صِدام تونسي مُبكر بين حكومة الشاهد والإضرابات العمالية

صِدام تونسي مُبكر بين حكومة الشاهد والإضرابات العمالية

01 سبتمبر 2016
احتجاجات في قفصة جنوب تونس (فرانس برس)
+ الخط -
في الوقت الذي كان رئيس الحكومة التونسية الجديد، يوسف الشاهد، الذي تولى مهام منصبه الإثنين الماضي، يبحث عن حل لأزمة الفوسفات مع نواب البرلمان، جاء الرد سريعا بالإعلان عن توقف الإنتاج كليا في مدن الحوض المنجمي (جنوب البلاد)؛ بسبب اعتصام عاطلين من العمل.
وتعتبر عودة الاحتجاجات إلى مدن الحوض المنجمي التابعة لمحافظة قفصة، أول اختبار حقيقي لحكومة رئيس الوزراء الجديد، الذي تعهد الأسبوع الماضي، بالحسم والتصدي للإضرابات والاعتصامات غير القانونية.

وأدى خضوع السلطة منذ بداية الثورة إلى مطالب الشارع في منطقة الحوض المنجمي، إلى دخولها في دائرة مغلقة يصعب الخروج منها، خصوصا أن الاستجابة لكل مطالب التشغيل تعد أمرا شبه مستحيل، وفق مسؤولين من شركة فوسفات قفصة، نظرا لمحدودية إمكانات المؤسسة وفقدانها لجزء كبير من مواردها.
وقال النائب في البرلمان عن محافظة "قفصة" المنتجة للفوسفات، عدنان الحاجي، لـ "العربي الجديد"، إن أزمة الفوسفات أعمق بكثير من الحلول التي تطرحها الحكومة، قائلا إن: "الغضب بلغ مداه في الجهة بسبب التجاهل التام من قبل كل الحكومات، لمطالب الأهالي الحقيقية".



ويرى الحاجي، أن من غير المقبول أن تقف محافظة الفوسفات في أدنى سلم التنمية، في الوقت الذي تنعم جهات أخرى بالعائدات.
وقال الحاجي: "في قفصة نعيش أيامنا بلعنة الفوسفات، نشرب ماء ملوثا وتربتنا ملوثة وهواؤنا ملوث، ونعاني من الأمراض، ويموت شبابنا قهرا وبطالة، ويفني العمال أعمارهم في أنفاق مظلمة لتوفير الإنتاج، أما آن للحكومة أن ترفع عنا هذا الظلم؟".

في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي مراد الحطاب، أن توقف إنتاج الفوسفات تماما، له تأثير يصل لمستوى الكارثة على الاقتصاد، وكذا على صورة تونس إزاء دائنيها.
وأكد الحطاب لـ "العربي الجديد" أن حصول تونس على أقساط القروض التي وعد بها كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، متوقف على مؤشرات تحسن نسب النمو، غير أن تراجع عائدات الفوسفات وتوقف التصدير، يهدد بتراجع معدلات النمو.

وتعطيل الإنتاج في المناجم يجبر قطاعات أخرى على التوقف تماما عن النشاط، على غرار شركات النقل التي تؤمّن شحن الفوسفات إلى وحدات التكرير، فضلا عن تراجع أداء المجمع الكيميائي بقابس، وهو ما يجعل الخسارة مضاعفة، في الوقت الذي تكابد الحكومة من أجل تحصيل الواردات الكافية لسداد عجز الموازنة.
ويدرك المحتجون في مدن الحوض المنجمي، أن الفوسفات يمثل عصب الحياة للاقتصاد التونسي، مما جعلهم يرفعون سقف مطالبهم لإرغام الحكومة على الاستجابة لهم بتوفير فرص عمل وتنمية المنطقة التي حُرمت من الخدمات الحيوية لعقود مضت.

وعلى امتداد السنوات الخمس الماضية، قامت الحكومة بفتح ما يزيد عن 10 اختبارات عمل، لتوفير فرص عمل جديدة لأبناء الجهة المؤهلين، غير أن نتائج هذه الاختبارات لم تحل الإشكال، حيث كانت في كل مرة تتسبب في أعمال شغب بالمدينة وتعطيل الإنتاج، بسبب غضب العاطلين الذين لم تدرج أسماؤهم على قائمة المقبولين، فيما سجل عدد عمال الشركة ارتفاعا من 5 آلاف سنة 2007 إلى نحو 30 ألفا حاليا.
وفي يوليو/تموز الماضي، أطلق مسؤولون بشركة الفوسفات الحكومية تحذيرات من إغلاق شركتهم بسبب تواصل الاحتجاجات العمالية التي تعيق استخراج الفوسفات من المناجم، ونقله إلى وحدات التكرير.

وقال المدير المركزي للشركة شريف بلحسن، إن الشركة لم تحقق سوى 40% من حجم توقعات الإنتاج لسنة 2016 المقدر بـ6.5 ملايين طن مع استمرار تعطل الإنتاج في مناجم المظيلة والرديف وأم العرايس، باستثناء المتلوي.
ويطالب نواب البرلمان بجهة قفصة بتخصيص 20% من عائدات الشركة لصندوق تنمية المحافظة مؤكدين أن تمتيع المحافظة بنسبة من ريع الفوسفات سيمكن من إحداث تنمية وتحسين البنى التحتية فضلا عن إحداث مواطن شغل جديدة.

وأبقت وكالة ''فيتش" للتصنيف الائتماني أمس الأول، التصنيف الائتماني لتونس عند " ب ب سلبي"، مع آفاق سلبية.
وفسرت الوكالة تثبيتها لنفس التصنيف المتأخر، بارتفاع حجم الدين الخارجي لتونس مقابل ضعف النمو الاقتصادي في سياق يتسم بالمخاطر الأمنية، مع تراجع الأداء السياحي وتقلص الإنتاج الزراعي خلال هذا الموسم.

وأنتجت تونس نحو 1.86 مليون طن من الفوسفات خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي. وبلغ الإنتاج خلال السنة الماضية 4 ملايين طن بعد أن كان في حدود 8.26 ملايين طن في 2010، وفق بيانات رسمية.



دلالات

المساهمون