الجزائر تمدد المصالحة الضريبية عاماً

الجزائر تمدد المصالحة الضريبية عاماً

26 اغسطس 2016
رئيس الحكومة الجزائرية، عبد المالك سلال (Getty)
+ الخط -
تتجه الحكومة الجزائرية نحو تمديد المصالحة الضريبية التي أطلقتها قبل سنة تحت مسمى "الامتثال الضريبي الطوعي"، من أجل استقطاب المزيد من الأموال المتداولة في الاقتصاد الموازي.
وأكد مسؤول الشؤون القانونية والتشريعات في وزارة المالية، عبد القادر تاج الدين، لـ"العربي الجديد"، أن تمديد فترة الامتثال الضريبي الطوعي، المقرر نهايته في 31 ديسمبر/كانون الأول، سيكون لمدة سنة أخرى، أي إلى نهاية 2017، وذلك للسماح لأكبر قدرٍ ممكن من الأموال المتداولة في السوق السوداء أن تدخل في المسار البنكي الرسمي. ولفت نفس المتحدث إلى أن عدد الأشخاص الذين اندمجوا في النظام المصرفي في الـ12 شهرا الماضية لم يتعد 250 ملفا، وهو رقم ضئيل، مقارنة مع ما كان ينتظر تحقيقه.
وكانت الحكومة الجزائرية قد أقرت، منتصف أغسطس/آب 2015، مصالحة ضريبية، تسعى من خلالها إلى استقطاب بين 10 و15% من الأموال المتداولة في السوق الموازية، التي تمثل بدورها 26% من الكتلة النقدية المتداولة في الجزائر.
وكان بنك الجزائر المركزي، قد قدّر حجم الكتلة النقدية المتداولة في الاقتصاد الموازي بنحو 3.5 تريليونات دينار (31 مليار دولار)، ويترتب على هذه العملية دفع ضريبة جزافية تقدر بنحو 7% على أصحاب رؤوس الأموال غير المُصرح بها والراغبين في تحويل رؤوس أموالهم نحو البنوك، شرط أن تكون هذه الأموال في الأصل من مصدر مشروع، ولا ترتبط بأي فعل يجرّمه قانون العقوبات، والتشريع المنظم لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
ومنذ اليوم الأول لإطلاقها رسمياً، توقع الخبراء فشل هذه الخطوة، وذلك لغموض الإجراءات التي تتم بها عملية إدخال رؤوس الأموال، ونقص الضمانات فيما يتعلق بعدم المتابعة والتحقيق حول مصدر هذه الأموال.
ويقول أستاذ الاقتصاد النقدي في جامعة الجزائر، محمد غويني، إن الجزائر، وفي ظل تراجع مداخيلها، كانت أمام خيارين، إما الاستدانة الخارجية أو امتصاص كل الموارد المالية الموجودة في الداخل، خاصة تلك المتشعبة في الاقتصاد الموازي، من خلال إقرار مصالحة ضريبية شاملة ودون قيود أو من خلال إطلاق عملية استدانة داخلية، عبر طرح سندات دين محلي.

وأضاف غويني لـ"العربي الجديد" أن الحكومة راهنت في البداية على "مصالحة ضريبية هجينة" على الطريقة الجزائرية، مستنسخة من التجربة الإيطالية التي تمت في سنتي 2002 و2009، إلا أن المخاوف كانت ولا تزال تُحوم حول الطريقة المعتمدة.
وتابع أن هذه الطريقة ذات وجهين سلبيين، إذ لا يمكن أن تستقبل الحكومة أموالا كبيرة دون السؤال "من أين لك هذا"، ولا يُعقل أن تطلب من أصحاب رؤوس الأموال أن يتقدموا إلى شبابيك البنوك من دون تقديم ضمانات كافية، إذا كانت لدى الحكومة الجزائرية نية في القضاء على الاقتصاد الموازي.
وخلص غويني إلى القول "إننا أمام مصالحة ضريبية عرجاء لا تغري الوجوه الفاعلة في الاقتصاد الموازي على الاندماج في الاقتصاد الرسمي، ولن تقدم عملية تمديدها الجديد من الأرقام".
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي جمال نور الدين أنه "يجب على الحكومة أن تبحث في أسباب عزوف أصحاب المال عن وضع أموالهم في البنوك، وإعادة مراجعة المنظومة الضريبية التي يراها الكثير مبالغا فيها ولا تتماشى مع الخدمات الحكومية".
وأضاف نور الدين لـ"العربي الجديد"، أن "مشكلة فقدان الثقة بين المواطن والبنوك لا تزال قائمة وتقف كعقبة، في ظل البيروقراطية الكبيرة التي تميز التعاملات البنكية في الجزائر، وكذا غياب الضمانات المصرفية".
وفي ظل عجز الحكومة الجزائرية عن محاربة الاقتصاد الموازي، بعد عزوف الناشطين فيه عن الانخراط في مسار "المصالحة الضريبية" ثم في اقتناء سندات دين داخلية التي أطلقتها الحكومة الجزائرية مطلع أبريل/نسيان الماضي، كآلية ثانية تساعد على امتصاص أموال الاقتصاد الموازي، تعالت بعض الأصوات التي تنادي بضرورة اتخاذ قرارات راديكالية للحد من توسع الاقتصاد الموازي.
وفي السياق، يقترح علي بن واري، وزير الخزينة العمومية الأسبق، ومدير بنك "سوسييتي جنرال" في سويسرا، أن تتجه الحكومة الجزائرية نحو إقرار إجراء مصيري هو "تغيير العملة المحلية"، أي الدينار، حتى يجد أصحاب رؤوس الأموال غير المُصرح بها، أنفسهم أمام حتمية إدخال تلك الأموال إلى البنوك حتى لا يخسرون كل شيء. ويضيف المتحدث نفسه أنه "لا يمكن أن نجد حلولا سياسية لمشاكل اقتصادية، ولا أن نحارب الاقتصاد الموازي بالنوايا الحسنة".