الكهرباء... سلاح إسرائيل لضرب الاقتصاد الفلسطيني

الكهرباء... سلاح إسرائيل لضرب الاقتصاد الفلسطيني

14 اغسطس 2016
اللجوء إلى المولدات الخيار الأخير للفلسطينيين
+ الخط -


تواجه المحافظات الفلسطينية في الضفة الغربية، أزمة كهرباء ناتجة عن رفض "شركة كهرباء إسرائيل" زيادة الأحمال على الخطوط المغذية للتجمعات الفلسطينية، بينما يزداد الضغط على الاستهلاك الناتج عن ارتفاع درجات الحرارة، ما أدى إلى انقطاع التيار لفترات متفاوتة.
وشهدت الأيام الأخيرة احتجاجات شعبية في جنين، وطولكرم، وطوباس، شمال الضفة، احتجاجا على انقطاع التيار عن المنازل والمحال التجارية، وسط اتهامات لشركات توزيع الكهرباء والبلديات بسوء إدارة الأزمة. وطالب المحتجون برحيل رؤساء بلديات، فيما حاول آخرون مهاجمة مقرات لشركات الكهرباء المحلية.

ومن شأن الأزمة الجديدة زيادة الضغوط على الاقتصاد الفلسطيني بعد توقف شركة كهرباء القدس، صاحبة الامتياز، وسط الضفة الغربية، عن ربط منشآت ومشروعات عقارية جديدة بالضفة بشبكة الكهرباء، في حين تعاني بعض المصانع في مدينة نابلس من واقع مشابه.
وتحتكر "شركة كهرباء إسرائيل" إنتاج الطاقة الكهربائية المغذية للضفة الغربية المحتلة، وتتولى شركات فلسطينية وبلديات، توزيع التيار على المنازل والمصالح الاقتصادية، وينفذ الفلسطينيون حالياً مشروعا طموحا لإنتاج 130 ميغاواط من مصادر الطاقة المتجددة خلال 5 سنوات، ما يعادل 5% من حجم الاستهلاك، إلا أن ذلك لن يؤدي، حسب خبراء، إلى كسر احتكار إسرائيل لقطاع الطاقة الفلسطيني.

وفي محاولة لإيجاد مخارج للأزمة وامتصاص الاحتقان في الشارع، أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمد الله، أن حكومته تبذل جهوداً من أجل حل أزمة الكهرباء، وأوعز إلى سلطة الطاقة الفلسطينية بتوفير مولدات كهربائية في منطقة جنين، شمال الضفة، للمساهمة في سد نقص الطاقة هناك.
وكان اللجوء إلى المولدات الخيار الأخير، في ظل عدم توفر بدائل لنقص الطاقة، رغم كونه بديلا مرتفع الكلفة، بحسب مدير شركة كهرباء الشمال (صاحبة الامتياز في شمال الضفة الغربية)، أسعد سوالمة.


سوالمة أكد أن إنتاج الكيلوواط الواحد من الكهرباء بواسطة المولدات تعادل كلفته ما بين 3 و5 أضعاف شرائه من شركة كهرباء إسرائيل.
ويقول سوالمة إن "النقص في الطاقة يراوح بين 20% و40% من إجمالي حجم الطلب، ويتفاوت ذلك من محافظة إلى أخرى"، مشيرا إلى أن الشركة الإسرائيلية ظلت تتذرع بالديون المتراكمة على الجانب الفلسطيني، ما اضطر شركة كهرباء الشمال إلى الحصول على قرض مصرفي لتسديد كافة الديون المترتبة عليها من أجل زيادة الأحمال على شبكاتها، إلا أن الشركة الإسرائيلية نكثت بوعودها.
وأوضح أن نقص الطاقة يحول دون ربط أكبر مصنع للأدوية أقيم حديثا بنابلس بالتيار الكهربائي، الأمر الذي يحول دون تشغيل المصنع رغم اكتمال بنائه.

ابتزاز إسرائيلي

وفي تطور لاحق، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها لن تستخدم صلاحياتها لدى "شركة كهرباء إسرائيل" في حال عادت الأخيرة إلى سياسة قطع التيار عن محافظات فلسطينية في الضفة بدعوى تراكم الديون، وجاء هذا الموقف لدى رد الحكومة الإسرائيلية على دعوى تقدم بها الفلسطينيون إلى المحكمة العليا الإسرائيلية ضد قرار قطع التيار عن الضفة، ولم تصدر المحكمة قرارها بعد.
وكانت شركة كهرباء إسرائيل قطعت بالفعل التيار الكهربائي لفترات متفاوتة عن عدد من المحافظات الفلسطينية بذريعة تراكم الديون، قبل أن تعلق هذا الإجراء مؤقتا، في حين توجهت السلطة الفلسطينية إلى المحكمة العليا الإسرائيلية لوقف هذه الخطوات.

وتبلغ فاتورة استهلاك الفلسطينيين من الكهرباء سنوياً قرابة 600 مليون دولار، وتقول الشركة الإسرائيلية إن "ديونها المتراكمة على شركات التوزيع والبلديات في الضفة تقترب من مليار دولار".
ورغم كون التعنت الإسرائيلي برفض زيادة الأحمال الكهربائية على الشبكة المغذية للمدن الفلسطينية، السبب الأساس في أزمة الكهرباء، تتعرض شركات التوزيع والبلديات الفلسطينية لاتهامات بسوء إدارة المتاح من التيار.

وربط مراقبون بين تأجيج الأزمة والصراع الدائر بين أطراف متعددة، على خلفية الانتخابات المحلية للبلديات والمجالس القروية المقررة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويرى نائب رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية، ظافر ملحم، أن الحل لتحييد موضوع الكهرباء عن التنافس بين أطراف النفوذ المختلفة يكمن في أن تتولى شركات متخصصة عملية التوزيع، انطلاقا من معايير مهنية بحتة بعيدا عن التجاذبات والمصالح الانتخابية.
لكن بعض البلديات ترفض تسليم قطاع الكهرباء لشركات خاصة، خشية خسارة مصدر أساسي للدخل يأتي من هامش الأرباح من فواتير الكهرباء.



المساهمون