية وإدارية من داخل المناطق، التي تسيطر عليها المعارضة.

وساهمت اثنتان من فترات الجفاف، إحداهما في ديسمبر/ كانون الأول، والثانية بين منتصف فبراير/شباط ومنتصف مارس/ آذار، في انكماش محصول 2016 من 2.44 مليونَي طن في 2015 عندما شهدت معظم المناطق أمطارا وفيرة.

وقال ياو إنه في المناطق، التي هطلت فيها الأمطار، مثل محافظة الحسكة الشمالية، والتي تسهم بنصف إنتاج البلاد من القمح، تم زرع 472 ألف هكتار فقط من بين 706 آلاف هكتار وذلك بسبب الوضع الأمني.

وشهدت الحسكة قتالا عنيفا، حيث قام تحالف من مقاتلين سوريين عرب وأكراد، مدعومين بضربات جوية تقودها الولايات المتحدة، بإخراج مسلحي تنظيم الدولة ( داعش) من بعض الأراضي هذا العام.

"نحتاج أسمدة"

قال أكرم حسو، وهو رئيس سابق لحكومة محلية إنه مع وجود الدولة إلى الجنوب والغرب والحدود المغلقة مع تركيا والعراق إلى الشمال والشرق، عانت منطقة الحسكة التي تقع في إقليم شبه مستقل في شمال شرق سورية، تسيطر عليه وحدات حماية الشعب الكردية، من نقص في الوقود والسلع الزراعية.

وقال فيصل حسن، وهو مزارع من ريف رأس العين بمحافظة الحسكة: "نحتاج أسمدة لكنها غير متوافرة. حتى عندما نجدها فإن الطن الواحد هذا العام بلغ سعره ما يعادل خمسة أطنان من القمح."

وأضاف "الإنتاجية لكل هكتار عادة ما كانت تصل إلى 40 كيسا من القمح، لكن خلال سنوات الحرب بلغ الإنتاج نحو 20 كيساً للهكتار."

وتوقعات القمح ليست جيدة. ففيما يخص موسم الزراعة القادم 2016-2017 استطاعت المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب أن توزع 30 ألف طن فقط من بذور القمح، مقارنة مع 450 ألف طن قبل الحرب.


وقال مصدر في المؤسسة الحكومية إنه من إجمالي إنتاج البلاد من القمح هذا العام، استطاعت الدولة شراء 400 ألف طن فقط.

ويقل هذا الرقم بكثير عن القدر الضروري لتوفير الخبز للمناطق، التي تسيطر عليها الحكومة السورية، البالغ مليون طن إلى 1.5 مليون.

قمح من روسيا

طرحت مؤسسة الحبوب مناقصة لاستيراد مليون طن من القمح الروسي في موعد نهائي غايته 19 سبتمبر/ أيلول، واشترت بالفعل 350 ألف طن من القمح الروسي، مما يبرز حاجة البلاد الملحة للاستيراد.

وتقع المحافظات، التي تعد سلة الخبز السورية، وهي الحسكة والرقة ودير الزور، التي تسهم بنسبة 70 %من إجمالي إنتاج القمح، خارج سيطرة الحكومة، لكن المزارعين بإمكانهم بيع إنتاجهم إلى الحكومة إذا ما بلغوا مراكز التجميع.

يأتي رقم المشتريات الصغير بالرغم من أن الحكومة رفعت السعر، الذي تدفعه إلى المزارعين المحليين مقابل القمح.

وفى المناطق، التي تسيطر عليها جماعات المعارضة، باستثناء تنظيم الدولة ووحدات حماية الشعب الكردية، جرى إنتاج 500 ألف طن من القمح قبل اندلاع الحرب.

وقال حسن المحمد، رئيس هيئة القمح، التي تسيطر عليها الحكومة المؤقتة للمعارضة ، "لكن في موسم 2016 الإنتاج قليل جدا جدا ولا يتجاوز 100 ألف طن. وهذا يرجع لعدة أسباب أهمها الحرب المستعرة في هذه المناطق."

وقال إنه، في هذه المناطق، يبيع المزارعون القمح مقابل 285 دولارا للطن بزيادة نحو 65 دولارا عن الأسعار، التي تقدمها مؤسسة الحبوب التي تسيطر عليها الحكومة، لكنه شدد على أن الكميات محدودة.

المخابز تتضرر

وقال أبو كرم، مدير مخبز عمومي كان هدفا في الفترة الأخيرة لغارة جوية في إدلب، التي تسيطر عليها المعارضة: "نعتمد في الغالب على مساعدات في شكل دقيق (طحين) تقدمها لنا مجموعات (إغاثة) أو في الحصول على الدقيق من السوق السوداء."

ويستطيع مخبز أبو كرم بيع كيلوغرام واحد من الخبز مقابل 50 ليرة سورية (عشرة سنتات أميركيا) وذلك لتلقيه دقيقا مجانيا من جماعات الإغاثة. وبدون ذلك فإن نفس الكمية ستكلف 200 ليرة على الأقل.

وشدد أبو كرم على أهمية أن يكون الخبز متاحا بتكلفة معقولة.

وقال "الوضع في سورية يزداد سوءا... الموطنون لا يستطيعون تدبير قوتهم اليومي، لذا فإنهم يعتمدون على الخبز في جميع الأوقات. يأكلونه بدون شيء، سوى أشياء بسيطة مثل زيت الزيتون أو الطماطم. جميع الأسر الفقيرة والغنية تأكل الخبز صباحا وظهرا ومساء."

(الدولار = 517.5 ليرة سورية)

(رويترز)



المساهمون