لا كعك عيد بسورية

لا كعك عيد بسورية

11 سبتمبر 2016
طائرات الأسد قصفت سوق في إدلب وقتلت العشرات(إبراهيم أبوليث/الأناضول)
+ الخط -

 

 ثقيلة وموجعة هذه الأيام، تمر على السوريين بتثاقل، لتعيد لهم ببطء، شريط ذكريات سنواتهم الخمس الأليمة، من فراق ويتم وجوع ، إذ ودونما مبالغة في الطرح، لا تكاد تخلو أسرة سورية من قتيل أو معاق أو مهاجر، لتبقى مقارعة ظروف الحياة، من نجاة من موت، عبر طائرات التحالف على حلمهم، والتحايل على قوت اليوم، هي القاسم المشترك للسوريين .

من منجزات الرئيس الوريث، بشار الأسد، والتي قلما يتطرق لها حاسدوه، أنه أوصل 80% من السوريين، وفق آخر تصريح لمدير مكتب الإحصاء بدمشق، إلى مستوى الفقراء، وأكثر من 60% منهم إلى مستوى الفقر المدقع.

طبعاً بعد أن حلّ بمنطق عصري، وافقته عليه الأمم المتحدة والدول الديمقراطية، مشكلة زيادة النمو السكاني والخوف على ثروات البلاد، فهجر نصف السكان، وترك نصف النصف المتبقي، خارج حسابات الموازنة والأجور .

وجعل من نصف النصف الذي يدّعي رعايته، غارقاً بأبسط مستلزمات العيش، ما جعل من أيام العيد ذكرى مؤلمة، ومواجهة غير متكافئة، بين مطالب الأولاد بملبس ومأكل وبين عجز الأب عن تحقيق الأماني، بواقع التفقير والإذلال، حتى بثوب وكعكة عيد .

قصارى القول: في الأمس، وخلال مجازفة أمّ من مدينة حلب بالذهاب للسوق بصحبة أطفالها، لتشتري بعض ما يحلمون، نالت من فرحة ابنها بشراء قميص، طائرة أسدية، فمزقته وحلمه بلباس العيد، ووثقت الوكالات المشهد، للطفل المدمّى ولثوب العيد .

وفي إدلب التي آثر ثوارها رسم ابتسامات الفرح على وجوه أطفال الشهداء، فبنوا أراجيح من خشب ووزعوا ألبسة من معونات، جاءت الطائرات أيضاً، لتقتص من الأحلام، وتحطم ساحات عيد محاطة بمقابر ضاقت بها الأمكنة، لتضيف وبسوق شعبي، قوائم جديدة إلى شاهدات المقابر، وكذا بدرعا والحال ذاته بريف إدلب المحرر، وثمة توصية خاصة هنا، بأن يكافأ أهلوه، المتمردون على القائد المناضل، بقنابل الفوسفور والنابالم بحلول العيد .

ما لا يتوقعه أحد ربما، أن حلم كعك عيد السوريين اليوم، تقلص إلى إبعاد الموت عنهم، وإن عبر هدنة مشبوهة، كتلك التي تقاسم مجدها بجنيف قبل أيام "كيري - لافروف"، تبعد عنهم الصواريخ والبراميل ولو لأيام، يتمكنون خلالها من زيارة شهدائهم وإلقاء تحية العيد على قبورهم.

نهاية القول: عود على بدء، ليس القصد من عنوان "لا كعك عيد بسورية" الإشارة إلى الإقبال على شراء الكعك ونفاده من الأسواق، أو إلى أسعار مكوناته، من سكر وطحين وجوز، التي تضاعفت أكثر من 12 ضعفا خلال الحرب، أو حتى لتوفرها وإن بمناطق سيطرة الأسد، التي وجدها تجار الحرب فرصة ليتاجروا بجوع السوريين، ببساطة، لأن الكعك يا أيها العالم المتحضّر، لم يعد ضمن قائمة مطالب السوريين وأطفالهم اليتامى، حتى خلال العيد.


دلالات